الحج عرفة، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلًا مرةً في العمر، قال الله سبحانه: “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا”.
وقد أحسنت المملكة حينما حددت نسبًا معينة لحجاج الدول الإسلامية الأخرى، من أجل تمكين أكبر عدد ممكن من المسلمين من أداء فريضة الحج، بل وأحسنت أيضًا حينما اشترطت مضي خمس سنوات على من أراد تكرار الحج، خاصة بالنسبة لبلادنا والدول ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
وأحسنت حينما فرضت وجود حملات حج مرخصة تتولى أمور حجاجها وتكون مسؤولة عنهم من لحظة مغادرتهم بلدانهم، وحتى عودتهم بعد أداء مناسكهم. ولا شك أن هذه الإجراءات جاءت بالتنسيق مع الدول الإسلامية عبر مندوبيها وممثليها، في سبيل تمكين المزيد من المسلمين حول العالم من أداء هذه الفريضة العظيمة.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة، فإن الحج لا يخلو من المتاعب مهما تطورت الإمكانات، لكن المملكة – أعزها الله بحكومتها وأجهزتها – أثبتت عامًا بعد عام قدرتها الفائقة على التنظيم والتطوير. فمنذ بدء وصول الحجاج من كل فج عميق برًا وبحرًا وجوًا، والجهات المختصة تعمل بلا توقف لخدمتهم. فالمطارات لا تهدأ لحظة في استقبالهم، ومن هناك يحملهم القطار حتى قرب الحرم، بينما تتكامل جهود رئاسة شؤون الحرمين، ووزارات الداخلية، والصحة، والدفاع، والحرس الوطني، وغيرها من الجهات، في منظومة عمل موحّدة تحت إشراف ومتابعة مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله.
ومما يُذكر أن التحضير لموسم الحج الجديد يبدأ مباشرة بعد انتهاء الموسم السابق، كما أشار صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.
لقد عاد الحجاج إلى أوطانهم سالمين غانمين بعد أداء المناسك بكل يسر وسهولة، وذلك بفضل التنظيم المحكم، والتزام الحجاج بالتعليمات، والتعاون الكبير بين الجهات المعنية، مما جعل حج هذا العام 1446هـ نموذجًا في الانضباط والنجاح.
كما أن جهود التوسعة المستمرة للحرم المكي منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله – وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله -، تؤكد أن المملكة ماضية في خدمة الحرمين الشريفين بلا توقف، حتى يشاء الله.
وفي الختام، فإن التسهيلات التي توفرها الدولة لحجاج بيت الله الحرام متاحة في كل مكان وزمان، ليلاً ونهارًا، تأكيدًا على رسالتها وواجبها تجاه ضيوف الرحمن.
نسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم، وأن يعيدهم إلى أوطانهم سالمين، وأن يجزي حكومة المملكة خير الجزاء على ما تبذله من جهود عظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين.
والحمد لله رب العالمين.