
مكة – خاص
بعد 14 عامًا من الحرب الأهلية السورية التي أزهقت أرواح أكثر من 600 ألف شخص، ودمرت الاقتصاد، وأجبرت 13.6 مليون سوري على النزوح، تلوح في الأفق محاولات لإعادة البناء، وسط تساؤلات حول دور النفط كرافد اقتصادي محتمل، في ظل تحوّلات سياسية غير مسبوقة بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
اقتصاد منهار وعقوبات قاسية
شهد الاقتصاد السوري انهيارًا بنسبة 70% منذ 2011، مع فرض عقوبات دولية، أبرزها “قانون قيصر” الأمريكي (2020)، الذي حاصر النظام السابق. تراجع إنتاج النفط – مصدر الدخل الرئيسي – من 400 ألف برميل يوميًا عام 2010 إلى نحو 30 ألفًا، ما تسبب في أزمة طاقة خانقة. ورغم محاولات النظام تعويض النقص عبر الاستيراد من إيران، إلا أن توقفها بعد سقوطه عمّق الأزمة.
النفط.. بين إعادة الإعمار وتحديات التمزق
رغم الدمار، تحتفظ سوريا باحتياطيات نفطية تقدر بـ2.5 مليار برميل. وبعد استعادة “قوات سوريا الديمقراطية” السيطرة على حقول الشمال الشرقي من داعش (2017)، أُدرجت هذه المناطق ضمن اتفاقيات مع الحكومة المؤقتة، ما أعاد الأمل بإنعاش القطاع. لكن إعادة الإنتاج تتطلب استثمارات ضخمة لإصلاح البنية التحتية المدمرة، في ظل استمرار معظم العقوبات الغربية.
عودة اللاجئين.. أملٌ معلّق على الاستقرار
أشعل سقوط الأسد موجة عودة للاجئين، خاصة من تركيا (3 ملايين) ولبنان (770 ألفًا)، حيث تفاقمت ظروفهم المعيشية. لكن عملية العودة تواجه تحديات أمنية بسبب سيطرة فصائل متصارعة، أبرزها “هيئة تحرير الشام” بقيادة أبو محمد الجولاني، ما يثير مخاوف من استمرار العنف.
إحصاءات مروعة.. جرائم النظام تتصدر
كشفت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن 87% من ضحايا الحرب (230 ألف مدني) قُتلوا على يد قوات النظام والميليشيات الإيرانية، بينهم 30 ألف طفل. وسُجلت 222 هجومًا كيميائيًا، 217 منها نفذها النظام. كما لقي 15334 مدنيًا حتفهم تحت التعذيب.
مستقبل غامض.. ودور إقليمي
رغم تخفيف بعض العقوبات مؤخرًا، تبقى الإرادة السياسية الدولية حاسمة. وتحذر “المفوضية السامية للاجئين” من أن العودة الآمنة تتطلب انتقالًا سلميًا واحترام حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، يُنظر إلى تركيا كلاعب رئيسي في دعم إعادة الإعمار، خاصة في قطاع الطاقة.
بين أمل السوريين بمستقبل أفضل، وواقع التمزق السياسي والاقتصادي، تبقى سوريا أمام مفترق طرق: إما أن يُصبح النفط شريانًا للانتعاش، أو يُتحول إلى وقود لصراعات جديدة.