المقالات

آل الشيخ يرفع راية القرآن في ميدان العز

في ظلِّ رعايةٍ كريمةٍ من خادم الحرمين الشريفين – أيّده الله – تتجلّى صورةٌ مشرقة من صور العناية الربانية التي أفاءها الله على هذه البلاد المباركة، إذ يفتتح معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ المشرف العام على المسابقات القرآنية المحلية والدولية التصفيات النهائية لأكبر مسابقة عالمية هي مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في دورتها الخامسة والأربعين، من على أعتاب المسجد الحرام، حيث تتنزل السكينة، وتحفُّ الملائكة، وتتناثر أنوار الوحي في قلوب الحفاظ.

هنا، حيث الكعبة المشرّفة تستقبل وجوه العابدين من كل فجّ عميق، يرتفع صوت القرآن طريًّا غضًّا كما نزل على قلب المصطفى ﷺ، يردده أبناء الأمة من شتّى الأقطار، في موكبٍ من الخشوع والعزيمة، وفي ساحةٍ يشهد التاريخ بأنها كانت، وما زالت، قبلة القلوب، ومنطلق النور. إن وزارة الشؤون الإسلامية، وهي تقود هذه المسيرة المباركة، لا تؤدّي مجرّد عملٍ إداري أو تنظيمٍ احتفالي، بل تحيي رسالة السماء في الأرض، وترسم للأجيال خريطة الهدى، وتجعل من القرآن الكريم منهجًا حيًّا يتردّد في المحاريب، ويُروى في المدارس، ويزهر في المجالس.
هي وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بقيادة وزير هميم يقود دفة الوزارة بإتقان و جعل خدمة كتاب الله تاجًا فوق رأس مشاريعها، وزادت على الخدمة الإدارية خدمةً قلبيةً صادقة، تدرك أنّ هذا الكتاب العزيز ليس مجرّد نصٍّ مقدّس، بل هو روحٌ تحيي، ونورٌ يهدي، وحبلٌ متينٌ يشدّ الأمة إلى أصلها الرباني.
ولقد كان لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بصمته الواضحة في ترسيخ هذا النهج؛ فهو الوزير الذي جمع بين حزم الإدارة وبصيرة الرسالة، وجعل من منصبه منبرًا للهدى، ومن وزارته جسرًا يصل كتاب الله بقلوب الأمة. لا يكتفي بالجلوس خلف المكاتب، بل ينزل إلى الميادين، يواكب بسمعه وبصره كل مشروعٍ يخدم القرآن، واضعًا نصب عينيه أن خدمة كلام الله عهد ومسؤولية، وأن كل حرفٍ يتلوه حافظٌ في هذه المسابقة هو لبنةٌ في صرح الدعوة، وشعاعٌ في أفق الأمة. وما أجمل أن تحمل هذه المسابقة اسم المؤسس الملك عبدالعزيز – طيّب الله ثراه – فهو الذي أقام صرح هذا الوطن على دعائم الشريعة، فكان القرآن رفيق مسيرته، ومنار خطاه، وها هي المسابقة اليوم تواصل العهد في ظل القيادة الرشيدة، ليظلَّ كتاب الله في مركز العناية والاحتفاء، تعلُّمًا وتعليمًا، تلاوةً وتفسيرًا.
وما أبهى أن يكون ميدان هذه التلاوات العطرة هو المسجد الحرام نفسه؛ حيث تتداخل الأصوات القرآنية مع خفقات القلوب، فتشعر أن المكان والزمان قد تواطآ على إحياء لحظة من لحظات البعث الروحي، وأن الدنيا بأسرها قد توقفت لتستمع، بإجلال، إلى لغة السماء. هناك، ترى الشابّ القادم من أقصى الشرق، يمدّ صوته بنداء الإيمان، وتلمح الفتى القادم من أعماق إفريقيا يسكب من قلبه تلاوةً عذبةً تذيب الفؤاد، وتسمع الغلام القادم من سهول آسيا وقد حمل على لسانه حروفًا كأنها اللؤلؤ الرطب. لغاتٌ مختلفة، ولهجاتٌ متباينة، لكنها جميعًا تنصهر في لغةٍ واحدة: لغة القرآن. في تلك اللحظة، يصبح الحرم الشريف محرابًا عالميًّا، يتساوى فيه الغنيّ والفقير، العربيّ والأعجميّ، الكبير والصغير، جميعهم أمام كتاب الله سواء، لا يتمايزون إلا بقدر ما يحملون من الحفظ والإتقان، والخشية والخضوع. وهناك، في قلب هذا المشهد، يقف الوزير بكلماته المشرقة، وخطاه الواثقة، يرفع همم المتسابقين، ويزرع فيهم اليقين بأنهم جند القرآن، وأن ما يحملونه في صدورهم وسامٌ لا يضاهيه وسام. إنها ليست منافسةً على الألقاب أو المراتب، بل ميدانٌ يتسابق فيه الحافظون إلى رحمة الله، ويتنافس المتسابقون على شرف القرب من كلامه، ويتبارى الأبناء ليكونوا مشاعل هداية في ديارهم، سفراءَ للقرآن في أوطانهم. ومن خلف ذلك كله، متابعةٌ حثيثة ودعمٌ كريم من قيادةٍ وزاريةٍ آمنت أن بقاء القرآن في الصدور هو بقاء عزّة الأمة في واقعها، فجعلت من الحفظة قادةً في مجتمعاتهم، ومن التلاوات رسائلَ سلامٍ تصل إلى العالم أجمع. فطوبى لوزارة الشؤون الإسلامية بهذا الشرف العظيم، وطوبى لمليكٍ جعل من رعاية القرآن شرفًا للدولة، وطوبى لوزيرٍ حمل الأمانة بجدارةٍ ووفاء، حتى غدت هذه المسابقة أنموذجًا عالميًّا يُحتذى، ومنارةً ربانية تُهدي العالمين.

‫2 تعليقات

  1. “شكرًا جزيلاً على هذا المقال الرائع! لقد استمتعت بقراءته وأفادني كثيرًا. جهودك واضحة في البحث والكتابة، وأنا أقدر وقتك وجهدك في مشاركة هذا المحتوى القيم . أتطلع إلى قراءة المزيد من مقالاتك في المستقبل.”

  2. إن من البيان لسحرا ،،، كلمات عذبة رقراقة تنساب وتنساق من هذا الكاتب العذب !!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى