المقالات

السعودية ودبلوماسية الاعتراف بدولة فلسطين.. من “مبادرة بيروت إلى موجة التحوّل الغربي”

تلعب المملكة العربية السعودية دورًا محوريًا في ترسيخ الاعتراف الدولي بدولة فلسطين،دورٌ لم يولد ظرفًا، بل تأسّس تاريخيًا عبر مبادرات ورعاية سياسية متصلة، من أبرزها «المبادرة العربية للسلام» التي قدمتها السعودية آنذاك وأقرّتها قمة بيروت 2002، واضعةً معادلةً واضحة: انسحابٌ كامل إلى حدود 1967، ودولةٌ فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، مقابل تطبيعٍ شامل للعلاقات. هذه الرؤية صاغت، عمليًا، الإطار العربي الجماعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية وربطته بقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

اليوم، يتبلور تحوّل لافت في العواصم الغربية حيال الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فقد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين في سبتمبر، في خطوةٍ وصفتها باريس بأنها جزء من «تصحيح المسار» نحو حلّ الدولتين.

وبعدها بأيام، أعلنت حكومة المملكة المتحدة أنها ستُقرّ الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر ما لم تلتزم الحكومة الإسرائيلية بحزمة شروط تشمل وقف الحرب في غزة، وضمان تدفق المساعدات، والتعهّد بمسارٍ حقيقيّ لحل الدولتين ومنع ضمّ الضفة.

إن الاعتراف البريطاني والفرنسي بدولة فلسطين لم يكن ليأتي دون حراك دبلوماسي عربي مكثف قادته السعوية خلال السنوات الأخيرة. فقد عملت الرياض على بناء توافقات مع القوى الدولية المؤثرة، ودعت مرارًا إلى إنهاء سياسة ازدواجية المعايير التي عانى منها الشعب الفلسطيني لعقود.

هذا المسار لا ينفصل عن موجة الاعتراف الأوروبية التي سبقت العام الجاري، إذ اعترفت إسبانيا وأيرلندا والنرويج بدولة فلسطين رسميًا، ثم لحقت بها سلوفينيا ما مهّد الأرضية السياسية لتحرّكات أوسع داخل أوروبا.

كما أسهمت السعودية في إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية عبر المنابر الأممية ومجموعة العشرين، مؤكدة أن السلام العادل والشامل لن يتحقق دون إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية. هذا الموقف الثابت عزز من الضغط الدولي باتجاه تبني مواقف أكثر إنصافًا للحقوق الفلسطينية.

السعودية اليوم رافعة سياسية ومسارٌ دبلوماسي متّصل،
حيث كثّفت السعودية في الأشهر الأخيرة حضورها الدبلوماسي على خطّ التقاط اللحظة الدولية. فقد شاركت الرياض وباريس في استضافة اجتماعٍ رفيع في الأمم المتحدة للضغط باتجاه مسارٍ عمليّ لحل الدولتين وإنهاء الحرب في غزة، مؤكّدَين أن الاستقرار الإقليمي يبدأ من ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

ويبدو لافتًا أن الخط السياسي السعودي ظلّ ثابتًا في جوهره، لا تطبيع بلا أفقٍ موثوقٍ للدولة الفلسطينية. وقد أعاد مسؤولون سعوديون الإشارة مرارًا إلى أن مبادرة بيروت تبقى «الصفقة الشاملة» تاريخيًا: انسحاب، ودولة، وسلام.
ورغم تبدّل السياقات، بقيت هذه المعادلة مرجعًا أخلاقيًا وقانونيًا للفعل العربي الجماعي، ورافعةً تفاوضية تضبط إيقاع الانفتاح الإقليمي على معيار الحقوق الفلسطينية

السعودية اليوم، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تؤكد مجددًا تمسكها بمبادئها الثابتة تجاه فلسطين. فهي لا ترى القضية الفلسطينية مجرد ملف سياسي عابر، بل قضية إنسانية وأخلاقية ترتبط بهوية الأمة العربية والإسلامية.

ماجستير إدارة أعمال
– مسؤول تطوير الأعمال

العنود منصور

- ماجستير إدارة أعمال - مسؤول تطوير الأعمال

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى