الرياضيةالمقالات

الكارت الأخضر.. هل يفتح صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم؟

✍️ جمعان البشيري 

لم يكن كثيرون يتوقعون أن مباراة عابرة في دور المجموعات بين المغرب وإسبانيا في كأس العالم للشباب تحت 20 عامًا، ستتحول إلى حدثٍ كروي فارق يُدخل التحكيم إلى مرحلة جديدة. ففي هذه البطولة الجارية بتشيلي، أطلّ على الجماهير ابتكارٌ جديد أطلق عليه اسم الكارت الأخضر، ليضع المدربين هذه المرة في قلب المشهد التحكيمي.

على خلاف البطاقتين التقليديتين (الأصفر والأحمر)، لم تُخصص البطاقة الخضراء لمعاقبة اللاعبين، بل تُعد البطاقة الخضراء أكثر من كونها بطاقة ؛ حيث خُصصت للمدربين الذين بات يحق لهم استخدامها مرتين فقط خلال المباراة للاعتراض على قرار تحكيمي والمطالبة بمراجعته بالفيديو. هذه الخطوة تشبه إلى حد كبير آلية التحدي المعروفة في التنس وكرة السلة، لكنها تُطبق لأول مرة في كرة القدم.

المدرب المغربي محمد وهبي كان أول من خطّ اسمه في التاريخ باستخدامه البطاقة في الدقيقة 78 من لقاء “الأسود” أمام إسبانيا، حين اعترض على ركلة جزاء مشكوك فيها. وبعد مراجعة الفيديو، ألغى الحكم القرار وأشهر بطاقة صفراء للاعب الإسباني بداعي التمثيل، في مشهد أثبت أن هذه الأداة الجديدة قد تغيّر مصير المباريات.

الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أكد أن التجربة تأتي في إطار ما يسميه “الدعم بالفيديو”، حيث تُختبر الفكرة لأول مرة في بطولة رسمية، على أن يتم تقييمها بعد انتهائها. ويبدو أن الفيفا تسعى من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق معادلة صعبة: تعزيز الشفافية دون المساس بسلطة الحكم.

ولم يقتصر الأمر على الكارت الأخضر وحده، إذ أُضيفت تجربة أخرى مثيرة وهي تمكين الحكام من استخدام الميكروفون لشرح القرارات للجماهير مباشرة، على غرار ما يحدث في رياضات أخرى، في خطوة تهدف إلى كسب ثقة المتابعين وقطع الطريق على الجدل الذي يُثار عادة بعد القرارات التحكيمية.

كرة القدم في غرفة التجارب:

تاريخيًا، اعتادت الفيفا أن تجعل من بطولات الشباب حقلًا لاختبار لسن القوانين والتقنيات الجديدة، قبل تعميمها على المنافسات الكبرى. يكفي أن نتذكر أن تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) بدأت خطواتها الأولى في بطولات مماثلة قبل أن تصبح عنصرًا أساسيًا في كرة القدم العالمية.

لذلك، فإن الكارت الأخضر قد يكون مجرد بداية لمرحلة جديدة، حيث تتحول اللعبة الأكثر شعبية في العالم إلى نموذج أكثر تفاعلية وعدالة، لكن في الوقت ذاته، ثمة من يحذر من أن كثرة التجارب قد تُفقد اللعبة عفويتها وتُثقل كاهل الحكام بآليات جديدة.

من هنا نستطيع أن نرى مستقبل كرة القدم بين أقدام الفيفا

فهل سيصبح الكارت الأخضر جزءًا ثابتًا من قوانين كرة القدم خلال السنوات المقبلة؟

أم أن التجربة ستظل حبيسة بطولة الشباب في تشيلي؟ الجواب سيأتي مع تقييم النتائج وردود الأفعال، لكن المؤكد أن كرة القدم تعيش اليوم مرحلة مفصلية، حيث تتحول البطولات الصغيرة إلى مختبر كروي مفتوح قد يرسم ملامح المستقبل

جمعان البشيري

محرر صحفي - جدة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على حمزة إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى