المقالاتعام

المتقاعدون الأكاديميون .. ثروة معرفية لا تقدر بثمن

في مسيرة الجامعات، يظل أعضاء هيئة التدريس هم عمادها العلمي والبحثي، وهم من صاغوا مكانتها الإقليمية والدولية، وأسهموا في صناعة الأجيال، وترسيخ المعرفة، وقيادة البحث والابتكار. ومع بلوغهم سن التقاعد، لا يعني ذلك أفول عطائهم أو إنتهاء دورهم، بل هو بداية مرحلة جديدة يمكن أن تتحول إلى كنز معرفي واستراتيجي إذا أحسن إستثماره.
المتقاعدون .. ركيزة خبرة وولاء
يمتاز المتقاعدون من الأكاديميين بأنهم حملوا رسالة التعليم والبحث عقوداً طويلة، وراكموا خبرات علمية وعملية وشبكات تعاون محلية ودولية. إن الجامعات السعودية قادرة – إن أحسنت التقدير – على تحويل هذه الخبرات المتراكمة إلى قيمة مضافة من خلال:
• الاستفادة من خبراتهم البحثية عبر إشراكهم في الإشراف، والتحكيم العلمي، ولجان النشر.
• الاستفادة من مكانتهم الأكاديمية في تمثيل الجامعات بالمنتديات الدولية ومجالس الخبراء.
• تعزيز الولاء المؤسسي عبر إبقائهم جزءاً من المنظومة الجامعية، يمنحون من وقتهم وجهدهم دون أن يشعروا بالإقصاء أو التهميش.
الامتيازات المطلوبة
إن منح المتقاعدين إمتيازات عملية ومعنوية يساهم في إدامة عطائهم، ومن أبرزها:
• إستمرار عضوية المكتبات الإلكترونية والبنية البحثية.
• عدم إيقاف الخدمات الإلكترونية مثل البريد الجامعي، وأنظمة النشر، ومنصات المؤتمرات، بما يتيح إستمرار تواصلهم العلمي والمؤسسي.
• تخصيص مكاتب شرفية أو استشارية داخل الجامعات.
• إشراكهم في اللجان العلمية والاستراتيجية.
• تقديم حوافز معنوية مثل خطابات الشكر السنوية، ودعوتهم للمناسبات الرسمية.
المقارنة بالجامعات العالمية
في كثير من الجامعات المرموقة عالمياً – سواء في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة – يمنح المتقاعد لقب أستاذ فخري (Emeritus Professor) مع الاحتفاظ بمزايا واسعة:
• إستمرار حق الإشراف على الطلاب والباحثين.
• الحصول على مكاتب وأدوات بحثية.
• الإبقاء على البريد الجامعي والخدمات الإلكترونية مدى الحياة.
• التكريم في المناسبات الجامعية باعتبارهم رموزاً علمية.
• أحياناً يسند إليهم دور مستشارين للسياسات البحثية.
نحو ثقافة تقدير مستدامة
إن تبني سياسة واضحة للاهتمام بالمتقاعدين من الأكاديميين في الجامعات السعودية سيعزز من رأس المال المعرفي الوطني، ويؤصّل قيمة الولاء المؤسسي، ويمنح الأجيال الشابة قدوة حية في الإبداع والانتماء.

المتقاعدون من أعضاء هيئة التدريس ليسوا خارج دائرة العطاء، بل هم مستودع خبرة، وجسر بين الماضي والمستقبل، وقيمة وطنية عليا يجب أن تحاط بالرعاية والتقدير. فكما تفعل الجامعات العالمية، حان الوقت أن تبادر جامعاتنا ببرامج وامتيازات نوعية، تشمل الحفاظ على خدماتهم الإلكترونية والجامعية، ليبقى العطاء ممتداً والولاء متأصلاً، والإنجاز متجدداً.
التقاعد ليس نهاية .. بل إستمرار للريادة

أ.د. عصام بن إبراهيم أزهر

رئيس وحدة الكائنات المعدية مركز الملك فهد للبحوث الطبية جامعة الملك عبد العزيز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لماذا يتم حصر الإستفادة من المتقاعدين من اساتذة الجامعات فقط بينما هناك جوانب أكاديمية وخبرات عملية في كل المجالات التي يحتاجها الوطن يجب أن يتم الإستثمار في المبدعين منهم والذين لا يزالون في قمة العطاء والإبداع ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى