لم يكن الأمر مفاجئًا حينما أعلنت شركة “معادن” مؤخرًا عن اكتشاف كميات كبيرة من الذهب والنحاس في جبال “شيبان” و”الجو” والقرى المحيطة بها في محافظة الكامل وقرى وادي ستارة شمال منطقة مكة المكرمة.
فقبل 40 عامًا، وعندما كنا ندرس في مدرسة صلاح الدين الابتدائية بوادي ستارة، كنا نشاهد عمليات التنقيب تجوب هذه المناطق بشكل مستمر، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم لم تنقطع أعمال التنقيب خلال كل هذه السنين.
وفي هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – مهندس الرؤية المباركة “رؤية 2030” – والتي من أهدافها تنويع الاقتصاد واستثمار الموارد الطبيعية، يُعد قطاع التعدين أحد أهم ركائز هذا التنويع الاقتصادي.
وانطلاقًا من هذا التوجه، تم تكثيف عمليات التنقيب في هذه المناطق، مما أسفر مؤخرًا عن إعلان شركة “معادن” عن اكتشافات كبيرة من الذهب والنحاس.
ولتكامل الجهود بين مختلف القطاعات، أقامت محافظة الكامل ملتقى جمع مشايخ القبائل والأهالي مع مسؤولي شركة “معادن”، الذين أجابوا على استفسارات المواطنين وكشفوا عن خططهم المستقبلية للتنقيب في المحافظة والقرى المجاورة.
وأعلنت الشركة خلال اللقاء عن عزمها إقامة منجم للذهب في وادي الجو بمحافظة الكامل، مشيرين إلى أن إقامة هذا المنجم سيسهم في انتعاش الحركة الاقتصادية في المحافظة، وسينعكس بشكل إيجابي على المواطنين والمقيمين فيها.
ولا تزال الشركة تواصل عمليات التنقيب في السلسلة الجبلية الممتدة من وادي الجو بمحافظة الكامل مرورًا بمركز حرة الشرع، والجبال المحيطة به، ووصولًا إلى جبال شيبان ودخنان بوادي ستارة، حيث يُتوقع أن تُعلن الشركة عن المزيد من الاكتشافات في هذه المنطقة الغنية بالمعادن.
ولم يقتصر وجود الذهب على باطن الأرض في محافظة الكامل، بل هناك “ذهبٌ آخر” فوق سطحها، يتمثل في أبنائها الذين ساهموا في نهضتها وتطورها، حيث عُرف عنهم الولاء والتفاني في خدمة دينهم وقيادتهم ووطنهم منذ عهد مؤسس هذه الدولة المباركة.
وقد نالوا نصيبهم من التعليم مثل غيرهم من أبناء هذا الوطن، فبرز منهم الأطباء، والقياديون، والمهندسون، ورجال الأعمال، والمفكرون، والمثقفون، والأدباء، والإعلاميون، وأساتذة الجامعات، والقضاة، ورجال الدولة الذين تميزوا في جميع المجالات التي أُسندت إليهم، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.
كما تُعد محافظة الكامل من المحافظات الزراعية الغنية، حيث تنتج سنويًا كميات وفيرة من التمور والحمضيات والحبوب، وخاصة “الدخن”، إضافة إلى أصناف مختلفة من الخضراوات والفواكه التي تنتجها مزارعها المنتشرة على ضفاف أوديتها.
وتعتبر المحافظة كذلك مقصدًا للسياح، لما تمتاز به من أجواء معتدلة، خاصة في مركز حرة الشرع، وحرة شمنصير، والمناطق المحيطة بها ذات الإطلالات الجميلة. ولا ننسى منتزه ودغان، وجبال دخان على طريق الهجرة، كما أنها تضم أول قرية تراثية في التاريخ، وهي قرية “جبلة” التاريخية، إضافة إلى موقع غزوة “المريسيع” التاريخي، التي تشهد حاليًا إقبالًا سياحيًا متزايدًا من مختلف مناطق المملكة.
ويأمل أبناء محافظة الكامل من شركة “معادن” أن تسهم في تنمية المحافظة، وخاصة في فتح الطرق الوعرة التي بذل المواطنون جهودًا كبيرة لشقها، لكن قلة الإمكانيات حالت دون تنفيذها، وعلى رأسها الطريق الرابط بين جبال الجو والدوارة مرورًا بعقبة الشريك والنيد وصولًا إلى حرة الشرع، إضافة إلى صيانة وتعبيد طريق منتزه جبل شمنصير السياحي، وتطوير الطريق الرابط بين محافظة الكامل وطريق الهجرة مرورًا بقرية الدوراة.
كما ينتظر المواطنون من شركة “معادن” المشاركة في الأنشطة المجتمعية والتثقيفية، وحفر الآبار، وتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها السكان، وفتح المجال لرجال الأعمال بالمحافظة للعمل في المشاريع التي تنفذها الشركة.
وفي مجال التوظيف، يطالب الأهالي بأن يكون النصيب الأكبر لأبنائهم، وأن يتم التعاون بين شركة “معادن” وجامعة الكامل لفتح مسار يمنح “دبلومًا في التعدين”؛ لتأهيل أبناء المحافظة للعمل في المنجم.
فأهالي المحافظة لديهم تطلعات وطموحات وآمال كبيرة، ويتمنون أن يُعيد منجم الذهب أبناء المحافظة إليها، خاصة مع عودة الانتعاش الاقتصادي والتنموي، بعد أن شهدت المحافظات الطرفية هجرة الكثير من السكان في الماضي.
• المحرر الصحفي – صحيفة عكاظ