المقالات

حين تكون النجاة بطولة… لا الهاتف ولا المحفظة تستحق حياتك

كلكم سمعتم عن الشاب السعودي الذي تصدى لأحد اللصوص أثناء محاولته سرقة هاتفه. وقد بثّت قناة “العربية” مقطعًا مصوّرًا لتلك الحادثة، وكم تمنيت ألا تفعل ذلك، إلا إذا كان من باب التوعية بخطورة مثل هذا التصرف على سلامة ذلك الشاب، والتنبيه إلى ضرورة عدم تكرار ما حدث.

من المؤكد أنكم تدركون أن أولئك اللصوص لا يترددون في الاعتداء على ضحاياهم، وربما قتلهم، حين يشعرون بأن الضحية تقاوم، أو عندما يجدون أنفسهم في موقف قد يؤدي إلى القبض عليهم. خاصةً أن كثيرًا منهم يحملون أسلحة خطيرة، مثل المسدسات أو السكاكين، أو أدوات عنف أخرى كالعصي والمطارق، وحتى الفؤوس.

ولو تأملنا في كل النصائح المتداولة حول كيفية التصرف في حال التعرّض لمحاولة سرقة، لوجدنا أن الجميع يتفقون على أن عدم المقاومة، وتسليم ما يطلبه المعتدي، هو الخيار الأكثر أمانًا، لا سيما إذا كان الاعتداء في وقت متأخر من الليل، أو في شارع داخلي خالٍ من المارة. فالسارق لا يعنيه من أنت، ولا يهتم بجنسيتك أو ديانتك أو عِرقك، إلا إذا كانت دوافعه عنصرية. أما إذا كانت غايته سرقة هاتفك أو ساعتك أو مجوهراتك أو نقودك، فهو لا يرى فيك سوى “هدف” كغيرك من الضحايا.

اللصوص يمارسون جرائمهم وهم في كامل استعداداتهم، مدججين بالوسائل اللازمة لتنفيذ مخططاتهم، بينما أنت تسير في طريقك غافلًا عن احتمال وجود خطر يترصّدك.

الهروب أحيانًا هو الشجاعة الحقيقية. فالشجاعة ليست في الاندفاع أو محاولة إثبات الذات، بل الشجاعة في الحفاظ على نفسك، وتقدير العواقب بعقلانية وذكاء. كما أن الشجاعة ليست في العناد ولا التهور، بل أن تعرف متى تقاتل، ومتى تنسحب لتحمي نفسك ومن تحب. فليس في كل مرة تسلم الجرة.

لا تقاوموا، بل سلموا لهم ما يطلبون كي تسلموا، فهذه هي لندن وهذه خلاقينها.
ولكم تحياتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى