اقتصادالمقالات

“هيوماين”: خطوة سعودية جريئة نحو ريادة الذكاء الاصطناعي العالمي

✍️جمعان البشيري

في لحظة تعكس طموح المملكة العربية السعودية للتحول إلى مركز عالمي في مجال التقنية والابتكار، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، عن إطلاق شركة “هيوماين” (Humain)، الشركة الوطنية الجديدة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، والتابعة لصندوق الاستثمارات العامة.

تأتي هذه الخطوة الاستراتيجية في سياق رؤية السعودية 2030، التي وضعت التحول الرقمي والابتكار على رأس أولوياتها، إدراكًا منها أن القوة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين لن تكون فقط في الموارد الطبيعية، بل في القدرات التقنية والمعرفية، وفي الريادة في ميادين الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة.

لطالما كانت المملكة قوة اقتصادية إقليمية، غير أن التحولات التي شهدتها في السنوات الأخيرة جعلتها تتطلع إلى ما هو أبعد من كونها سوقًا استهلاكيًا للتكنولوجيا. واليوم، ومع إطلاق “هيوماين”، تؤكد السعودية عزمها على التحول إلى مُنتج ومصدر للمعرفة، ومبتكر للحلول الرقمية المتقدمة؛ وهذا يؤكد التحول الكبير للسعودية… من مستهلك للتقنية إلى صانع لها.!

ولعل من أبرز مهام “هيوماين” تطوير أحد أفضل النماذج اللغوية الكبيرة (LLM) باللغة العربية، وهو مشروع يمثل نقلة نوعية في تمكين اللغة العربية من دخول عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويعزز من الحضور الثقافي واللغوي العربي في الساحة التقنية العالمية.

كما تهدف الشركة إلى بناء مراكز بيانات متطورة، وتوفير بنية تحتية رقمية تخدم مختلف القطاعات الاستراتيجية، من الطاقة إلى الرعاية الصحية والصناعة والخدمات المالية، ما يعزز من قدرة الاقتصاد الوطني على مواكبة التحولات الرقمية الكبرى.

يجد من استمع إلى تصريح ولي العهد: ان المملكة تمشي بخطوات ثابته في مجال التحول الرقمي وتعزيز الأقتصاد المعرفي، لتمكين لذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان والمستقبل؛ حيث قال سمو ولي العهد بمناسبة إطلاق شركة “هيوماين “:

“نهدف من خلال “هيوماين “إلى تسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتمكين المملكة من أن تكون مركزًا عالميًا للابتكار التقني والمعرفي، وذلك بما ينسجم مع أهداف رؤية 2030 في التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد المعرفي.”

هذا التصريح لا يعكس فقط البعد الاستراتيجي لإطلاق الشركة، بل يكشف أيضًا عن نظرة إنسانية وواقعية للذكاء الاصطناعي، كأداة لخدمة الإنسان ورفع جودة حياته، لا مجرد توجه تقني عابر.

تسعى المملكة من خلال مبادراتها المتواصلة إلى ترسيخ موقعها كمحور تقني إقليمي يقود الابتكار في الشرق الأوسط. وهذا يعكس بلا شك الدور الإقليمي والعالمي للمملكة في مجال التقنية؛ فإطلاق “هيوماين” ليس فقط خطوة وطنية، بل رسالة إلى العالم بأن السعودية باتت حاضنة حقيقية للتقنية، ومركزًا لتطوير الحلول التي تواجه تحديات الغد.

كما تشكل هذه المبادرة أحد أوجه القوة الناعمة الجديدة للمملكة، والتي تعتمد على التكنولوجيا والمعرفة كوسائل للتأثير والنمو، وتضعها في قلب المعادلة الاقتصادية الدولية الجديدة.

ختامًا: إن تأسيس “هيوماين” لا يمكن النظر إليه كحدث منفصل، بل كجزء من مشروع وطني أوسع يقوده ولي العهد بكل عزم، هدفه إعادة تشكيل ملامح الاقتصاد السعودي، وبناء جيل جديد من الشركات التي تقود المستقبل بدلًا من الاكتفاء بمواكبته.

همسة:

في زمن تتنافس فيه الدول على امتلاك ناصية الذكاء الاصطناعي، تثبت السعودية مجددًا أنها لا تنتظر الغد، بل تصنعه.

جمعان البشيري

محرر صحفي - جدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى