المقالات

شركة الشخص الواحد.. تطور تشريعي يواكب الاقتصاد ويستدعي رقابة فاعلة

شهد النظام القانوني السعودي تطورًا تشريعيًا لافتًا مع صدور نظام الشركات الجديد، الذي تبنّى نماذج حديثة من الكيانات القانونية، كان من أبرزها “شركة الشخص الواحد”. وقد مثّل هذا النموذج خروجًا على النظرية التقليدية للشركات التي تقوم على التعدد والشراكة التعاقدية، حيث أصبحت الإرادة المنفردة للمؤسس كافية لإنشاء الشركة، دون الحاجة إلى وجود شركاء متعددين.

ويمثل هذا التغيير نقلة نوعية تستجيب لمتطلبات الواقع الاقتصادي، إذ يتيح لصغار المستثمرين ورواد الأعمال تأسيس كيانات قانونية بإجراءات مبسطة، مع حماية أموالهم الخاصة من مخاطر النشاط التجاري. وتكمن ميزة شركة الشخص الواحد في تحديد مسؤولية المؤسس بمقدار رأس المال المقدم، دون أن تمتد هذه المسؤولية إلى ذمته المالية الخاصة، وهو ما يميزها عن أنواع الشركات الأخرى.

غير أن هذا التطور لا يخلو من تحديات، لعل أبرزها ضعف الرقابة الداخلية في ظل غياب الجمعية العامة، ما يقلص من فرص المحاسبة والشفافية. لذلك تبدو الرقابة الخارجية من الجهات المختصة ضرورة ملحة لضمان تدقيق الحسابات وحماية حقوق المتعاملين مع هذه الشركات، لا سيما في ظل حالات سوء النية أو تجاوزات محتملة من قبل المؤسس.

ويعد رأس مال شركة الشخص الواحد الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها الثقة التجارية، كونه الضمان الوحيد لدائني الشركة، ما يتطلب الالتزام التام بسداد رأس المال عند التأسيس، والتصدي لمحاولات التأسيس الصوري أو استخدام رأس مال وهمي.

كما يجب التنبيه إلى أن المؤسس قد يُسأل مسؤولية شخصية غير محدودة في حالات استثنائية، منها عدم الفصل بين ذمته وذمة الشركة المالية، أو إبرام تصرفات باسم الشركة تحت التأسيس لا ترتبط بعملية التأسيس فعليًا، أو تصفية الشركة بسوء نية. هذه الحالات تضع حدودًا صارمة على الحماية القانونية التي يمنحها هذا الكيان، وتؤكد أهمية الالتزام بالمعايير القانونية والإدارية السليمة.

في الختام، فإن شركة الشخص الواحد تمثل خطوة قانونية مبتكرة تسهم في تعزيز مناخ الاستثمار وتوسيع قاعدة النشاط التجاري في المملكة، لكنها في الوقت ذاته تتطلب بيئة رقابية ناضجة، ووعيًا قانونيًا من المستثمرين لضمان سلامة التطبيق واستدامة النمو

• محامٍ ومستشار قانوني – ماجستير في القانون التجاري

خالد بن سعد العتيبي

محامٍ ومستشار قانوني – ماجستير في القانون التجاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى