المقالات

ماذا يعني توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان؟

توقيع سمو ولي العهد رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف على “اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك” في الرياض الأربعاء من شأنه تعزيز التعاون العسكري بينهما وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم، وأيضًا تعزيز شراكة الأمن القائمة بين البلدين منذ عقود، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
وتهدف الاتفاقية إلى “تطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين، وتعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء”. ولعل أهم ما نصت عليه الاتفاقية هو ذلك البند الذي يعتبر أن أي اعتداء على أي من البلدين يعتبر اعتداء على كليهما”، وهو ما يكسب الاتفاقية بعدًا أمنيًا على جانب كبير من الأهمية. وتكشف “الاتفاقية” عن البعد الإستراتيجي في فكر سمو ولي العهد، وتكشف عما يتمتع به من بعد نظر، ومرونة في حركة التفاعل مع تطورات الأحداث السياسية، والاستجابة السريعة للتحديات التي تفرضها الأحداث الراهنة، وقدرة على التكيف مع المتغيرات الدولية، والعمل من أجل المصالح العليا للوطن ضد أي خطط أو مؤامرات تستهدف المساس بأمن المملكة والمنطقة.
ويذكر أن وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار دعا خلال القمة الطارئة التي انعقدت في الدوحة مؤخرًا لبحث الهجوم الإسرائيلي على قطر، إلى تشكيل “قوة ردع” عربية وإسلامية.
وتنطوي الإتفاقية على أهمية خاصة، كونها تعقد بين بلدين إسلاميين صديقين، السعودية كأقوى اقتصاد في المنطقة وباعتبارها أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين ، وعضو في مجموعة العشرين، وكدولة محورية ورائدة في المنطقة، وباكستان كدولة لها وزنها السياسي وثقلها العسكري على مستوى العالم ، وأيضًا – وهو الأهم- كدولة عضو في النادي الدولي النووي. والإتفاقية بهذه الأبعاد تخدم باكستان من خلال كسب الدعم السياسي والجيو- استراتيجي، والسعودية من خلال تعزيز عمقها الإستراتيجي وخيارات الردع. الاتفاق الذي يعتبر مرحلة جديدة وفارقة في العلاقات السعودية – الباكستانية يعيد تشكيل خارطة التحالفات في المنطقة بأن جعل السعودية وباكستان لأول مرة – وكما ذكر سمو وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان – في صف واحد ضد المعتدي.. دائمًا وأبدًا”. ويرى محللون أن هذه الاتفاقية تجعل من السعودية دولة نووية بطريق غير مباشر، وتمنحها أوراق قوة جديدة في معادلة الأمن الإقليمي، وتعيد تموضعها لاعبًا رئيسيًا لا يكتفي بالاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية، بل يبني شراكات مع قوى نووية وإقليمية أخرى.
وتتجلى العبقرية السياسية لسمو ولي العهد في أنه في الوقت الذي تعمق فيه السعودية علاقاتها الاستراتيجية مع باكستان، فإنها في ذات الوقت تحافظ على علاقات اقتصادية قوية مع الهند ، وفي الوقت نفسه أيضًا تحتفظ فيه بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية .
الاتفاقية التي جاءت تتويجًا للتعاون الدفاعي بين البلدين منذ الستينيات، وامتدادًا لمسار تاريخي من الشراكة، شمل مجالات التدريب العسكري والإنتاج الدفاعي، إضافة إلى المناورات الجوية والبحرية والبرية المشتركة التي ظلت تُعقد بانتظام بين االبلدين، تعتبر ضربة معلم جاءت في توقيتها المناسب، وكرسالة سعودية للعالم بأن المملكة العربية السعودية لديها دائمًا البدائل والخيارات التي لا تجعلها تعتمد على طرف دولي واحد في الدفاع عن أمنها ومصالحها.

د. إبراهيم فؤاد عباس

مؤرخ ومترجم وكاتب - فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى