ليس من المستغرب أن تقدم المملكة كافة أوجه الدعم لسوريا الجديدة التي تعيد توجهاتها نحو الحرية والسلم الأهلي بعد أن تخلصت من الحكم الديكتاتوري الذي أصابها بالشلل الاقتصادي والتنموي، وشتت شعبها، وأعادها سنينًا طويلة إلى الوراء بعد أن كانت في طليعة الدول العربية تقدمًا ونهوضًا وتميزًا. وجاءت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع للمملكة، واختيارها لتكون وجهته الخارجية الأولى بعد توليه قيادة سوريا، تقديرًا من القيادة السورية الجديدة لمكانة المملكة السياسية وثقلها على المستوى الدولي، ودورها المحوري والمؤثر في تعزيز أمن واستقرار المنطقة.وقد سارعت المملكة ومنذ عودة سوريا إلى الحضن العربي إلى تقديم العون والدعم للحكومة السورية الجديدة بدءًا من تسيير جسر جوي لإغاثة الشعب السوري، واستضافة الرياض لاجتماع دولي لدعم الشعب السوري، وإرسال وفد برئاسة وزير الخارجية لبحث الاستثمار في سوريا.,
وكانت لمبادرة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بجمع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب واستجابته لطلب سموه برفع العقوبات المفروضة على سوريا، الأثر الكبير في إعادة سوريا إلى الساحة الدولية، كدولة مستقرة وآمنة تسعى لتحقيق التقدم والرقي لشعبها. كما جاءت هذه الاستجابة خطوة هامة في استعادة العافية للاقتصاد السوري، وأيضًا فتح صفحة جديدة في العلاقات السورية – الأمريكية. وقد انطوت هذه المبادرة على أهمية قصوى، ذلك أن رفع العقوبات عن سوريا يعني عودة الحياة للاقتصاد السوري الذي شارف على الانهيار خلال العقد ونصف الفائت ، وبداية لعودة عجلة الاقتصاد السوري في الدوران من جديد، بما يحقق تحسّناً في قيمة الليرة السورية، وعودة بعض الشركات الأجنبية إلى سوريا، وفتح مجالات جديدة للتبادل التجاري مع الخارج، كما أن فك الحصار من شأنه أن يمكن من استيراد المعدات والمواد اللازمة لإعادة إعمار البنية التحتية التي دمرتها الحرب كالطرق والمستشفيات والمدارس والمصانع.
وقد كان رفع العقوبات من خلال الدور السعودي إنجازًا حقيقيًا للقيادة السعودية، يتم في إطار ما تبذله المملكة من جهود في دعم الأشقاء . واستكمالاً لتلك الجهود أعلنت وزارة الاستثمار السعودية مؤخرًا عن تنظيمها “منتدى الاستثمار السوري-السعودي 2025” في العاصمة السورية دمشق، وذلك بمشاركة من ممثلي القطاعين العام والخاص من الطرفين بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية واستكشاف فرص التعاون الاستثماري المشترك، وأيضًا لدعم جهود إعادة الإعمار والتنمية في سوريا. ويتم هذا الحراك في إطار زيارة وفد سعودي رسمي إلى سوريا، يشمل ممثلين عن القطاع الحكومي والقطاع الخاص، حيث ستُعقد لقاءات ثنائية وورش عمل موسعة لبحث سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية، ومن المنتظر أن يضمن المنتدى إعلان عدد من الصفقات والمشاريع المشتركة ومذكرات التفاهم بين شركات ومؤسسات من البلدين. ولفتت وزارة الاستثمار السعودية أنها ستعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية في المملكة والحكومة السورية لتسهيل خطوات استكشاف الفرص الاستثمارية وتذليل العقبات أمام المستثمرين، بما يُحقق المصلحة المشتركة بين البلدين. ومن الجدير ذكره أن هذه المبادرة تأتي تنفيذًا لتوجيهات القيادة السعودية بهدف تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، واستمراراً للدعم المقدم لسوريا في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية، بما يخدم مصالح الشعب السوري ويُرسخ روابط التعاون بين البلدين.
لقد أثبت سمو الأمير محمد بن سلمان أنه يوظف علاقات التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحدة لمصلحة الأمة العربية وأنه يحمل هموم الأمة، ويسعى بكل ما أوتي من عزم وجهد على العمل من أجل وحدة الصف العربي وخدمة مصالح الأشقاء ومد جسور التعاون معهم لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.
0






