الثقافيةالمحليةمكة - عاجل

«فؤاد العمر» شاعر جنوبي.. يجمع بين حيوية الشباب وحكمة الكبار

يمتلك حضوراً شعرياً يفرض تأثيره بقوة الكلمة لا بأضواء الإعلام

استطاع الشاعر الشاب فؤاد العمر أن يرسخ اسمه بين الشعراء الشباب الأكثر حضوراً وتميزاً، محافظاً على غزارة موهبته، وصدق حضوره دون ضجيج. فهو شاعر يجمع بين دهشة البدايات وثقة التجربة، ويمزج بين فخامة العرضة ورصانة النظم، بينما تحمل قصائده بصمات الجنوب ونبرة الجبال وعمق الإنسانية. ويتمكن في كل ظهور من تشييد جسر متين بين الموروث واللحظة الراهنة، وبين الكلمة ووجدان جمهوره. ولا يطارد وهج الإعلام، بل يفرض مكانته بقيمة ما يكتب، مستنداً إلى عبقرية شعرية تتقاطع فيها جذور التراث مع الذائقة المعاصرة. 

وقد تحدث «العمري» في هذا الحوار بصدق وشفافية عن نشأته التي ترعرع فيها وسط بيئة غنية بالشعر والجمال الفني، موضحًا أن قبول الجمهور كان التحدي الأبرز في بداياته. كما أكد أنه لا يسعى خلف أضواء الإعلام رغم الفرص المتاحة، ويرى في المسابقات الشعرية منبراً حيوياً لصعود المواهب الشابة، وأشار إلى أن الشاعر قد يعتزل الساحة، لكنه لا يستطيع التخلي عن جوهر الشعر ذاته، كاشفاً عن أنه يجد نفسه متألقاً في العرضة والنظم، مع ميلٍ واضح إلى التراث الجنوبي الذي يمنح قصيدته روحها.

واستعرض «العمري» برؤية واعية الاختلافات بين أجيال الشعر، مشيراً إلى أثر تواجد الشعراء الشباب على حضور كبار شعراء الساحة، كما تناول تجربته الغنية في عالم الشيلات التي انطلقت قبل سبعة أعوام، متوقفاً عند النجاح الباهر لشيلة «دار ممنا» التي نالت شهرة واسعة، واقتربت من تحقيق نصف مليون مشاهدة على منصة اليوتيوب، وأكد «العمري» على أهمية النقد البنّاء في مسيرة الشاعر، كاشفاً عن أعمال جديدة قادمة في عالم الشيلات، وفي ختام الحوار، عبّر عن عميق امتنانه لأسرته وقبيلته ولكل من ساندوه في مسيرتهم الشعرية… فإلى نص الحوار كاملاً:

1. ما اسمك؟ وكيف ومتى بدأت مسيرتك الشعرية؟

اسمي فؤاد أحمد محمد العمر العُمري، وقد انطلقت موهبتي في عالم الشعر منذ الصغر، بين أحضان عائلتي وأصدقائي والأقرباء، ثم توسعت أعمالي من خلال مشاركتي في الأنشطة المدرسية والفعاليات المتنوعة، وصولاً إلى المنتديات الشعرية، كما كانت أشعاري المنبرية تتراقص على الميكروفونات في المناسبات العامة.
2. ما أبرز الصعوبات التي واجهتك في بداية مشوارك؟
لم أصادف تحديات جسيمة ولله الحمد، لكن الذي يثير قلقي هو مدى قبول الناس لما أقدمه، خصوصًا في ظل قلة خبرتي في البداية وكثرة الشعراء الذين يتواجدون في الساحة آنذاك. ومع مرور الزمن، استطعت أن أتجاوز تلك المرحلة الصعبة.
3. لماذا لم تظهر إعلامياً؟ وهل يرتبط هذا بأسلوبك؟
لا أسعى بشغف نحو الأضواء الإعلامية، على الرغم من أن الفرص التي قدمت لي كانت كثيرة، كما أشعر أن الوقت الراهن لا يزال غير مناسب للظهور الإعلامي القوي لأسباب خاصة بي، لذا اكتفى بظهور إعلامي متواضع يعكس وجودي في الساحة فقط دون صخب.
4. هل شاركت في المسابقات الشعرية؟ وهل تؤيدها؟
لم يسبق لي أن شاركت في مثل هذه المسابقات، وربما أجد نفسي في المستقبل ضمن المشاركين فيها، لكنني أُعبر عن تأييدي القوي لاستمرارها، فهي كانت منارة أضاءت دروب العديد من المواهب الشعرية، ومنحتهم الفرصة للتألق والظهور في سماء الإبداع على الساحة.
5. هل يمكن للشاعر أن يعتزل أم أن ذلك صعب عليه؟

يمكن أن يعتزل الشاعر الصعود إلى منصة الحفلات، ولكن من الصعب عليه التخلي عن ممارسة الشعر خارج محيط موروث العرضة، فهذه الموهبة تظل رفيقة دربه على مر الزمن، حتى وإن امتنع من المشاركة في الحفلات.

6. بعد سنوات من الشعر، هل ترى نفسك شاعراً حقيقياً؟
أتمنى أن أكون قد قدمت ما يرضي نفسي ويرضي الجماهير، فاستمرار الطلب على قصائدي يعدّ برهاناً ساطعاً على ذلك.
7. أين تجد نفسك أكثر تألقاً: في العرضة أم النظم؟

أتمكن من المشاركة في كلا النوعين، فالعرضة والنظم يجتمعان في قالب واحد بالنسبة لي، لكن أميل إلى العرضة أكثر، لأنها تمثل جذوري الأولى التي انطلقت منها كشاعر.

8. من تعتبره شاعر الجنوب الأول، وكذلك في زهران؟

بصراحة، يعتبر كل شعراء الجنوب مدارس فريدة من نوعها في عالم الإبداع الشعري، لكن شعراء زهران بالتحديد يعتبرون نجوماً ساطعة لا تقارن في سماء شعر العرضة الجنوبية.

9. أي الجيلين أقوى شعراً: الماضي أم الحاضر؟
لقد اتسم جيل الماضي بعمق المفردة الشعرية، وسبك تركيب الأبيات، بينما يشهد الجيل الحاضر تطوراً ملحوظاً في المفردات وابتكاراً في معايير العرضة، ولكل جيل أسلوبه الفريد وخصائصه المميزة.
10. كيف تصف مشاركاتك مع شعراء العرضة الكبار؟

كانت تجربة غنية بالمعرفة، حيث اكتسبت منها دروساً قيمة، خاصة برفقة شعراء مبدعين مثل أحمد الكناني وأحمد الدرمحي وغيرهم ممن أضاءوا لي دروب الإلهام في مجال الشعر واستفدت منهم.

11. هل تصويت مسابقات الشعر يثير التعصب القبلي؟

بالتأكيد، قد يحدث ذلك عندما يتحول التصويت للشخص ذاته، ويكون بعيداً عن جودة الشعر وإبداعه.

12. برأيك، لماذا ابتعد بعض الشعراء الكبار عن الحفلات؟
ويرجع ذلك إلى كثرة الشعراء الشباب في الساحة، إضافة إلى أن بعض الشعراء الكبار، خصوصًا في العرضة الجنوبية، لم تعد تغريهم المشاركة في الحفلات البعيدة، أو الدخول في محاورات قد تتطلب احتكاكاً مباشراً مع شعراء يندفعون بحماس في المحاورات.
13. هل مدح الناس حقاً مشروع للشاعر أم مجرد تسول شعري؟
المدح يعد من الأغراض المشروعة في مجال الشعر، لكن قد يصبح هدفه مالياً، مع تزايد المجاملات الاجتماعية.
14. ما نصيحتك للشعراء المهتمين بالمدح أكثر من القارعة؟
نصيحتي لهم بأن لا تتجاوز قصائد المدح حدها، لأن القارعة أهم ونجاحها يعتمد على الأدب والانضباط.
15. ما البيت الشعري الذي تكرره دائماً من شعرك؟
أكرر أبياتا كثيرة، ومن بينها ردي في قصيدة تماشياً مع لحن الزملة مع الشاعر أحمد الدرمحي، وفي خاتمتها أضأت بكلماتي:
البيارق معه والرشد له لا بدا راياً برايا
شيّد امداحنا بين القبائل ونصب رايته
16. هل هناك قصيدة تمنيت لو أنك كتبتها؟
لا توجد قصيدة بعينها، لكنني أطمح إلى ذلك عند قراءة أي قصيدة جزلة تفيض بالجمال.
17. هل لديك شيلة تعدّها محطة فارقة؟
بلا شك، كانت شيلة «دار ممنا» هي الأكثر تميزاً بصوت المنشد هاني الزهراني، حيث اقترب عدد مشاهداتها على موقع اليوتيوب من عتبة نصف مليون.
18. متى بدأت مسيرتك في الشيلات؟ 
انطلقت رحلتي في مجال الشيلات قبل سبع سنوات، حيث كنت من الأوائل الذين أبدعوا في تقديم الشيلة بأسلوب العرضة، مستنداً إلى تجربة غنية في فنون شيلات النظم على مدى سنوات عديدة.
19. ما الفرق بين كتابة الشيلة وأدائها وتلحينها؟
كتابة الشيلة تعد فناً شعرياً بحتاً، لكن التلحين والأداء يمنحانها بعداً آخر من التأثير والعمق. لذلك يميل الكثيرون إلى سماع القصائد بدلاً من مجرد قراءتها، مما يعكس قوة الشيلات في جذب القلوب والعقول.
20. كيف تتعامل مع نقد الجمهور لقصائدك؟
اهتم كثيراً للنقد البناء، ولا أهتم للنقد الذي لا يحمل قيمة أو فائدة.
21. هل هناك أعمال فنية جديدة قادمة لشخصك؟
بالفعل، هناك عمل قبلي يزهو بلحن مبتكر، وآخر وطني يشارك فيه مجموعة من المنشدين البارزين، لكن بسبب كثرة شيلات الزواجات، فقد تعطل إطلاقهما.
22. هل يوجد شعراء يطلبون المشاركة في الحفلات؟
نعم، وقد يحضر الشاعر أحياناً دون مقابل إذا تطلّب الأمر من أجل الحضور فقط.
23. ما أبرز تعاوناتك مع شعراء العرضة والنظم؟
تعاونت مع العديد من الشعراء عبر المشاركة في الحفلات وتبادل القصائد والرد عليها، سواء في مجال العرضة أو النظم، وبعض تلك القصائد نُشرت سابقاً.
24. ما الرسالة التي تود إيصالها؟
أعبر عن شكري لقبيلة زهران العريقة كافة، ولقبيلتي بني عمر الأشاعيب خاصة، ولشيخنا الفاضل عبدالله بن موالا العمري، ولأهالي وادي ممنا الكرام. كما أكرر شكري للأستاذين أحمد محمد المعيض ومحمد بن مهراس، ومعرفي وادي ممنا جميعاً، على دعمهم المتواصل الذي لا يُقدّر بثمن، وأسأل الله أن أكون جديراً بالثقة التي منحنموني إياها، كما أوجّه شكري العميق للمنشدين عمر العويفي وريان العاصمي، ولسائر إخواني من الشعراء والمنشدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى