في عمق الشرق الأوسط، حيث يلتقي التاريخ والجغرافيا والسياسة، وتقف المنطقة اليوم على مفترق طرق حاسم. الصراعات التي طال أمدها، والنزاعات التي لا تنتهي، تركت بصماتها العميقة على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة، مهددة بإضعاف استقرارها وأركانها ومستقبل أجيالها القادمة. في هذا الطريق الحرج الذي طال مداه، يبرز النداء الصادق من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد السعودي – حفظه الله ورعاه -، كمنارة أمل تضيء دروب السلام والتعايش. في كلمته التاريخية الخالدة خلال افتتاح القمة الخليجية ورابطة الآسيان في العاصمة الرياض، أعاد سموه التأكيد على المرتكزات الأساسية التي لا غنى عنها لبناء مستقبل مزدهر ومستدام. ( الأمن والسلام والازدهار )، ليست مجرد شعارات طموحة، بل هي الأسس الراسخة التي يجب أن تقوم عليها العلاقات بين الشعوب والدول. إن رؤية سموه تتجاوز مجرد وقف الاقتتال أو تجميد النزاعات، بل تدعو إلى بناء مجتمعات متسامحة ومتعاونة، قادرة على تحقيق التنمية الشاملة والازدهار المشترك. هذا لا يأتى إلا بالتعاون، والعمل الصادق المشترك.
هذه الدعوة للتعايش السلمي ليست مجرد تمنيات، بل على العالم أن يدركها, وهي استراتيجية عمل واضحة المعالم، تهدف إلى معالجة جذور الصراعات وتعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف المعنية. إنها رؤية تستند إلى الإيمان الحقيقي الراسخ بأن السلام ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق التنمية والرخاء والتقدم في كافة المجالات. ومن خلال تبني هذه الرؤية، يمكن للشرق الأوسط الجديد أن يتحول من منطقة تعاني من النزاعات إلى نموذج يحتذى به في التعايش والتسامح والتعاون.
إن الفظائع التي تُرتكب بحق الأبرياء في غزة تدمي القلوب، وسموه يرفض بشكل قاطع استهداف المدنيين تحت أي مبرر. ويؤكد على الضرورة الملحة لخلق بيئة مواتية لتحقيق سلام دائم، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تتعايش فيها الشعوب وتزدهر على حدود عام 1967. هذه الأسس، كما يراها سموه، تخدم مصالح جميع الأطراف، الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، نحو مستقبل أكثر ازدهارًا، مع الحفاظ على حقوق شعوبها. فالشعوب تأتي في صميم رؤيته، وهذا ما يصبو إليه سيدي الأمير محمد بن سلمان.
إن تحقيق الاستقرار والازدهار يصب في مصلحة شعوب البلدين ومنطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع. ويشدد على ضرورة أن تستوعب جميع الأطراف حساسية المرحلة الراهنة، وأن تضع مصلحة شعوبها فوق كل اعتبار في هذا الصراع الذي طال أمده. لقد حان الوقت لكي تختار الشعوب طريقها نحو العيش بأمن وسلام، في ظل الاستقرار والازدهار والحرية.
اليوم، نجد أنفسنا أمام منعطف حاسم يحدد مسار مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة. إن التعايش السلمي والتسامح ليسا مجرد خيار من بين خيارات أخرى، بل هما الضرورة الحتمية لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار الذي نطمح إليه جميعًا. شعوبنا العربية، التي شهدت على مر العصور حضارات عظيمة وتركت إرثًا ثقافيًا لا يضاهى، يجب أن تستلهم من تاريخها العريق قيم السلام والمحبة التي طالما تميزت بها.
إن نداء سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله ورعاه -، الذي يتردد صداه في أرجاء العالم، يجب أن يكون بمثابة البوصلة التي توجه جهودنا نحو تحقيق السلام الشامل والمستدام. فلنعمل اليوم معًا من خلال توحيد الصف والكلمة مجتهدين، قادة وشعوبًا، بروح من الإخلاص والتفاني، لنجعل من هذه اللحظة التاريخية بداية لعهد جديد، عهد يسوده الوئام والتعاون، وتزدهر فيه منطقتنا والعالم أجمع.
الوقت يمضي سريعًا، والفرصة لا تزال سانحة بين أيدينا لنصنع مستقبلًا مشرقًا، مستقبلًا يليق بإنسانيتنا وقيمنا النبيلة. فلنتحد جميعًا من أجل السلام، ولنجعل من الشرق الأوسط منارة للأمل والتسامح، وقدوة يحتذى بها في كل مكان. إن تحقيق هذا الحلم ليس بالأمر المستحيل، بل هو ممكن إذا ما تضافرت جهودنا وتوحدت رؤانا. فلنبدأ العمل، ولنجعل السلام حقيقة ملموسة ننعم بها جميعًا على أرض الواقع، مسترشدين برؤية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان نحو شرق أوسط جديد، ينعم بالأمن والأمان، ويعبق بالمحبة والاستقرار، ويسوده الوئام والسلام.


