جامعة الدول العربية هي، بواقع الحال، أقدم منظمة إقليمية حكومية. ويُقصد من لفظة “حكومية” في هذا السياق أن يكون أعضاء المنظمة من الدول حصراً، وتمثلها حكوماتها أمام هذه المنظمة، بخلاف المنظمة غير الحكومية، والتي تتكوّن من الأفراد أو المؤسسات.
والغرض من جامعة الدول العربية – كما جاء في ميثاقها – توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقًا للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها.
وقد تفرّدت هذه المنظمة الإقليمية العريقة بتقليدٍ يقتصر عليها دون غيرها، يتمثّل في أن يكون الأمين العام لها مصري الجنسية، بحكم استضافة جمهورية مصر العربية لمقر هذه المنظمة. ولم يُكسر هذا التقليد إلا بنقل مقر الجامعة إلى تونس بعد قرار القمة العربية المنعقدة في بغداد عام 1978م، والذي قضى بإنهاء عضوية جمهورية مصر العربية في الجامعة العربية، ونقل مقرّ الجامعة إلى جمهورية تونس، على خلفية توقيع الرئيس المصري الراحل أنور السادات اتفاقية السلام الشهيرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والمعروفة إعلاميًا بـ “اتفاقية كامب ديفيد”.
ومن وجهة نظر شخصية، فإن لديّ تحفّظًا على تسمية هذا التقليد بـ “العُرف”، وهو ما قصده مناصرو هذا التقليد لإضفاء الشرعية عليه، إذ إن التقليد لا يُعدّ عُرفًا إلا بتحقّق ثلاثة شروط، وهي: ثبوته كعرف، وعدم مخالفته للنصوص النظامية والقانونية، وأن يكون عامًا ومستقرًا.
وبتطبيق ما سبق بيانه على التقليد المتّبع في الجامعة العربية، نلحظ انتفاء الشرط الثالث لتحقّق العُرف، ذلك أن المنظمات النظيرة – أي المنظمات الحكومية الدولية – لم تقصر تعيين الأمين العام على جنسية الدولة المستضيفة.
فعلى سبيل المثال:
-
الأمين العام الحالي لمنظمة الأمم المتحدة هو معالي السيد أنطونيو غوتيريش، وهو برتغالي الجنسية، رغم أن الدولة المستضيفة للمنظمة هي الولايات المتحدة الأمريكية.
-
والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي هو معالي السيد حسين إبراهيم طه، وهو تشادي الجنسية، رغم أن المملكة العربية السعودية تستضيف مقر المنظمة.
-
وكذلك مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فأمينه العام الحالي هو معالي السيد جاسم بن محمد البديوي، وهو كويتي الجنسية، رغم أن الدولة المستضيفة لمقر المجلس هي المملكة العربية السعودية.
تدويل منصب الأمين العام مطلب قديم وحان الوقت لتفعيله وتمسك مصر به عجيب ولا أجد له سبب . وثمة منظمة كبرى تجاهلت ذكرها ومايجري بها من قبيل المعاملة بالمثل رغم التباين بالمنظمتين