المحلية

صناعة التاريخ ورسم الجغرافيا

على هديٍ من كتاب الله الكريم وسنة الرسول الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وبعد رحلة جهاد وكفاح استمرت اثنان وثلاثون عاماً، وفي الثالث والعشرين من سبتمبر من العام 1932م جاء الإعلان التاريخي للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – يرحمه الله – بتوحيد هذه البلاد المباركة تحت راية “لا إله إلا الله، محمد رسول الله” مطلقاً عليها اسم المملكة العربية السعودية، لقد صنع الملك عبدالعزيز التاريخ من خلال توحيد شتات أجزاء مترامية الأطراف من شبه الجزيرة العربية وتأسيس دولة حديثة أرسى فيها أسس الأمن وقواعد الاستقرار، ووحد قلوب أبناء هذا الوطن تحت راية التوحيد بعد رحلة طويلة من الجهود المباركة والقيادة الحكيمة بعد أن كانت البلاد تعاني من الفوضى والتناحر، وأسس تنظيمات أمنية هي الأولى من نوعها، ووطن البدو في هجر مستقرة وشكّل منهم جيشاً متطوعاً. ثم بدآ في بناء المؤسسات الحكومية، وتطوير البنية التحتية، وإحداث نقلة كبيرة في مجالات عدة.

ففي المجال الإداري والسياسي والتعليمي والثقافي عمل الملك عبدالعزيز- يرحمه الله – على تأسيس العديد من الكيانات المهمة مثل مجلس الشورى وعدد من المؤسسات والوزارات كوزارة الخارجية، وفتح عدد من المدارس والمعاهد، وشجع على طباعة الكتب ونشرها، مما ساهم في تعزيز الثقافة ونشر العلم والمعرفة، إضافة إلى بداية تأسيس صناعة النفط. إلا أن أبرز ملامح هذه المسيرة كان الولاء الكبير الذي أبداه جميع سكان هذه البلاد المباركة في المدن والقرى والبوادي للملك عبدالعزيز، فقد أحبته القلوب قبل أن تبايعه السيوف، ورأى فيه الناس قائدًا استثنائيًا لا يشبه غيره فقد جمع بين حنكة وحكمة القائد وبُعد نظر السياسي، وبين صلابة الموحد ورحابة صدر ورقة قلب الأب. فصنع من القبائل المتناحرة شعبًا واحدًا، ومن القرى والهجر والصحراء القاحلة دولة حديثة متطورة فبايعوه على السمع والطاعة، وشاركوه أهدافه في جمع الكلمة ووحدة الصف.

ولقد ترك الملك عبدالعزيز إرثاً خالداً يتمثل في دولة مترامية الأطراف تقوم على التوحيد وتتمتع بالأمن والأمان والعزة والكرامة، وهو ذات النهج الذي سار عليه أبناؤه من الملوك من بعده، مستمرين في تحقيق الإنجازات تلو الإنجازات والمساهمات الكبيرة لشعبهم وأمتهم في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة وما زالت المسيرة مستمرة وباقية ما بقي الدهر. ولذا وجب علينا الاحتفاء بهذه المنجزات التاريخية في هذه المناسبة الوطنية الجميلة ولابد لنا أن نستذكر كيف أن المؤسس – يرحمه الله – صنع التاريخ وساهم في رسم جغرافيا المنطقة من خلال جهوده في توحيد الوطن وقيادته نحو الازدهار.
• عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة

د. عبدالله علي النهدي

عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى