المحلية

عبدالله بن عمر نصيف.. عالم الجيولوجيا الذي صنع جسور الفكر والإسلام

في يومٍ من أيام الوفاء للعلم والعلماء، ودّعت المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي قامةً علمية وفكرية سامقة، هو معالي الدكتور عبدالله بن عمر بن محمد بن نصيف، أحد أبرز أعلام الجيولوجيا والفكر الإسلامي الحديث، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الأحد 20 ربيع الآخر 1447هـ الموافق 12 أكتوبر 2025م، بعد مسيرةٍ زاخرة امتدت لما يقارب تسعين عامًا هجريًا

ميلاد عالمٍ من جدة

وُلد الدكتور عبدالله نصيف في مدينة جدة يوم الأربعاء 18 جمادى الأولى 1358هـ الموافق 5 يوليو 1939م، في بيتٍ عُرف بالعلم والخلق. تلقى تعليمه الأولي في مدارس جدة، ليبدأ بعدها رحلة علمية مبهرة تكللت بتخرجه من كلية العلوم بجامعة الملك سعود عام 1384هـ، حاصلاً على درجة البكالوريوس في الكيمياء والجيولوجيا بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى.

رحلة علمٍ إلى العالمية

شدّ الرحال إلى المملكة المتحدة لمواصلة دراسته العليا، حيث نال درجة الدكتوراه في الجيولوجيا من جامعة ليدز البريطانية عام 1391هـ / 1971م، ليصبح واحدًا من أوائل السعوديين الذين جمعوا بين التخصص العلمي الدقيق والانشغال بقضايا الأمة الإسلامية. حصل بعدها على عضويات وزمالات في هيئات علمية مرموقة في بريطانيا وأمريكا ومصر وباكستان، ما جعل اسمه مرجعًا في ميدان العلوم الطبيعية وتكاملها مع القيم الإسلامية.

من الجيولوجيا إلى خدمة الإسلام

لم يكن العلم في حياة الدكتور نصيف مجرد تخصصٍ أكاديمي، بل رؤية شمولية تتكامل فيها المعرفة مع الرسالة. وقد تجلّى ذلك في توليه الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي بين عامي 1403هـ و1414هـ، حيث أسس لحضور سعودي وعالمي فاعل في قضايا الحوار والتضامن الإسلامي، وأسهم في إنشاء مؤسسات علمية ودعوية ذات بعد إنساني.

كما شغل مناصب رفيعة منها:

  • نائب رئيس مجلس الشورى (1413–1422هـ)
  • رئيس مجلس هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية (2000م)
  • رئيس مؤتمر العالم الإسلامي
  • امين عام رابطة العالم الإسلامي
  • الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة
  • رئيس الاتحاد العالمي للكشاف المسلم
  • رئيس مؤسسة عبدالله بن عمر نصيف الخيرية

جوائز ومؤلفات

تُوّج عطاؤه بجوائز عالمية، أبرزها:

  • جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام (1411هـ/1991م)
  • جائزة صانع السلام العربي

أما إنتاجه العلمي فقد شمل مؤلفات جمعت بين الجيولوجيا والفكر الإسلامي، من أبرزها:

  • الدرع الجرانيتي العربي
  • الصخور الجرانيتية والميتاموفية في منطقة الطائف
  • الإسلام والشيوعية
  • العلوم والشريعة والتعليم (بالإنجليزية)
  • انبثاق التضامن الإسلامي

بيت أسّس على العلم والبرّ

تزوّج رحمه الله عام 1387هـ، ورُزق ثلاثة أبناء: عمر، محمد، ومحمود، وابنتين: عائشة وخديجة. كان أبًا حانيًا ومربيًا قدوة، جمع بين الهيبة واللين، وغرس في أسرته حبّ العلم والإحسان.

برحيله، فقدت المملكة أحد رواد الفكر الإسلامي الحديث الذين ربطوا بين العلم والدين، وبين العقل والإيمان. ترك وراءه مؤسسة خيرية تحمل اسمه، وأجيالاً من التلاميذ والباحثين الذين تتلمذوا على فكره وسيرته.

لقد عاش عبدالله نصيف عالمًا وإنسانًا، حمل همّ الأمة في قلبه، وسعى لتوحيد كلمتها بعلمه، وظل حتى آخر أيامه رمزًا من رموز الاعتدال والتجديد، وصوتًا يذكّر بأن الإسلام دين العلم والعمل، ودرب الوسطية والرحمة

عبدالله الزهراني

حساب تويتر https://twitter.com/aa1hz

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى