لقد قفزت وزارة التعليم في الآونة الأخيرة قفزات جريئة للارتقاء بالعملية التعليمية والتعلمية، وبما يسهم في تجويد النتائج، وهو ما انعكس على التقدمية العالية في التطوير والابتكار، مما أسهم في حصد العديد من الجوائز العالمية بصورة تنافسية غير مسبوقة؛ بأرقامٍ قياسية على مستوى العالم، بفضل الله- تعالى- ثم الحرص والدعم والتشجيع من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين الذين يولون التعليم اهتماماً خاصاً؛ كونه القاعدة التي تنمو من خلالها قطاعات الدولة عامة، ومن ذلك توظيف التقنية الحديثة في عدد من البرامج الموجهة حضورياً أو عن بعد، سواء ما يتعلق بالتعلم أو التدريب، أو لضبط الحضور والإنصراف للعاملين والطلاب على حدٍ سواء، ولكون الاختبارات إحدى وسائل التقويم المتنوعة، بل تعد المحك للحكم على مستوى تقدم الطالب وانتقاله من صف لأعلى، مما يجعل اعتماد (الاختبارات المركزية) لصفوف ومراحل التعليم العام بمختلف مستوياتها ضروريًا- سيما بعد إغلاق مكاتب الإشراف وتقليص أعداد إدارات التعليم- وذلك لتوحيد الإجراءات؛ آداءً وتنفيذاً وتصحيحاً، لتكون عاملاً مساعدا على دفع العملية التعليمية نحو المزيد من الدينامية الفاعلية؛ التي تشحن الطالب بهمة ودافعية؛ تنقله لتنافسية وطنية على مستوى واسع، بدلا من أن تكون في نطاق ضيق لا تتجاوز حدود الصف أو المدرسة، الأمر الذي يتوخى منه تحقيق العديد من الفوائد والعوائد القيمة؛ والتي منها:
• ضمان إتمام المناهج بالصورة الكاملة لتوقع شمول الأسئلة لكل جزئيات المنهج الدراسي دون استثناء.
• القضاء على الملخصات التي تقلص حجم المقرر لصفحات معدودة، الأمر الذي يفقد المادة إثرائها وقيمتها التعليمية، مما ينعكس على الحصيلة العلمية والعملية والمستوى العام التحصيلي.
• تسهم في ضبط الحضور بصورة يومية منتظمة برغبة ذاتية من الطالب، مما يحد من الغياب إلا لأمر قاهر، وذلك بدافع الحرص على استيفاء كل المعلومات ولجميع الدروس وعدم تفويت أيٍ منها، والتي قد تكون إحدى فقرات الأسئلة لاختبار معمم لا يمكن التنبؤ به!
• ستغذي الطالب منذ نشأته الأولى بوعي وإدراك مكين بقيمة التعلم، وأهمية التقويم كتقدير للجهد المبذول، وكنوع من التحفيز والدافعية لبذل المزيد.
• ستسهم في تغيير الكثير من المفاهيم المغلوطة التي تولدت عن التقويم المستمر والتي فرغت التقويم من قيمته الحقيقة، ليترآى للكثير أن النجاح ما هو إلا ترفيع آلي، وأن إجراء الاختبارات صوري؛ تتم كتحصيل حاصل؛ لا يعتد بها.
• ستسهم في رفع الحرج عن المعلمين عندما لا يحقق الطالب المهارات أو الدرجات المطلوبة للنجاح، بكون التقييم والتصحيح خارجي لا يد له فيه.
• ستعزز علاقة الطالب بالمعلم، إذ سيصبح ناصحاً ومعيناً وموجهاً ومرشدا للاستعداد لتقييم خارجي، لا كسلطة حكم على نجاح الطالب أو إخفاقه، وهذا ما يوطد العلاقة ويجعله أكثر قبولا وتأثيراً.
• ستسهم الاختبارات المركزية في رفع مستوى المسؤولية لدى المعلم والمتعلم، كونها تضع الجميع أمام محكٍ صارم يحدد مستوى الجهد والحرص كتقييم ذكي عادل لا يجامل.
• سترفع أيضا حس المسؤولية المجتمعية لدى الأسر؛ لدعم وتشجيع الأبناء على الحرص والمواظبة، والقيام بالدور المطلوب منهم في المتابعة الحثيثة للطالب لا كتساب المهارات والمعارف اللازمة.
• ستجعل من المدارس خلية نحل لا تهدأ، في تنافسية شريفة محتدمة؛ كمسابقات ثقافية أو دروس إثرائية- في سباق مع الزمن- لمزيدٍ من الشرح والتفسير والتحليل لإتقان المادة والإلمام بدقائقها وجوانبها المختلفة.
• رفع جودة التعليم لتركيزه على القدرات العليا؛ التفسير والتحليل والحلول الإبداعية، بدلاً من الحفظ والاستظهار أو النقل والمحاكاة والتي تتبع النمط التقليدي الجامد بحدود الزمان والمكان، وذلك عندما يراعى في إعداد الأسئلة العمق والفهم والتحليل والتنوع وحل المشكلات؛ وليست نسخاً مكرورة من أسئلة الكتاب المدرسي.
• تحقيق العدالة والقضاء على التفاوت الحاصل بين منطقة وأخرى أو مدرسة وأخرى؛ حكومية أو أهلية، سواء في نوعية الأسئلة أو مستواها أو حتى في رصيد الدرجات البنائي أو التراكمي الذي يبنى عليه احتساب معدل الشهادات، سيما الثانوية العامة الذي يعد إحدى مؤشرات المفاضلة التي يحسم بموجبها القبول من عدمه في الجامعات والكليات العسكرية والمدنية، إذ أن توحيد الإجراء على مستوى الوزارة- كما كان سابقاً- يسهم في توزيع الفرص بصورة أكثر موثوقية ودقة وموضوعية.
• ستثري الطالب بكم كافٍ من المعارف والمهارات التراكمية التي ستجعل من (اختبارات قياس) أمراً مألوفاً ومعتاداً.
• ستزرع في الطالب شغفا بالقراءة بصورة ديناميكية عندما يتعود صحبة الكتاب وملازمة القراءة والاستذكار؛ استعداداً مبكراً- منذ الأيام الأولى- للاختبارات المنتظرة نهاية كل فصل دراسي.
• ستعزز الشعور بالانتماء الوطني كونها صادرة من الجهة العليا المسؤولة عن التعليم، وبكونها موحدة لجميع مناطق المملكة مما يجعل الاختبارات مناسبة وطنية شاملة تعم أرجاء الوطن.
• ستأخذ بعداً أكثر عمقاً، وأوسع نطاقاً في نفس الطالب، إذ ستكون الفرحة مضاعفة بتحقيق التفوق أو حتى النجاح، بكونها عامة، تتجاوز الحدود المؤطرة بسور المدرسة إلى أن تكون وطنية شاملة.
• ستسهم في جعل بحث الطالب على الشبكة العنكبوتية موجهاً ومركزاً على البحث عما يريده تحديدا أو فيما يفيد ويثري معلوماته ويوسع مداركه في معلومة ذات صلة بالمادة العلمية، أو تخصصية في هواية أو موهبة معينة، لينشأ لديه حب البحث والاستقصاء بفعالية ووعي تام.
• ستساعد في ملء فراغ الطالب وردم فجوة الخواء الذي يحصل بسبب الجفوة بين الفرد- بصفة عامة- وبين القراءة والاطلاع، كسطحية تهدد أفكاره بالضحالة والجهل أو الانسياق وراء كل محتوى هابط أو مغرض دون تبصّر أو قيادة ذاتية مدركة.
• سيسهم في ضبط سلوك المتعلم، إذ مداومة القراءة والحرص على الدراسة والمواظبة على التعلم يولد التزاماً وإتزاناً، وقدرة على التحكم في التصرفات دونما أندفاع غاشم، أو تهور غير مسؤول، إذ أن القراءة تكسب العديد من مهارات التواصل والتعامل التي تجعل الفرد أكثر عمقاً ورُقيّا.
• وبما أن الاختبارات المركزية تساهم بشكل فاعل في الانضباط الذاتي للطالب؛ فإن ذلك سينمي روح المسؤولية وإدارة الوقت، وهو ما سينعكس على الآداء المهني واحترام مواعيد العمل مستقبلا.
• وإذا ما أصبح الانضباط سمة تلازم الأفراد منذ نشأتهم الأولى فإن ذلك سيغرس كقيمة ذات أثر حياتي ينعكس كسلوك مدني يعزز انتاجية الأفراد وتعاونهم، وبالتالي استقرار المجتمع ونمائه وانتمائه.
• تساعد الاختبارات المركزية كلا من الوزارة وهيئة تقويم التعليم على التخطيط السليم وأجراء المراجعة لبعض القرارات، وكذلك المتابعة ونشر أحصائيات عامة أو مقارنة تظهر مستوى التقدم من عدمه، ومعرفة نقاط القوة والضعف للتعزيز أو المعالجة.
• ستغني الاختبارات المركزية عن الاختبارات المرحلية التشخيصية( نافس) أو غيرها، التي تجرى من قبل ( قياس) أو من وزارة التعليم مباشرة كقياس للناتج التعليمي أو التي يبنى عليها قرارات إنشائية أو تطويرية.
• إضاءة:
لن تحقق الاختبارات المركزية الفاعلية المرجوة مالم يكن التصحيح أيضاً مركزياً في مقرات تتوزع على مستوى المناطق أو المحافظات، لتحتفظ بذات القدر من الأهمية من حيث القيمة والمردود!
• ختاماً:
بما أن التعليم ضمن القطاعات المستهدفة بالتخصيص، فإن الاختبارات المركزية ستكون إحدى أدوات ضبط جودة التعليم وإتقان مخرجاته، بل ستكون عاملاً مساعداً وفاعلاً للوزارة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 والتي من أهدافها تجهيز الشباب للمشاركة الفعالة في الاقتصاد الوطني، كمحور أساس ومحرك في التنمية المستدامة.