المقالات

السعودية ومصر… قلب العروبة النابض

تُجسد العلاقة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية نموذجاً فريداً للوحدة العربية والإسلامية، إذ ترتكز على أسس تاريخية ودينية وثقافية وجغرافية راسخة. يجمع بينهما الدين واللغة والنسب والمصاهرة والجوار، ما جعل هذه الشراكة تمثل ركيزة أساسية في صون الهوية المشتركة وحماية مصالح الأمة.

وعلى مر العقود، دعمت الدولتان معاً القضايا العربية المصيرية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث شكّل التنسيق السياسي بينهما محوراً أساسياً في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية. وقد عُزز هذا التعاون عبر سلسلة من الاتفاقيات والمعاهدات التي شملت مجالات الاقتصاد والطاقة والاستثمار والتجارة، مما جعل العلاقة السعودية–المصرية نموذجاً يُحتذى به في التضامن والعمل المشترك.

وجاءت زيارة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي الأخيرة إلى المملكة ولقاؤه بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لتؤكد متانة هذه الروابط وتجسد حرص القيادتين على تعميق الشراكة الاستراتيجية. لقد مثّل هذا اللقاء المثمر خطوة مهمة في توحيد المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، حيث تناولت المباحثات مستجدات الأوضاع في المنطقة، وفي مقدمتها تطورات الحرب في قطاع غزة، إلى جانب الملفات المتعلقة بلبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن، فضلاً عن أمن البحر الأحمر. وقد اتفق الطرفان على تعزيز الجهود المشتركة لحماية الأمن القومي العربي، وإسكات الأصوات المشروخة التي تحاول بث الفتن بين الشعوب والدول العربية.

كما لم تقتصر هذه العلاقة على المستوى السياسي فحسب، بل امتدت إلى البعد الشعبي، حيث تجسدت في الروابط الاجتماعية والثقافية والتعليمية التي رسخت الوعي الجماهيري بوصفه خط الدفاع الأول ضد محاولات اختراق الصف العربي. إن ما يربط الشعبين من محبة ومودة جعل هذه العلاقة عصية على محاولات التفكيك والتشويه، وأسهم في بناء جسور ثقة متينة بين القيادتين والشعبين.

وتُعد المشاريع التنموية والمبادرات الاقتصادية المشتركة دليلاً على أن العلاقة بين البلدين تتجاوز حدود التصريحات والبيانات إلى شراكات عملية تسهم في استقرار المنطقة وازدهارها. كما أن التنسيق المستمر بين الرياض والقاهرة يعكس وعياً عميقاً بأن التحديات الراهنة، من الإرهاب إلى التدخلات الخارجية، لا يمكن التصدي لها إلا بالعمل الجماعي والوحدة الحقيقية.

إن الشراكة السعودية–المصرية ليست مجرد علاقات ثنائية، بل هي عمود رئيسي في الخيمة العربية، ورمز من رموز العزة والكرامة. وستظل هذه العلاقة مثالاً على أن التعاون والاحترام المتبادل هما الطريق نحو مستقبل عربي أكثر استقراراً وازدهاراً، يعكس حضارة الأمة ويصون هويتها.

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى