شهدت المملكة العربية السعودية في الألفية الجديدة تحولًا تاريخيًا واسعًا ارتبط باسم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أعاد تعريف مفهوم القيادة العربية ورسم الملامح الكبرى لدولة حديثة تنهض بثقة وتستعيد دورها الحضاري في المنطقة والعالم. فقد جمع سموه بين وعيٍ عميق بجذور الدولة السعودية منذ تأسيسها، ورؤية مستقبلية جريئة تستجيب لمتغيرات العصر، مما جعل مشروعه الوطني مسارًا شاملًا لإعادة بناء الاقتصاد والمجتمع والسياسة والثقافة والتعليم ضمن صياغة جديدة لدور المملكة في القرن الحادي والعشرين.
وقد شكّلت رؤية السعودية 2030 النقطة المفصلية في هذا التحول، فهي ليست برنامجًا اقتصاديًا محدودًا، بل مشروع حضاري يعيد تنظيم بنية الدولة ويضع الإنسان السعودي في قلب التنمية. ومع إطلاق هذه الرؤية، انتقلت المملكة من الاعتماد على النفط إلى اقتصاد متنوع يرتكز على الابتكار والصناعة والسياحة والاستثمار العالمي. وبرزت المشاريع العملاقة مثل نيوم وذا لاين والبحر الأحمر والقدية بوصفها علامات فارقة على قدرة المملكة على دخول عصر المدن الذكية والاقتصادات المتقدمة، وتحويل الجغرافيا إلى طاقة إنتاج وصناعة مستقبل.
كما شهدت المملكة نهضة ثقافية واسعة جعلت من الفن والموسيقى والمسرح والأدب روافد للقوة الوطنية الناعمة، وذلك عبر إنشاء هيئات متخصصة ومبادرات كبرى غيّرت المشهد الثقافي وأسهمت في تعزيز الهوية السعودية بصيغة متجددة. وفي التعليم، جرى تحديث المناهج وتطوير الجامعات وإطلاق برامج ابتعاث نوعية لإعداد أجيال تمتلك أدوات المعرفة وتستطيع المنافسة عالميًا. هذا المسار المتكامل يؤكد أن التحول الحضاري ليس اقتصادية فحسب، بل بناءٌ للإنسان وتحريرٌ لطاقة المجتمع.
وعلى الصعيد السياسي، رسّخ سمو ولي العهد استقلالية القرار السعودي، فأصبحت المملكة قوة دولية فاعلة تشارك في صياغة السياسات العالمية المتعلقة بأمن الطاقة والمناخ والاستقرار الإقليمي. وجاءت استضافة قمة العشرين في الرياض لتؤكد مكانة المملكة وقدرتها على إدارة ملفات عالمية حساسة، كما شكّلت الاتفاقات الاقتصادية والدبلوماسية الحديثة—من التقارب مع القوى الكبرى إلى الوساطات الإقليمية—شواهد على قوة الدور السعودي في النظام الدولي.
وفي المجال الدفاعي، انطلقت المملكة في مشروع ضخم لتوطين الصناعات العسكرية وبناء قدرة ذاتية تحمي الإنجاز الوطني وتدعم استقرار المنطقة، مما جعل الأمن والدفاع جزءًا من النهضة الشاملة التي يقودها سموه.
لقد صنع الأمير محمد بن سلمان تحولًا حضاريًا يمتد في جذوره إلى تاريخ الدولة ويتجه في آفاقه نحو المستقبل، فباتت المملكة اليوم نموذجًا عربيًا جديدًا لقوة الإرادة وجرأة التغيير. إنها السعودية الجديدة التي لا تكتفي بالتكيّف مع العالم، بل تشارك في صنعه، وتعلن بثقة أن
زمن المستحيل قد انتهى
وأن عصر الإنجاز قد بدأ
• مستشار قانوني

