خلال عملي مديرًا لإحدى المدارس المتوسطة بمدينة جدة، كنت – ولا أزال – مؤمنًا بأن المدرسة تمثل البيئة الخصبة لاكتشاف المواهب المبكرة ورعايتها وصقلها. ومن أبرز تلك المواهب ما يُعرف في العلم الحديث بـ “الذكاء الموسيقي”، والذي يتجلى في أبهى صوره في الأذان، ذاك النداء الخالد الذي سخّر له رسولنا الكريم ﷺ موهبة الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه، فارتبطت هذه الموهبة بالصوت العذب والتأثير الروحاني عبر تاريخنا الإسلامي.
ومن هذا المنطلق، لاحظتُ أن أذان صلاة الظهر في المدرسة يقتصر على طالب واحد يتكرر يوميًا. وبرغم جودة صوته وتقدير جهده، راودتني فكرة إطلاق مسابقة لاكتشاف موهبة الأذان بين الطلاب، بحيث تُتاح الفرصة للجميع. وقد تبنّى هذه المبادرة مشرف النشاط الدكتور عادل المحمادي مشكورًا.
وبعد أسبوعين فقط من انطلاق المسابقة، برز صوت أخّاذ يأسر القلوب ويحلق بالأرواح. طلبت مقابلة صاحب هذا الصوت، فإذا به الطالب عدنان نور، في الصف الثاني المتوسط، من أبناء الجالية البرماوية المقيمة بمدينة جدة، المشهود لهم بحسن الخلق. كان يمتلك حنجرة ذهبية وصوتًا ندِيًا، فهنأته على موهبته وحفّزته على الاستمرار، ووجهته إلى حفظ القرآن الكريم وتلاوته، مؤكّدًا له أن المثابرة ستقوده إلى شأن عظيم بإذن الله.
استمرت المنافسات بين الطلاب، وارتفع مستوى الأداء وجودة الأذان، لتتحول المبادرة إلى مشروع رائد في صقل الأصوات وتنمية المواهب.
ومضت الأعوام، حتى جاء شهر رمضان المبارك، وذهبت إلى أحد المساجد لأداء صلاة العشاء والتراويح، وكان يؤم المصلين فيه أحد زملائي من المعلمين ذوي الصوت العذب. وقبيل دخولي المسجد، انطلق الأذان بصوت أعاد إلى ذاكرتي ذكريات المسابقة المدرسية. وحين انتهى المؤذن من أذانه، إذا به الابن عدنان نور، مقبلًا نحوي بوجه تغمره السعادة، بينما كنت أكثر فرحًا لرؤية موهبته وقد وجدت طريقها إلى النور والاستثمار الأمثل.
التقيت بزميلي إمام المسجد، وأوصيته بعدنان خيرًا، وأن يتيح له فرصًا للإمامة. وبعد ثلاث سنوات، تلقيت اتصالًا من الشيخ عدنان نور قبيل شهر رمضان، يبشّرني فيه بأنه سيكون إمامًا لأحد المساجد في شمال جدة، ويدعوني لأداء صلاة العشاء والتراويح معه. وكم كانت سعادتي عظيمة أن أقف مأمومًا خلف تلك الموهبة التي رُعيت منذ بزوغها، حتى نضجت وأثمرت خدمةً للمجتمع.
واليوم، أصبح الشيخ عدنان نور إمامًا يصدح صوته بنداء الحق وتلاوة القرآن العطرة، تتوافد جموع المصلين إلى مسجده، وقد ذاع صيته الحسن، وأسر صوته القلوب قبل الآذان. وهكذا، تجلّت ثمرة الرعاية والاهتمام والتمكين في قصة نجاح تربوية وإنسانية ملهمة.



كتب الله أجرك استاذ أحمد ولي ملاحظة في وصف الآذان بالآذان الموسيقي رغم أن التبارة دارجة و اعرف حسن مقصدك إلا أن هذا الوصف لا يليق بهذه العبادة العظيمة ممكن نستبدلها بالذكاء الصوتي الجذاب ..
كما يجب أن نربي أجيالنا على الاهتمام بالعقيدة قبل الحفظ والمحاريب فكم من حافظ وقاريء أهمل ذلك فكان وبال عليه وعلى دينه ووطنه وأصبح أداة فتنة ومنبر ضلال
ماشاء الله تبارك الله
اضاءة مميزة وذكر حسن