المقالات

قيادة حكيمة… وشعب مخلص … وثوابت راسخة قراءة شاملة للخطاب الملكي في مجلس الشورى

جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي ألقاه بالنيابة عنه صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بمناسبة افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى بمثابة وثيقة تاريخية وتقرير شامل جامعًا للإنجازات الضخمة التي تم تحقيقها في المملكة العربية السعودية على صعيدي الداخل والخارج، بما يعكس الجهود الجبارة التي تبذلها القيادة من خلال الشراكة التي تربطها بالرعية ضمن رباط وثيق ومن خلال وحدة وطنية نفخر بها جميعًا.
لابد من القول بداية إن المسيرة السعودية الراهنة التي تعيش أزهى مراحلها تسير على هدي ثوابت راسخة وخطوط حُمر لا سبيل لتعديها أو تخطيها، كونها تقوم على ركائز إعلاء الشريعة الإسلامية وإقامة العدل والشورى، وخدمة الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين، والعمل على ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار والسلام لها ولكافة شعوب المنطقة كأسس راسخة قام عليها نظام الحكم في هذا البلد الأمين.
لقد رسم الخطاب الملكي صورة دقيقة حول تطور مسيرة التنمية في السعودية التي حققت بفضل الله ثم الرؤية الرائدة 2030، نجاحات وإنجازات غير مسبوقة توثقها الأرقام والإحصاءات.
ولقد أشار خطاب جلالته في البداية إلى ما تحقق من إنجازات ضخمة على صعيد الداخل بما يعكس طموحات القيادة وتطلعات الشعب السعودي الوفي، فها هو اقتصادنا يمضي في تنويع مساراته وتأكيد قدرته على تقليص اعتماده على النفط وللمرة الأولى في تاريخنا حققت الأنشطة غير النفطية 56% من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ مستويات تتجاوز أربعة ونصف تريليون ريال. ومن مظاهر الازدهار الاقتصادي الذي نحياه اختيار 660 شركة عالمية المملكة مقرًا إقليميًا لها. وها هي الرؤية تقترب من تحقيق كامل برامجها قبل أن تصل إلى موعدها المحدد (2030).
كما نوه الخطاب بالتكامل بين قدرة القطاعين العام والخاص على مواجهة التحديات والتأقلم السريع مع تغير الظروف، والدور البارز لجودة الأداء الحكومي في امتصاص الصدمات الاقتصادية، والمرونة في مراجعة مسار البرامج لتكون أكثر مناعة ضد أي تقلبات دون تعطيل متطلبات التنمية.
وفي إطار الاستثمارات في التوجهات المستقبلية، فإن الاتفاقات التي تم عقدها في مجال الذكاء الاصطناعي تستكمل جوانبًا من حلقة برامج الرؤية لتكون المملكة خلال السنوات المقبلة مركزًا عالميًا لهذا المجال.
وأشار الخطاب الملكي أيضًا إلى ما يتم عمله في البرامج العسكرية لرفع القدرات الدفاعية إلى أعلى مستويات متقدمة عالميًا. كما أن التعاون مع شركائنا الإستراتيجيين يسهم في تحقيق مستهدفاتنا في توطين الصناعة العسكرية وتسريعها التي وصلت الآن إلى أكثر من 19% بعد أن كانت 2%. كل ذلك وغيره من المنجزات جعلت المملكة مركزًا ووجهة عالمية للاستثمار.
وقد تحقق بفضل الله وتوفيقه الكثير من الأهداف التي نسعى إليها من خلال رؤية 2030، ومن ذلك وصول نسبة البطالة إلى أدنى مستوياتها، وارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أعلى درجاته، وانخفاض نسبة محدودي الدخل.
ونوه الخطاب الملكي بالاتفاقات التي تم عقدها في مجال الذكاء الاصطناعي التي تستكمل جوانبًا من حلقة برامج الرؤية لتكون المملكة خلال السنوات المقبلة مركزًا عالميًا في هذا المجال.
ولاشك أن تكريس القيادة جهودها للعمل على صعيدي الداخل والخارج ضمن مسارين متوازيين، متممان لبعضهما البعض وفي وقت واحد، يشكل ضرورة حتمية للوصول إلى أهدافها في تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء لشعبها والنمو والازدهار للمجتمع، وفي نفس الوقت تحقيق المكانة التي تستحقها على الخريطة الدولية كدولة مؤثرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهذا ما نلمسه من خلال الجهود السياسية والدبلوماسية التي تبذلها المملكة في مجتمعها الدولي كدولة ترتكز سياستها الخارجية على الوسطية والاعتدال وحل المشاكل والقضايا الدولية بالطرق والأساليب السياسية والدبلوماسية والسلمية، إلى جانب الانتصار لقضايا أمتها العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهو ما عبر عنه الخطاب الملكي من التقرير بأن أرض غزة أرض فلسطينية وحق أهلها ثابت لا ينتزعه عدوان ولا تلغيه تهديدات، وموقفنا ثابت هو حماية الحق والعمل الجاد لمنع انتهاكاته، والتأكيد على أن المبادرة العربية للسلام التي صدرت عن قمة بيروت العربية عام 2002 هي مرجعية أساس لحل القضية الفلسطينية. كما أن إدانة استمرار الاعتداءات الغاشمة على الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة والإمعان في ارتكاب جرائم التجويع والتهجير القسري يؤكد على ثوابت الموقف السعودي من القضية الفلسطينية. ولا شك أن رفض وإدانة الخطاب الملكي اعتداءات سلطة الاحتلال الإسرائيلية في المنطقة وآخرها العدوان الغاشم على دولة قطر الشقيقة يتطلب تحركًا عربيًا وإسلاميًا ودوليًا لمواجهة هذا العدوان، واتخاذ إجراءات دولية لإيقاف سلطة الاحتلال وردعها عن ممارساتها الإجرامية في زعزعة أمن المنطقة واستقرارها. ولقد جاء تعهد سموه مع الوقوف إلى جانب دولة قطر الشقيقة في كل ما تتخذه من إجراءات تأكيد على موقف السعودية الثابت في دعم قضايا أمتها والدفاع عن أمن واستقرار المنطقة والوقوف بصلابة أمام كل من يحاول العبث بالأمن والسلام في المنطقة.
وإشارة الخطاب الملكي إلى الموقف السعودي من القضية السورية باتخاذ المملكة مواقف محورية ومبادرات متعددة، بدءًا من النجاح في رفع العقوبات الدولية عن سوريا الشقيقة، ومساندة جهودها لضمان وحدة أراضيها وإعادة بناء اقتصادها، والأمل بأن يتحقق الاستقرار في لبنان واليمن والسودان هو تأكيد على وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء لرفع معاناتهم وتحقيق آمالهم في الحرية والاستقرار.
لقد تضمن الخطاب الملكي- استنادًا إلى ما سبق- أمام مجلس الشورى رسائل هامة موجهة للشعب السعودي وللعالم تؤكد من جديد على ثوابت السياسة الخارجية السعودية وعلى الدور السعودي المتنامي في خدمة قضايا العدل والسلام في المنطقة وفي العالم، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وعلى وقوف المملكة بحزم وصلابة إلى جانب الأشقاء ، وعلى الأخص مؤخرًا في مواجهة العدوان الإرهابي الغاشم على الشقيقة قطر، كما سلط الخطاب الضوء على تطورات المسار التنموي في السعودية وأهدافه، وعلى ما حققته الرؤية من إنجازات حتى الآن تعكس الجهود الجبارة للقيادة الرشيدة وللشعب السعودي النبيل.
الخطاب الملكي بهذه الصفات والمواصفات يمثل عقدًا فريدًا بين القيادة والشعب ينص على الوقوف بقلب واحد وصف واحد وفكر واحد في العمل معًا من أجل الحفاظ على المنجزات والمكتسبات وبذل أقصى الجهود للارتقاء بوطننا الغالي إلى مصاف الدول الأكثر تقدمًا في العالم.

د. سونيا أحمد مالكي

طبيبة - مديرة إدارة الصحة المدرسية بتعليم جدة سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى