تشهد منظومة شركات تقديم الخدمة لحجاج الخارج – خلال السنوات الأخيرة – حراكاً متنامياً من قبل المساهمين تصاعد معه النقاش حول مستوى الحوكمة وفاعلية مجالس الإدارة وواقع الاستثمار في هذه الشركات.
وقد بلغ هذا الحراك محطة مفصلية عقب صدور حكم قضائي بانتداب خبير للتفتيش على إحدى الشركات المساهمة استناداً إلى دعوى رفعها مساهمون يملكون النسبة النظامية ٥٪ التي تخولهم طلب التفتيش وفقاً لأحكام النظام.
هذا التطور جاء بعد نحو عامين من محاولات المساهمين فتح قنوات تواصل مع مجلس الإدارة ، لكنها باءت بالفشل – بحسب تعبيرهم – أمام حالة من التعنّت وغياب الاستماع لرأي المالكين مما دفعهم إلى اللجوء إلى المسار القضائي كخيار أخير.
وفي الفضاء الرقمي ولا سيما عبر منصة X ، ارتفعت الأصوات المطالبة بعزل ومساءلة بعض مجالس الإدارات مستندة إلى عدة ملاحظات مشتركة أبرزها:
– تدنّي الأرباح الموزعة مقارنة بتوقعات المساهمين.
– وجود شبهات تضارب مصالح داخل بعض المجالس.
– مؤشرات على سوء إدارة أو شبهات فساد.
– غياب أو تعطيل الاستثمارات التي نصت عليها عقود التأسيس رغم كونها محوراً أساسياً في تطوير الخدمة وتنمية الأصول.
رغم اختلاف أوضاع الشركات فيما بينها إلا أن ما يُنقل عن مساهمين في عدد منها – سواء تربطهم صلة قرابة أو صداقة أو شراكة – يؤشر إلى حالة قلق متزايدة بشأن مستقبل هذه الكيانات وإلى الحاجة الملحّة لمراجعة أساليب الإدارة والتشغيل والاستثمار.
تحول جديد في الأفق .. بيئة مختلفة تماماً .
من المهم الإشارة إلى أن هذه الشركات تُعد شركات مساهمة مغلقة لكنها ليست بعيدة عن تحول محوري يتمثل في الاستعداد للدخول تحت مظلة السوق المالية السعودية ضمن خطط إعادة هيكلة قطاع أرباب الطوائف.
هذا التحول – عند اكتماله – سيغيّر البيئة التنظيمية لهذه الشركات بشكل كبير سواء على مستوى:
– المساهمين: قواعد جديدة للحوكمة والشفافية والإفصاح.
– مجالس الإدارة: معايير أعلى للمساءلة والكفاءة وتجنب تضارب المصالح.
– العمليات التشغيلية والاستثمارية: التزام أكبر بمتطلبات الرقابة وتطوير البنية التشغيلية وتحسين أداء الأصول.
إن دخول هذه الشركات – مستقبلاً – في إطار رقابي أشمل سيجعل المرحلة القادمة مختلفة جذرياً عن المراحل السابقة ما يضيف وزناً أكبر لمطالب المساهمين الحالية بضرورة الإصلاح قبل الانتقال إلى البيئة الجديدة.
هل نشهد تغييرات جوهرية قريباً؟
المراقبون يترقبون أن تسفر هذه التفاعلات – في ظل إطار نظامي واضح – عن إعادة ضبط لمسار إدارة الشركات وتفعيل فعلي للأدوات القانونية الممنوحة للمساهمين وتعزيز مساءلة مجالس الإدارات وفق أحكام نظام الشركات ونظام مقدمي خدمة حجاج الخارج.
” الاستثمار .. العصب المفقود ”
يتفق معظم المساهمين الذين تحدثوا في هذا الملف على أن غياب الدور الاستثماري يمثل الحلقة الأضعف في أداء كثير من الشركات ، فالاستثمار ليس مجرد بند في عقود التأسيس ، بل هو محرك رئيسي:
– لرفع جودة الخدمة المقدمة للحجاج،
– خلق فرص وظيفية مستدامة للشباب والشابات،
– تعزيز التنافسية بين الشركات،
– تحقيق عائد طويل الأجل ينعكس على المساهمين والقطاع ككل.
والسؤال الذي يظل مطروحاً:
هل ستتمكن هذه الشركات – خلال المرحلة المقبلة – من تحويل طموحات التأسيس إلى واقع اقتصادي واستثماري ملموس؟
اخيرا :
إن تطوير قطاع تقديم الخدمة لحجاج الخارج مسؤولية تتقاطع فيها الأدوار بين المساهمين ومجالس الإدارات والجهات التنظيمية.
وبينما يظل الكمال بعيد المنال ، يبقى السعي للإصلاح وتطبيق الحوكمة وبناء مؤسسات أكثر كفاءة وشفافية حجر الزاوية في حماية هذه الكيانات وتحقيق أهدافها الوطنية والاقتصادية .





