“من قلب الجزيرة العربية، تتصدر المملكة العربية السعودية المشهد الدولي بدبلوماسية إنسانية فريدة، تجمع بين الحكمة والعطاء، لتكون صوتًا للسلام ومثالًا يُحتذى به في عالم مضطرب.”
منذ قيام المملكة العربية السعودية، شرعت السعودية في درب الحكمة بخطى واثقة، حاملةً راية السلام وراسمةً ملامح دبلوماسية إنسانية فريدة تتجاوز حدود السياسة التقليدية إلى فضاء الرحمة والعطاء. فهي دولة انبثقت من قلب الجزيرة العربية لتكون قلب العالم الإسلامي وقبلة المسلمين، ومن ذلك الموقع الروحي والقيادي حملت على عاتقها مسؤولية السعي إلى استقرار العالم، وتخفيف معاناة الشعوب، وتقديم يد العون لكل محتاج.
لقد تجسدت الحكمة السعودية في أبهى صورها عبر نهجها الثابت القائم على الحوار والتقريب بين المتنازعين وصناعة السلام حيثما أمكن. فالمملكة كانت وما تزال صوت العقل في منطقة تموج بالصراعات والتحديات. ويكفي أن نتذكر اتفاق الطائف عام 1989، الذي رعته لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية وكيف نجحت في جمع الفرقاء على طاولة واحدة وصياغة نهاية لعقد ونصف من الصراع الدموي. هذه هي بصمة المملكة: لا تُصعّد حين يختار الآخرون التصعيد، ولا تدفع إلى الحرب حين يطلب الجميع الحرب، بل تفتح نوافذ الأمل وتبحث عن أرضية مشتركة تنقذ ما يمكن إنقاذه.
وفي العصر الحديث، ومع بزوغ رؤية السعودية 2030، انطلقت مرحلة جديدة من الدبلوماسية السعودية بقيادة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله -. هذه المرحلة اتسمت بالجرأة والانفتاح على العالم، وبتحويل المملكة إلى محور توازن واستقرار في الاقتصاد والسياسة والطاقة. دبلوماسية الأمير محمد بن سلمان ليست دبلوماسية ردّ الفعل، بل دبلوماسية المبادرة. وقد أسهمت مبادرات عالمية كبرى، مثل برامج الاستدامة البيئية، في وضع المملكة في صدارة الدول التي تعمل من أجل مستقبل البشرية وحماية البيئة. وفي الوقت ذاته، أدار الأمير محمد بن سلمان ملفات شائكة، مثل استقرار أسواق الطاقة، بعقلانية تحمي مصالح المنتجين والمستهلكين، وأعاد رسم خريطة العلاقات الدولية للمملكة على أسس الشراكة والتوازن.
ولا يمكن أن تُذكر السياسة الخارجية السعودية من دون الإشارة إلى القضية الفلسطينية، القضية التي حملتها المملكة منذ تأسيسها وجعلتها قضيتها الأولى. لم تكتفِ السعودية بالدعم السياسي عبر المحافل الدولية، بل أطلقت مبادرات تاريخية، أبرزها “مبادرة السلام العربية” عام 2002، التي طرحت رؤية شاملة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. وقدمت المملكة، على مدى عقود، مساعدات إنسانية وتنموية للفلسطينيين تجاوزت قيمتها 5.45 مليارات دولار، وشملت الغذاء والصحة والتعليم والبنية التحتية، إضافةً إلى مبادرات إغاثية متجددة، مثل دعم وكالة الأونروا في غزة.
في خطوة دبلوماسية بارزة لتعزيز حل الدولتين، استضافت المملكة في أكتوبر 2024 الاجتماع الأول لـ“التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” في الرياض، بمشاركة أكثر من 35 دولة ومنظمة دولية. ويهدف التحالف إلى ممارسة الضغط الدولي من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقًا لحدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى إعلان نيويورك الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024، والذي يُعد إجماعًا دوليًا على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة. وقد أظهر هذا التحرك أثرًا ملموسًا على تعزيز الدعم الدولي لقضية الفلسطينيين وفتح قنوات جديدة للتنسيق بين الدول والمنظمات الدولية لصالح الشعب الفلسطيني.
وقد تواصل هذا الحراك في سبتمبر 2025، حين قادت المملكة، بالتعاون مع فرنسا وبرعاية الأمم المتحدة، المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية في نيويورك، الذي مثّل منعطفًا جديدًا في مسار القضية الفلسطينية. وأسفر المؤتمر عن نتائج بارزة، أبرزها ارتفاع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى نحو 157 دولة من أصل 193 دولة عضوًا في الأمم المتحدة، مما عزز الشرعية الدولية لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. كما أقرّ المؤتمر خارطة طريق عملية لتنفيذ حل الدولتين، مع ضمانات دولية لحماية المدنيين، إضافةً إلى دعم إعادة إعمار غزة، وتثبيت مؤسسات الحكم الفلسطيني على أسس راسخة. ويعكس ذلك الدور القيادي للمملكة في تحويل المبادئ إلى خطوات عملية ملموسة.
أما على صعيد الدبلوماسية الإنسانية، فقد أصبحت السعودية نموذجًا عالميًا يُحتذى به، إذ بلغت قيمة المساعدات الإنسانية والتنموية التي قدّمتها المملكة عبر مختلف مؤسساتها أكثر من 141.8 مليار دولار، واستفادت منها عشرات الدول في العالم. ومن خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وحده، نُفّذ حتى الآن ما يزيد على 3612 مشروعًا في 108 دول، شملت قطاعات الأمن الغذائي والصحة والتعليم والمأوى، دون تفرقة بين دين أو عرق، بل حملت المساعدات إلى حيث يوجد الألم، مؤمنةً بأن إنقاذ الإنسان هو أسمى صور السياسة وأرفع درجات القيادة.
وقد كان لهذه المبادرات أثر ملموس على حياة الناس اليومية. فعلى سبيل المثال، ساهمت مشاريع الغذاء والتعليم والصحة في فلسطين واليمن في تخفيف معاناة الملايين، وتحسين مستوى المعيشة، وتأمين الاحتياجات الأساسية للأطفال والنساء وكبار السن، مما يعكس الالتزام السعودي بالجانب الإنساني جنبًا إلى جنب مع السياسات الدولية.
وفي كلمته الرسمية، صرّح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود:
“المملكة تدعم احترام ميثاق الأمم المتحدة، وقدمت مساعدات إنسانية لـ 174 دولة بأكثر من 141 مليار دولار، وذلك امتدادًا لدورها في تحقيق السلام والاستقرار العالمي.”
إضافةً إلى جهودها السياسية، تلعب المملكة العربية السعودية دورًا فاعلًا في المبادرات الدولية الكبرى، مؤكدةً مكانتها كقوة مؤثرة على الساحة العالمية. فهي عضو نشط في الأمم المتحدة، حيث تسعى لتعزيز السلام والتنمية، وعضو في مجموعة العشرين (G20)، التي تعمل على تعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي ومواجهة تحديات الطاقة. فعلى سبيل المثال، استضافت المملكة الاجتماع الأول لـ “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” في الرياض، مما يعكس دورها القيادي في القضايا الدولية وقدرتها على الجمع بين الدبلوماسية الإنسانية والسياسة الدولية الفاعلة.
إن ما يميز النهج السعودي هو هذا التكامل بين الحكمة السياسية والعطاء الإنساني. فالمملكة تدرك أن السلام ليس قرارًا يُوقّع على الورق فحسب، بل هو بناء شامل يبدأ بإنقاذ الأرواح وإعمار الأرض وتمكين الشعوب من استعادة حياتها. ولهذا، ترافق جهودها السياسية دائمًا برامج إغاثية وتنموية تعيد الأمل وتفتح الطريق أمام الاستقرار على المدى البعيد.
واليوم، تقف المملكة، بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله -، كرمزٍ للحكمة في عالم مضطرب، وكمركز ثقل يوازن بين القوى المتنافسة، وكقوة رحيمة تمد يدها لكل محتاج. دبلوماسيتها ليست مجرد سياسة، بل رسالة، ورسالتها أن السلام ممكن، وأن الرحمة لا تنفصل عن القوة، وأن العطاء هو لغة الأمم العظيمة.
هكذا تظل السعودية، بحكمتها ودبلوماسيتها الإنسانية، صوتًا للسلام ونموذجًا لدولة تجمع بين القوة والرحمة، بين المبادرة والمسؤولية، وبين خدمة مصالحها الوطنية وخدمة الإنسانية جمعاء.
#محمد_الأنصاري #سياسي






تتجاوز حدود السياسة التقليدية إلى فضاء الرحمة والعطاء
بيض الله وجهك د محمد الأنصاري لقد كتبت فأجدت فعلاً
سياسية الدبلومسية السعودية ممزوجة بالعمل الانساني وحب الخير للجميع وقد تجلى ذلك واضحاً في حديث سيدي سمو ولي العهد فهو يتجدث حفظه الله بصيغة الجمع ابتعاداً عن الانانية ونكراناً للذات لأنه تهمه مصلحة الدول العربية والإسلامية والعالم أجمع ليعيش الجميع في ود وسلام وقلّ أن تجد قائداً حكيماً محنك مثله في هذا الزمن الصعب .