المقالات

دعوة لمراجعة تعرفة المياه في المباني الموسمية

مدير شرطة العاصمة المقدسة سابقًا

سبق لي أن تناولتُ في هذه الصحيفة موضوع المباني المخصصة للحجاج والقادمين للعمرة أو الزيارة، وما يجري بشأنها من تطبيق تعرفة استهلاك المياه من قبل شركة المياه الوطنية. وقد كان لي رأي في هذه المسألة مبنيًّا على توصية للجنة المشكلة بناءً على توجيه معالي وزير المياه المهندس عبدالله الحصين – حينها – والتي أوصت بضرورة التمييز بين المباني المخصصة لإسكان الحجاج والمعتمرين طوال العام، وبين المباني التي تُؤجَّر في غير موسم الحج.

حيث أوصت اللجنة بأن تكون هناك تعرفتان للاستهلاك:

إحداهما لموسم الحج، والأخرى لبقية العام، نظرًا لأن تلك المباني تُؤجَّر للحجاج خلال الموسم فقط، وتبقى خالية طوال العام، وهي موجودة في مكة المكرمة والمدينة المنورة حصراً.

وللإيضاح أشير إلى ما يلي:

أولاً: توجد فنادق وشقق مفروشة في المنطقة المركزية مُصرّح لها، ويُحسب استهلاكها بالسعر التجاري لأنها تؤجر طوال العام كمساكن للحجاج والمعتمرين، ولا اعتراض على ذلك.

ثانياً: هناك مبانٍ مُصرّح لها بإسكان الحجاج، تُخلى بعد سفرهم، وتقع خارج المنطقة المركزية، ولا يفضّلها كثير من الزوار لبعدها عن المسجد الحرام.

ثالثاً: يجد كثير من القادمين للدراسة الجامعية ومرشحي الدورات وبعض الزوار وأصحاب الدخل المحدود من أهالي مكة في المباني الموسمية فرصة للسكن لرخص أسعارها، رغم ما يعانونه من إخلائها في موسم الحج، مقارنة بالمباني العادية التي تؤجَّر بعقود سنوية.

رابعاً: المشكلة أن شركة المياه تطبّق التعرفة التجارية على المباني الموسمية، رغم أنها تُؤجَّر غالباً لمدة 15 يومًا فقط خلال موسم الحج، ويسكنها مواطنون لا علاقة لهم بإسكان الحجاج، ويأملون أن تعاملهم الشركة كما تعامل غيرهم ممن يسكن في المباني السكنية العادية.

خامساً: الدولة – أيدها الله – تخصص مبالغ طائلة لإنشاء المساكن وحل أزمة السكن، وتشجع المستثمرين على المساهمة في هذا القطاع، ومع ذلك ما زالت الحاجة قائمة لتلبية احتياجات المواطنين.

سادساً: إن عدم تمييز شركة المياه بين المباني الموسمية وتلك المؤجرة طوال العام يعمّق أزمة السكن، لأنه لا يصبّ في مصلحة ذوي الدخل المحدود، ولا يتوافق مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف لأن يكون لكل مواطن سكن.

سابعاً: المباني الموسمية – حسب تقديري – تشكّل أكثر من 60% من المباني المخصصة لإسكان الحجاج، وأصغرها يضم أكثر من 30 شقة، مما يعني إمكانية حل مشكلة السكن للكثير من المواطنين.

ثامناً: من نعم الله أنه بعد تطبيق الرؤية الوطنية والتحول الرقمي، أصبح من السهل تمييز نوع المبنى، فشركة المياه بمجرد حصول المبنى على تصريح إسكان، يتحول تلقائيًا إلى التصنيف التجاري.

تاسعاً: تتم عقود تأجير مباني الحجاج والمعتمرين عبر المسار الإلكتروني لوزارة الحج، بينما تتم عقود تأجير الأهالي عبر تطبيق “إيجار” التابع لوزارة الإسكان.

عاشراً: عند مراجعة ملاك المباني الموسمية لشركة المياه لتعديل فواتير الاستهلاك، يُبلَّغون بأنه لا يمكن التعديل إلا في نهاية العام بعد إلغاء تصريح الإسكان، وهو ما لا يسهم في حل مشكلة السكن لمحدودي الدخل بسبب ارتفاع أسعار الخدمات.

أحد عشر: طالما أن شركة المياه تطبّق التعرفة التجارية فور إصدار تصريح الحج، فلا عذر لها في عدم معاملة المواطنين سكان المباني الموسمية بالتعرفة السكنية كبقية المواطنين، ويمكن للشركة ضمان استحقاقاتها من خلال ما يلي:

أ – وضع سعر تقديري خاص للاستهلاك خلال موسم الحج للمباني الموسمية.

ب – إمكانية إضافة هللة واحدة لكل طن من استهلاك المياه على فواتير جميع المستهلكين لتحقيق التوازن المالي، وتعويض أي خسائر محتملة، دعمًا للفئات الضعيفة ومساهمة في التكافل الاجتماعي.

إن مراجعة الشركة لهذا القرار أمرٌ مهم وواجب وطني، وأثق أن إمارة منطقة مكة المكرمة ممثلة في سمو الأمير وسمو نائبه ستؤيد هذه الفكرة لما فيها من خدمة للصالح العام، ودعمٍ لتوفير السكن بأسعار مناسبة للمواطنين والطلاب والمتدربين.

خصوصًا بعد أن أُسندت إصدار تصاريح إسكان الحجاج إلى وزارة السياحة التي بدأت بمنح تصاريح موسمية تحت اسم “النزل المؤقتة”، فهل ستتفاعل شركة المياه وتستجيب للأمر وتعتمد نظام التسعيرتين؟

إن لم تفعل، فلا عذر لها.

والله من وراء القصد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى