في هذا اليوم الثلاثاء الموافق الحادي عشر من شهر جمادى الآخرة لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وسبعةٍ وأربعين من الهجرة النبوية، الموافق الثاني من شهر ديسمبر لعام ألفين وخمسٍ وعشرين ميلادية، توفي معالي الدكتور محمد العقلا رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
فقد كان مديرًا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة، وقبلها كان وكيلاً لجامعة أم القرى للدراسات العليا والبحث العلمي، وقبلها كان عميدًا لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وقبلها كان رئيسًا لقسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى، وغيرها من المناصب واللجان على مستوى الجامعة والوطن.
كان رجلَ دولةٍ وإنسانيةٍ من الطراز الأول؛ اتسم بخصالٍ وأعمالٍ نادرةٍ ومشرّفة تجاوزت محيطه ومحيط من يمتّ لهم بصلة. لم يبخل بجاهه ولا بمكانته في خدمة الناس والمحتاجين، عرفهم أم لم يعرفهم، فهو — كما أعلم — من الذين اختصهم الله بقضاء حوائج الناس في كل مراحل حياته.
ولا غرابة في ذلك، فهو وليد أسرةٍ معروفةٍ بالعلم والأخلاق والإخلاص والعطاء؛ فوالده الشيخ علي العقلا رحمه الله كان معروفًا بالعلم والحكمة والفضيلة وحسن التربية والتعليم. ربّى أولاده ونشّأهم أفضل تنشئةٍ نموذجيةٍ دينيةٍ ووطنيةٍ واجتماعية.
فالشيخ فراج رحمه الله رجل الدولة المعروف بالخصال الحميدة والأفعال المجيدة، يشهد له بها كل من عرفه من ولاة الأمر إلى أبسط رجل عادي. وكذلك الدكتور عبدالعزيز رحمه الله، ثم الأستاذ عبدالرحمن — أطال الله في عمره ومتّعه بالصحة والعافية —..
وتلك لمحة عن البيئة الأسرية التي عاش وتربّى وتعلّم في كنفها معالي الصديق الحبيب أبو طارق رحمه الله، الذي تشرف بمعرفته كل من تعامل معه.
ولعل ما تركه من آثارٍ وأعمالٍ في جامعة أم القرى أو الجامعة الإسلامية، وأينما حلّ أبو طارق رحمه الله وأُسند إليه منصبٌ أو عملٌ أو لجنةٌ أو استشارة، فقد أبدع وأخلص وتفانى وبذل، فكسب محبة كل من عمل معه وتعامل معه؛ فأينما حلّ نفع.
فوالله إن ما تمتع به فقيدنا رحمه الله من صفاتٍ وأعمالٍ يغبطه عليها الكثيرون، فهنيئًا له بما حَبَاه الله من مزايا، ومن أهمها:
• الصبر على البلاء والشدة،
• البذل والعطاء،
• كسب محبة الآخرين — وما أكثرهم —
• الولاء والوفاء لوطنه وولاة أمره،
• روح الفكاهة وتفريج هموم الآخرين،
• فضلاً عن التربية الحسنة النموذجية لأبنائه وبناته وكل من تولّى أمرهم.
فطارق وعلي وعُقيل وعبدالله والبنات نماذج وصور من تربية محمد العقلا.

وقبل الختام أتوجه إلى الله السميع العليم أن يرحم الحبيب والصديق والعالِم معالي الدكتور محمد بن علي العقلا، وعزائي لنفسي ولأبنائه البَرَرة، ولأخي وحبيبي وصديقي الأستاذ عبدالرحمن،، وللأسرة كافة، ولكل محبي وأصدقاء أبو طارق.
فهذه مشاعر عاجلة، فيضٌ من غيض، أردت أن أعبّر بها عن جزء مما أكنّه وأحمله وأعرفه عن أبي طارق رحمه الله. فحقه عليّ وعلى كل من أحبه وتعامل معه يقتضي أن أفرد له بعضًا مما يستحق قريبًا بإذن الله.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.






