
الرياض 21 جمادى الأولى 1432 هـ
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سـعود ـ حفظه الله ـ تبدأ غداً فعاليات ملتقى أشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم الذي ينظمه مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة , بمشاركة نخبة ممن تشرفوا بكتابة المصحف الشريف والمهتمين بعلم الرسم العثماني ، والخط العربي وزخرفته .
وثمن سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ جهود مجمع الملك فهد في مجال طباعة المصحف الشريف وتوزيعه في مختلف أقطار العالم .
ووصف ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم بأنه مهم وقيّم ، سائلاً الله العلي القدير أن يجزي حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود , وسمو ولي عهده الأمين , وسمو النائب الثاني " حفظهم الله " خير الجزاء لعنايتهم واهتمامهم بخدمة كتاب الله الكريم، وسعيهم في إيصاله إلى كل مسلم على وجه هذه البسيطة ليستفيد منه تلاوةً لألفاظه، وتدبراً لمعانيه، وتفقهاً لأحكامه، وعملاً بتوجيهاته .
وقال سماحته في حديث له بعنوان "عناية الأمة الإسلامية بالقرآن الكريم رسماً وكتابةً " : إن القرآن الكريم هذه المعجزة الخالدة لهو كتاب هداية للناس وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"، وهو شرف شرّف الله به الأمة المحمدية؛ إذ جعلها أمةَ القرآن، وحَمَّلَها أمانةَ تبليغه والبشارةِ به للبشرية أجمع؛ ليكون هذا الكتاب الكريم سبباً في هدايتهم وصلاحهم وإخراجهم من ظلمات الكفر والجهل والضلال إلى نور الإيمان والعلم والهدى.
وأضاف : كان هذا الكتاب الكريم محل عناية المسلمين والأمة الإسلامية منذ أن أكمل الله نزوله على نبيه صلى الله عليه وسلم ، فبعد أن انتقل الرسول الأمين إلى الرفيق الأعلى وإلى جوار ربه عز وجل ، قام صاحبه وخليفته من بعده أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – بجمع أسفار كتاب الله عز وجل خشية أن تضيع من أيدي أصحابها، أو بموت حملته، فجَمَعَها لديه ، ثم أكمل هذا الجمع الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه ، حيث جمع الناس على مصحف واحد، على حرف قريش ، ثم استمرت عناية الأمة المسلمة بهذا الكتاب الكريم، ضبطاً لرَسْمِه، ونَقْطِه، وأجزائه، وأحزابه، وتشكيل كلماته، إضافة إلى إهتمامهم بنسخه وكتابته بالخط الواضح الجميل وبالرسم المعهود لديهم.
واضح ان تطور كتابة المصحف الشريف حظي باهتمام الخطاطين المسلمين على مرّ العصور، وبرعوا في ذلك، وكتبوا المصاحف الكثيرة، مع العناية بمظهره وجماله وإخراجه في حلة قشيبة , مشيراً إلى أن مع ظهور المطابع الحديثة، وظهور الحاسب الآلي ضَعُفَ الاهتمامُ بهذا الجانب، وقَلَّ الابتكارُ فيه، فكان هذا الجانب بحاجة إلى تشجيع حتى لا ينقطع بالكلية.
وخلص سماحته الى أن المملكة العربية السعودية من منطلق عنايتها بكتاب الله عز وجل وخدمته أنشأتْ مجمعاً خاصاً بطباعة المصحف الشريف، مجهزاً بأحدث وأرقى الأجهزة في مجال الطباعة , ونظراً للدور الذي يقوم به مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في هذا المجال، وما يتصف به من مرجعية في كتابة المصحف ومراجعته وتدقيقه وطباعته، أراد المجمع أن يعقد ملتقى بعنوان: (ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم)، يشارك فيه نخبة ممن تشرّفوا بكتابة المصحف، ومن المهتمين بعلم الرسم العثماني، وقضايا الخط العربي.
من جهته رفع معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على المجمع الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بهذه المناسبة الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين على رعايتة للملتقى , مبيناً أن رعايتة – أيده الله – تؤكد الاهتمام المتواصل الذي يوليه للقرآن الكريم، والسنة النبوية ، وكل ما يتعلق بخدمتهما ، من طباعة ونشر ، وعقد مؤتمرات ، وندوات ، وملتقيات تصب كلها في خدمة هذه الغاية السامية المتصلة بكتاب الله الكريم ، وسنة رسوله ـ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
وقال : إنه من خلال هذا الملتقى المبارك يجتمع كتبة المصحف الشريف من إحدى وثلاثين دولة ليتبادلوا الرأي في تجربة كل منهم لتحسين أشكال الحروف التي يخطونها , وإبراز جماليات تركيبها ، وتحقيق ما يسميه أهل الفن بالنسب الفاضلة ، وما يرونه من محاولة التوفيق بين معاييرها ليكون الملتقى قد حقق بعض أهدافه في تقديم النص القرآني على أحسن حال وذلك من حيث حروفه مفردةً ومركبة ، واتساقها في سطورها حتى تغدو بهجة للناظرين ، إلى جانب رعاية علمية متكاملة في قواعد المرسوم والضبط المعروفة في علوم القرآن الكريم ، كما يجتمع
الخطاطون ومن لديه خبرة بصناعة الزخرفة والتذهيب ، ليعرضوا أمام الجمهور نماذج من إبداعهم وأعمالهم الفنية .
وأضاف أن هناك برنامج ثقافي حافل مصاحب للملتقى، إلى جانب المعرض الذي سيضم ـ بإذن الله ـ في أقسامه المتعددة معروضات متميزة عن كتابة المصحف الشريف وخطه عبر قرون متعددة ، مشيراً إلى أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تأمل بأن يكون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف رافداً لمسيرة خدمة كتاب الله في جميع أنشطته التي ينهض بها سواء في إصداراته ، أو ندواته
التي يعقدها ، أو خدماته الجلّى ، التي غدت بفضل الله معقد الآمال .
وأكد معالي المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف أنه ما كانت هذه الجهود المباركة لتؤتي أكلها ـ بعد توفيق الله عز وجل ـ لولا هذا الدعم السخي من قادة هذه البلاد " حفظهم الله " .
وختم معاليه تصريحه ـ بسؤال الله تعالى – أن يحفظ هذه البلاد المباركة في ظل قيادة حكيمة قدمت ، وما تزال تقدم أعمال جليلة لخدمة كتاب الله ، وسنة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ــ على وجه الخصوص ، وخدمة الإسلام والمسلمين على وجه العموم .
من جانبه أكد الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف رئيس اللجنة التحضيرية لملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي أن النساء المشاركات في الملتقى سوف يتابعن المحاضرات والندوات والبرنامج الثقافي للملتقى من خلال الشاشات المعدة في القسم النسائي، وستكون نسبتهن في المشاركة جيدة ، كما أن بعضهن سيعرض تجربته في الخط على الزائرات ، لافتاً الانتباه إلى أن اختيار المشاركات خضع لنتائج تحكيم الأعمال اللاتي يرغبن في عرضها في المعرض المصاحب للملتقى وفق المعايير المحددة لذلك .
وأوضح أن 280 من أشهر الخطاطين سيشاركون في الملتقى العالمي ، منهم من خط كتاب الله بالكامل ومنهم من خط أجزاء منه , ومنهم من برع في فن الخط أو الزخرفة بشكل عام وخط أو رسم لوحاتٍ غاية في الجمال، مفيداً أن العبرة بانطباق ضوابط الكتابة، ونوع الخط وإبراز شخصية الخطاط من خلال أعماله في كتابة المصحف الشريف ، وأنه كلما تقدمت التقنيات المعاصرة، كلما كان الخطاط المتميز نادراً، فالخط علم وفن، وموهبة قلما تتوافر في شخص، ويتطلب الأمر صقلها وتطويرها باستخدام التقنيات المعاصرة، ، والدعوة ، مبيناً أن التقنية الحديثة لا يمكن أن تلغي الخط لأنه علم وفن وموهبة ، وأن فكرة تنظيم ملتقى لأشهر خطاطي المصحف الشريف في هذا الوقت بالذات انبثقت من خلال اهتمام وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالقرآن الكريم .
وأوضح أن المجمع أعد من خلال اللجان المكوّنة للملتقى استبانة طلب مشاركة تتضمن معلومات شخصية، والمؤهلات، والخطوط التي يتقنها الخطاط، والمصاحف التي تشرف بكتابتها، وملخص عن رحلة الخطاط في كتابة المصحف الشريف أو الخط العربي، والأعمال التي يرغب في المشاركة بها في الملتقى، ومشاركاته السابقة في المؤتمرات، والندوات، والملتقيات، والمسابقات، والتحكيم، والسيرة الوظيفية، وأسماء الذين يرشحهم للمشاركة وسواءً كان الترشيح شخصي أو من قبل جهة معتبرة، مبيناً أن الأعمال المرسلة للملتقى تمر بتحكيم علمي من قبل لجنة متخصصة.
وبين رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى أن جمع أكبر عدد من أشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم فيه خير كثير للخط وكتابة المصحف الشريف ، ولا بأس من تطويع التقنيات الحديثة لخدمة الخطاطين، ولغرض كتابة المصحف وفق المعطيات التقنية وفي الوقت نفسه تمكين الموهوبين من الخطاطين من الانطلاق فيما يكتبونه.
وأفاد الدكتور العوفي أن الملتقى سيصاحبه معرض ببرامج خط المصحف الشريف على الحاسوب وستقام ندوة ضمن البرنامج الثقافي للملتقى عن مشروع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف للخطوط الحاسوبية المطابقة والموافقة لمصحف المدينة النبوية، كما ستقام ندوة عن: (الخط العربي بين الخطاطين والمبرمجين).
وأشار إلى أن الملتقى سينتج فيلماً وثائقياً لأشهر من قاموا بخط المصحف ، حيث تم تكوين لجنة للفيلم الوثائقي ، وبإذن الله سيصدر عن الملتقى ويغطى مختلف الأمور ذات العلاقة بالخط العربي .