المقالات

الصمت ليس دائمًا حكمة… يا رياضة

كتبنا، وكتب الكثير من النقاد، عن أحوال المنتخب التي باتت عِلّة تُنغّص قلوب المحبين، الذين هم على قائمة انتظار تحسين مستوى أخضرهم الأثير. ولكن يبدو أن منتخبنا من جرفٍ لدحديرة… يا قلبي لا تحزن.
ولا تحزن هذه، يسامحني فيها الجمهور الرياضي، فالحزن مشروع، وخاصة ونحن كلما قلنا بتزيين جِدّ أمرٍ جديد.

الكل متفق على أن المنظومة الرياضية كلها مسؤولة عن هذا المستوى السيئ. وأقولها بكل صراحة: عندما لعبنا أمام الأردن، عاطفتي مع فوز منتخبنا، فمن الحب ما قتل، ولكن عقلي يقول: أينما ذهبت فخراجها لنا؛ فإن فزنا فرحت قلوبنا، وإن هُزمنا لعلها تكون جرس الإنذار الذي ربما سيفيق بعض الذين لا تزال غفوة النوم عن الحقيقة تُعشّش في أحلام يقظتهم.

وكنت أعاتب قلبي وأقول له: ما فائدة فوز لا يُسمن ولا يُغني من جوع؟ ولكن نعدّه منجزًا رياضيًا حبًا في الوطن، لأن كل إضافة لمكاسبه هي أمنية يسعد بها القلب وتقرّ بها العين. وأيضًا الفوز هو شغف متجذّر في قلب كل رياضي، بل حتى من لا شأن له في كرة القدم أو غيرها من النشاطات، ولكن وين ما يروح الأخضر كلنا معه قلبًا وقالبًا.

الكل يتحدث في كافة منصات التواصل والبرامج الرياضية عن هذا الإخفاق المتتالي للمنتخب، أما ما في المجالس فذلك أكثر صخبًا ووضوحًا، حيث إنها منصات آنٍ للمتحدث أن يمدّ لسانه. الكل يتحدث، حتى الذي ليس له في العير ولا في النفير، والذي يجب أن يتكلم صامت؛ فليس كل صمت حكمة.

وأخشى أنه بعد هذا الصمت يخرج لنا من يبرر هذا المستوى بإجراء قديم متآكل، على مذبح ليّ عنق الحقيقة وأسبابها، وذلك بكبش الفداء المستمر، وهو إقالة المدرب، واختيار آخر لا يقل عنه سوءًا، مع أن المدرب هو جزء يسير من هذه المشكلة التي يبدو وكأنها استعصت على من بيده الحلول.

من حوالي 16 عامًا من الزمن والمنتخب يعاني، وقلوب العشاق صار الفرح خصيمها. أعود وأكرر: على من له الصلاحية لا بد من الخروج إلى هذا الجمهور، الذي من سنين لم يذق نكهة الإبداع ولا النتائج المفرحة، وهو صابر، يذهب إلى المدرج رجلًا وراء والأخرى قدّام، مع أنه في الحقيقة وهو ذاهب لمشاهدة المنتخب يفكر بأن يجعلها رجلًا وراء والأخرى وراء كمان، ولكن قلبه ما يعطيه.

هذا الجمهور يعيش على منجزات تاريخية، أيام عزّ الأخضر، التي أصبحت مجرد ذكريات. الإخفاقات لم تطل كرة القدم فقط، بل أيضًا القرارات وتناقضها وتأخرها، والأمثلة كُثر، ولكن نكتة “من الفائز بالسوبر؟ هي السوبر” لا تزال متداولة.

أتمنى أن يُصار إلى ورشة عمل تتكون من المسؤول الأول عن الرياضة، وممن يمثلها في المنظومات الرياضية لكرة القدم، ونخبة من الشخصيات الرياضية التي يُشهد لها بالتفكير خارج الصندوق الذي أكل عليه الدهر وشرب، والخروج بأجندة عمل، ولو بدأنا من الصفر، حتى لو توقفنا فترة عن المشاركة. لأن المشاركة أصبح شكلها تسجيل حضور فقط: نحن هنا. وزفيفة المشهد رايحين جايين من محطة لمحطة، وبكيفه الأخضر يتخطى أو ما يتخطى.

ومن ضمن الأفكار، وقد سبق نوهت عن هذا في مقال سابق، هو مراجعة مشاركة الأجانب فلا تزيد على خمسة لاعبين، وهذا سيركز على اختيار الأفضل، وليس ما شفنا بالكوم إلى اليوم، وبالتالي تُتاح الفرصة لمشاركة لاعبين سعوديين في المنافسات.

أما الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي يكاد يصبح من الآثار، فعليه أن يعلم أنه حان من زمن أن يترجّل، ولكن لعله يفعلها… فقد فاض الكيل، ويكاد أن يُبلبل كل شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى