الإدارة فنٌّ وأسلوبٌ راقٍ وتعاون، لا ينجح فيه إلا القائد الذكي. فالمدير الناجح هو الذي يعرف كيف يحتوي العاملين معه بعيدًا عن السطوة وفرض السيطرة. فالإدارة سلوك وأخلاق قبل أن تكون عملًا وجهدًا، وثقة في العاملين قبل أن تكون محاسبة لهم. والمدير هو النور الذي يضيء للعاملين ظلمة العمل لتحقيق أهدافهم العملية الناجحة، وهو طوق النجاة للوصول بالسفينة إلى برّ الأمان، أو السبب الرئيس في غرقها.
وهناك من يرى أن نجاح الإدارة يكون بفرض السيطرة على العاملين وتأصيل مقولة «وريهم العين الحمراء»، في حين أن هذه المقولة هدمت كثيرًا من الصروح، وأطاحت بكثير من الرؤوس، بسبب الأنا وحب السيطرة، وهذا دليل على فشلها. بينما المدير الناجح هو من يرى أن العاملين معه شركاء في النجاح، وليسوا أداة يسخرها لتنفيذ العمل كيفما يرى، بغض النظر عن نجاحه.
إن عمل المدير يتمثل في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، التي يندرج تحتها التقييم، لكن قبل ذلك كله يكون داعمًا ومحفزًا ومحورًا رئيسًا في رحلة الموظف العملية. ومن واجبات المدير بناء الثقة، والتوظيف الذكي للمهام، وتقدير الجهود التي يبذلها الموظف، بتقديم الشكر له تارة، ومنحه الحوافز تارة أخرى، وهذا سيدفعه إلى بذل مزيد من الجهد، كما أنه يشجّع بقية العاملين على تقديم جهود أكبر ليكونوا ضمن المكرمين والمتميزين.
إن من عيوب المدير أن يظهر للعاملين الوجه الحسن بينما يخفي الوجه الحقيقي، وعندها يسقط من عيون العاملين ويفقد ثقتهم. وللأسف، فإن هذا ينطبق على بعض مديري المدارس الذين يعتقدون أنهم وصلوا إلى مراتب عليا تبيح لهم اتخاذ أي قرار، حتى وإن كان خاطئًا. فالمدير الناجح هو الذي يجمع بين الحكمة والعدل، ويتمتع بمهارات التواصل والتخطيط والتطوير وخلق بيئة محفزة، ويكون قدوة للطلاب والمعلمين لتحقيق الأهداف التعليمية. وعليه أن يتأكد من سلامة الفصول الدراسية والمرافق لضمان بيئة تعليمية آمنة، وتحقيق الشراكة المجتمعية من خلال التواصل مع أولياء الأمور والاستماع إلى مقترحاتهم وشكاواهم.
وأخيرًا، فإن على كل مدير إدارة تحقيق الأهداف المنوطة به، وفي مقدمتها أن يكون قدوة حسنة، وأن يعمل على تطوير البيئة المحفزة للعاملين، والبعد عن تتبع الأخطاء الصغيرة، ومحاولة تجاوزها إذا كانت لا تسيء إلى العمل.






