المقالات

عزّنا بطبعنا: اليوم الوطني السعودي الـ95 بين الفخر الوطني والإنجاز الدولي.

في الثالث والعشرين من سبتمبر، تتلألأ سماء المملكة العربية السعودية بألوان الفرح والفخر، حيث يحتفل الشعب السعودي قيادةً وشعبًا باليوم الوطني الخامس والتسعين. هذه المناسبة ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل تعبير حي عن الهوية الوطنية وقيمها العميقة. يحمل شعار هذا العام “عزّنا بطبعنا” معانٍ متجذرة في طبيعة الشعب السعودي، فهو يعكس العزة التي تسكن الروح، والكرامة التي تترسخ في السلوك، والأصالة التي تربط الأجيال بماضيها العريق، والطموح الذي يدفع إلى بناء مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا.

العز السعودي بطبيعته ليس شعورًا عابرًا، بل قيمة راسخة تظهر في كرم الشعب وفزعتهم، وفي حرصهم على وحدة المجتمع، وفي التزامهم بتحقيق تطلعات وطنهم نحو النمو والتنمية والريادة.

ويكتسب هذا اليوم الرمزي بعدًا إضافيًا هذا العام، إذ تتزامن ذكرى اليوم الوطني مع إنجاز دبلوماسي بارز يعكس مكانة المملكة على الساحة الدولية. ففي خطوة دبلوماسية تاريخية تُضاف إلى سجل الإنجازات الدولية للمملكة، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة 12 أيلول /سبتمبر، بأغلبية ساحقة «إعلان نيويورك»، الذي يرسم خطوات ملموسة ومحددة زمنياً نحو حل الدولتين. هذه المبادرة تمهّد للمؤتمر المزمع عقده يوم الاثنين 22 سبتمبر، قبل يوم واحد من اليوم الوطني الخامس والتسعين (قبيل اجتماعات الجمعية العامة يومي 23 و24 سبتمبر في نيويورك.).

ويعكس هذا التوقيت الرمزي حرص المملكة على ربط وحدة الداخل الوطني بالاهتمام بالقضايا العادلة للأمة، ويؤكد أن عز السعودية بطبعها يمتد إلى الدفاع عن الحق والعدالة على الصعيد الدولي، وأن سياستها تتسم بالثبات والتخطيط الاستراتيجي. المبادرة ليست مجرد إعلان رمزي، بل تعبير عن عمل دبلوماسي متكامل يهدف إلى تحقيق تأثير ملموس على الأرض، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.

وفي هذا السياق، تأتي خطوة المملكة التالية في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي مع توقيع الاتفاق الدفاعي الاستراتيجي المشترك مع باكستان، الذي يكمل جهود المملكة في حل القضايا الدولية العادلة. هذا الاتفاق ليس مجرد حدث عسكري، بل خطوة استراتيجية بارعة من سمو الامير محمد بن سلمان ولي العهد ،تعكس رؤية المملكة للأمن الشامل كركيزة أساسية للتنمية والاستقرار، وتشكل حائط صد أمام أي تهديدات إقليمية، وتبرز دبلوماسية متوازنة تجمع بين القوة الصلبة والناعمة، وتؤكد قدرة المملكة على حماية مشاريعها المستقبلية وتعزيز أمن المنطقة.

وقد قامت المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وبدور فاعل من وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، بتحركات دبلوماسية دقيقة لدعم هذه المبادرات، بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي. هذه المبادرات ليست خطوات رمزية، بل نتيجة جهد منسق وعلاقات دولية واسعة، تهدف إلى تحقيق تأثير ملموس على الأرض عبر حشد دعم عالمي متنامٍ، وتجسيد رؤية المملكة في أن السلام والازدهار لا ينفصلان عن الأمن القومي والجماعي.

“عزّنا بطبعنا” ليس شعارًا بصريًا فحسب، بل فلسفة تعكس رؤية المملكة في الاحتفال بهويتها، حيث توحد بين الشعب والقيادة، وتربط بين الإرث العريق والتطلعات المستقبلية، بين الأصالة والحداثة، وتؤكد أن العز والفخر جزء من نسيج المجتمع السعودي وتبرز روح المملكة في الجمع بين التاريخ والمستقبل.

الاحتفال باليوم الوطني الـ95 فرصة لتقدير الإنجازات الوطنية والاعتزاز بما وصلت إليه المملكة من مكانة إقليمية ودولية، والاحتفاء بدور قيادتها الرشيدة. في هذا اليوم، يلتقي الفخر الوطني بالمسؤولية الدولية، حيث يُحتفى بالنجاحات الداخلية ويُكرم الدور الرائد للمملكة في نصرة القضايا العادلة، لتصبح المناسبة فرصة تجمع بين الاعتزاز بتاريخ المملكة وإنجازاتها، وبين الالتزام بالقيم التي شكلت شخصية السعوديين عبر التاريخ.

وبهذه المناسبة الوطنية التي ارتدت أصداؤها بفخر وعز لكل أرجاء الأمة، يسعدنا أن نتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريكات للشعب السعودي الكريم وقيادته الرشيدة، سائلين الله أن يحفظ المملكة ويحفظ قيادتها وشعبها، ويديم عزها ويزيدها رفعة وازدهارًا في كل عام.

حذامي محجوب

صحفية تونسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى