المقالات

صوتٌ شعريٌّ عالميٌّ فريد

يعرف المهتمون بأن ناظم حكمت هو أشهر الشعراء الأتراك في القرن العشرين ….
وُلِد ناظم حكمت عام 1902 وظهرت موهبته الشعرية منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره وفي عمر الثامنة عشرة كان الناس يحفظون قصائده التحريضية ضد الاستعمار الغربي ونشر عددًا من الدواوين الشعرية في وقت مبكر …
ولما أنهى المرحلة الثانوية التحق بالأكاديمية البحرية التركية ولكنه انقطع عن الدراسة منذ السنة الأولى بالأكاديمية ثم سافر إلى روسيا بهدف دراسة اللغة الروسية ودراسة الاقتصاد لكنه اكتفى بتعلم اللغة الروسية وعاد إلى تركيا وبذلك يكون قد اكتفى بشهادة المرحلة الثانوية ….
أثناء وجود ناظم حكمت في روسيا تعرَّف على الشاعر الروسي الشهير ماياكوفسكي ونشأت بينهما معرفة عميقة وتأثر ناظم حكمت كثيرًا بشعر ماياكوفسكي …
يقول محمد الغزيا: ((ناظم حكمت شاعرٌ وقف بقامته الفرعاء أمام كل القوالب الجاهزة والقواعد الميتة معلنًا ميلاد قصيدة جديدة وهذا ما دفع ناظم حكمت إلى القول: إني لست وريث الثقافة التركية فقط بل وريث كل الثقافات الإنسانية)) ويقول الغزيا: ((لم ينقطع ناظم حكمت عن الكتابة طول حياته حتى أصبح شعره ضربًا من السيرة الذاتية نستطيع من خلاله أن نتعرَّف على كل مرحل حياته))
من أقوال ناظم حكمت: ((طالما أنك قد اخترتَ أن تكافح القذارة التي تغمر الوجود واصل الغناء فبالغناء وحده ستنتصر وتهزم الرجس والنجاسة والعذاب))
ومن أشعاره التي يجري تكرارها والاستشهاد بها على مستوى العالم: ((إن لم أحترق أنا/ وإن لم تحترق أنت/ وإن لم نحترق جميعًا فلا يمكن أن يحل الضياء محل الظلمات))
إن ناظم حكمت هو الشاعر الذي يبشر بأن الآتي سيكون أفضل من كل ما مضى فمن أقواله:
((أجمل البحار بحرٌ لم نذهب إليه بعدُ
وأجمل الأيام هو يومٌ لم نعشه بعدُ
وأجمل الأطفال هو طفلٌ لم يولد بعدُ
وأجمل ما أريد قوله لم أقله بعدُ ))
وتتضح قوة شاعريته وشدة تأثيره أن من يسمعه يلقي شعرَه يطرب لشعره حتى لو لم يكن يعرف اللغة التي يلقي بها شعره وكما يقول سمير عطا الله: ((من الذكريات التي لا تُنسى أنني حضرت أمسيةً شعريةً لناظم حكمت في الندوة اللبنانية كان ناظم حكمت يُلقي بالتركية وسعيد عقل يُتَرجِم إلى العربية لكن الناس لم تلتفت إلى الترجمة رغم جودة طريقة سعيد عقل في الإلقاء لقد بهَرَنا ناظم حكمت فكنا نعرف أنه يلقي شعرًا عظيمًا)) أدرك المستمعون روعة ما يقال رغم أنه يلقيه بلغةٍ لا يعرفونها …..
ناظم حكمت لم يتجاوز في التعليم النظامي المرحلة الثانوية لكنه محل أطروحات دكتوراه وماجستير في عدد من الجامعات الفرنسية والبريطانية والأمريكية والروسية ….
البروفيسور نديم غورسيل متخصصٌ في دراسة شعر ناظم حكمت وقد نال شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون بمقارنة شعر ناظم حكمت بشعر الشاعر الفرنسي الشهير لويس أراغون
كما أنه ظل يواصل الدراسات عن شعر ناظم حكمت ومن كتبه عنه كتابٌ يحمل عنوان (ناظم حكمت والأدب التركي الشعبي)
ويوصف الدكتور نديم بأنه روائي وناقد وكاتب قصة ومؤرخ ومولع بالشعر وهو متخصص في أعمال ناظم حكمت …..
بهذه المقالة القصيرة لست أريد التعريف بالشاعر التركي الكبير ناظم حكمت وإنما هذه كلمة للتذكير فقط فنحن أمام مبدع عالمي صار إبداعه موضوعًا لأطروحات أكاديمية في جامعات عالمية مع أنه لم يتجاوز في التعليم النظامي المرحلة الثانوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى