المقالات

(مُؤهل)… مُستهل فرح!

لم يكن ظهور كلمة “مؤهل” عبر تطبيق نسك أمرًا عاديًّا، خاصة حينما تقرؤه عينان تاقت شوقًا، وحاولت لسنوات دون أن تتحقق تلك الرغبة. ما بين فرحة وتوتر وعصف أفكار مفاجئ، إلا أن شعور الجذل كان طاغيًا ليخفي كل شعورٍ آخر تحت دثاره. لم يكن الجذل كذلك هادئًا، بل فتح بوابة أسئلة وأفكار لما بعد تلك الكلمة. هنا نقطة البداية، بدأت تتشكل ملامح رحلة ما قبل أن تطأ القدمانِ أرض مكة والمشاعر، وكيف ستكون أيام الحج الخمس أو الست، وكيف سأكون قبلها وبعدها.

مؤهل، مبتدأ قصة الفرح، ليست قصة المشقة، وأداء عبادة جسدية فقط، بل هي قصة روح علقت أمانيها، ورتبتها في قلبها وعقلها بيقين يثق بتحقيق الأماني مهما طال تحقيقها، ثقة ترسو على قاعدة أمانها التوقيت المناسب المخفي في علم عالم الغيب الشهادة.

مؤهل، مبتدأ قصة بياضٍ مستوحاةٌ من بياض لباسِ الإحرام، إلى بياض بلاط الحرم، إلى بياض السرور والنور الذي يكسو محيا كل من حج قلبه قبل جسده، وتنعمت روحه بروحانية الحج ومشاعره، واستلذ بوقوفه الطويل، وتخدر يديه المرفوعتان حبا وشوقًا ورجاءً لما عند الله، وأشرقت روحه فرحًا حينما يعانق بصره بياض مخيمات منى لأول مرة، بل حتى ذاك الذي أدركه كرم الله الواسع، فكرر الحج مراتٍ لا تعد بسعدٍ يتكرر كل مرة، بل يزيد.

مؤهل، يحن الله قلبُ من ذاق حلاوتها عامًا، وعاد إلى دياره بقلبٍ مفقود، متروك في عناية الله ما بين الكعبة والمشاعر، حتى غادرها بقدمين ثقيلتين، فغادر جسدًا دون روح، وتمتمات الدعاء ألا يكون هذا آخر العهد بالبيت والمشاعر عامًا بعد عام.

مؤهل، هي أول ما التمع أمام عين الذاكرة، وفرت منه دمعة الشوق، حينما سمعت سؤالًا من صديقة: كيف حال قلبك والعشر قد هلَّت؟ لأكتفي بردِّي: كحال قلبك! وأنا أعلم أنها قد أصابها ما أصابني، من شوق لسكينة الحج ولروحانيته.

مؤهل، محصَّن، ميسَّر، مجهَّز، مؤمَّن، هذه الميمات الخمس تختصر قصة رحلة الحاج -بفضل الله- متى ما أَذن الله له بالحج وتيسرت أسبابه، وتحققت فيه الاستطاعة والقدرة على أدائه؛ فكل ما وراء ذلك متيسر من سهولة إجراءات، وانسيابية تحضيرات، وسلاسة تفويج، وضمانٍ -بعد الله- لكل ما يضمن رحلة حجٍّ بلا مشقة.

مؤهل، كلمةٌ سرَّت القلب عامًا، ولها يتوق القلب كل عام، وشعور الغبطة يرافق الراحلين إلى مِنَى من كل حدبٍ وصوب؛ فهنيئًا، هنيئًا بموعود الله لمن حج قلبه وحجت جوارحه، وعاد من حجه كيوم ولدته أمه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ماشاءالله كلمات تلامس القلب ( لا فوضَ فوك ) 👍🏼 سلمت أناملك والله يحفظك ويزيدك من فضله وكرمه 🤍🤍

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى