في زمن كانت فيه الشهرة تُكتسب بالفكر والعلم والعمل، أصبح الطريق إليها اليوم لا يحتاج أكثر من كاميرا، وضحكة مصطنعة، وجرعة لا بأس بها من الجرأة والتفاهة. هكذا وُلد جيل جديد يُعرف بـ “مشاهير الفلس”؛ أولئك الذين لا يملكون فلسفة ولا فكرًا، فقط فلس في كل شيء: في المحتوى، في الفكرة، وحتى في النطق والمنطق!
معظم هؤلاء المشاهير لا يعيشون كما يُظهرون، بل يُمثلون حياة لا يملكونها. السيارة فارهة؟ مستأجرة… أو بالتقسيط المرهق، وربما شحّاتة بوجه الابتسامة! الرحلة الفخمة؟ إعلان مدفوع. والابتسامة الواسعة؟ مجرّد فلتر يُخفي التعب والفراغ الداخلي. لقد أتقنوا صناعة الوهم لدرجة جعلوا فيها الناس يقيسون سعادتهم بعدد المتابعين لا بعدد الأيام الصادقة التي عاشوها.
المؤلم أن المشكلة لا تكمن فيهم وحدهم، بل في جمهورهم الذي يصنعهم. كل إعجاب هو تصويت لاستمرارهم، وكل مشاركة لمقطع سخيف تمنحهم فرصة جديدة في سوق التفاهة. نحن من وضعهم في القمة، ثم شكونا من تدنّي الذوق العام! لقد تحوّلت بعض المنصات إلى مسارح لتمثيل الحياة، وكل متابع هو متفرج يدفع من وقته وثقافته ثمن التذكرة.
المأساة الحقيقية أن الشباب أصبحوا يقارنون أنفسهم بصور مفلترة لا تمثل الواقع. يرون المشاهير يسافرون، يضحكون، يتنعمون، فيظنون أن حياتهم أقل قيمة. ولا يعلمون أن كثيرًا من تلك الصور مجرد إعلانات مدفوعة أو مشاهد مصطنعة أُعدّت بعناية لتُباع كحلم.
وسائل التواصل ليست شرًّا، لكنها أداة بيد من يستخدمها. حين تُصبح التفاهة عنوانًا للترند، ويُكافأ الجاهل على ضجيجه، علينا أن نتساءل: هل نتابع لنتعلم… أم لنُفرّغ عقولنا؟
> فبعض المشاهير لا يملكون سوى الضوء الذي يُسلَّط عليهم،
فإذا انطفأ، اكتشفوا أنهم لا يملكون شيئًا سوى الفراغ في الداخل.




