المقالات

النجاح لا يتنفّس في العزلة… ولن تنجح وحدك

في زخم الاندفاع نحو القمم،
يتوهّم البعض أن النجاح مجدٌ شخصي، لا يليق إلا بانفراده، ولا يكتمل إلا بسرّيته.
يحجب المعرفة، ويكتم التجربة، خشية أن يشاركه فيها أحد؛
كأن التألق لا يتسع لاثنين، وكأن وهج الإنجاز يخبو إن مسّه غيرهم.

وهذا، في حقيقته، فهمٌ قاصر للنجاح، بل هو وصف دقيق لوهمٍ لامع،
أقرب إلى فقاعة صابون: تخطف البصر لحظة… ثم تتلاشى في صمت.
النجاح الحقيقي ليس وميضًا زائلًا لا يُسند أثرًا،
بل منظومة متكاملة من فكر، وجهد، وتعاون.
هو مساحة قابلة للاتساع، لا تضيق بمن يشاركك، بل تزدهر بوجودهم.

إن النضج المهني والإنساني لا يُقاس بما تبلغه وحدك،
بل بما تصنعه مع من حولك، ومع من بعدك.
من يُغلق أبواب المعرفة، أو يُخفي أسرار الوصول، أو يحتكر الإنجاز،
يُنتج نجاحًا هشًّا، لا يُبنى عليه، ولا يُعوَّل عليه؛
نجاحٌ لحظي، لا يُخلَّد، لأنه بلا جذور، ولا امتداد، ولا أثر في الآخرين.

المؤسسات التي تسمح بهذا النمط من الفكر – أو تسكت عنه –
تكرّس بيئة فقيرة في الوعي، باردة في التعاون،
عاجزة عن صناعة القادة أو بناء الفرق.
فهي تنتج أفرادًا يُراكمون الألق لأنفسهم،
لكنهم لا يورّثونه، ولا يُحيطون به أحدًا.

أما النجاحات الحقيقية، فهي تلك التي تتّسع للفريق،
وتُعلن بوضوح: أن المجد يُبنى بالأيدي المتشابكة، لا بالأصابع المتفرقة.
أن الفكر حين يُشارَك يُثمِر، والجهد حين يُوزَّع يُثمر أكثر،
وأن من يُنجز ثم يُرشد، ينجح مرتين:
مرة بإنجازه، ومرة بأثره.

فلا تحتقر الشراكة، ولا تخشَ أن تُضيء دربًا مشيتَه؛
النور لا يخفت حين يُمنَح، بل يزداد،
والنجاح لا ينقص حين يُقاسَم، بل ينمو ويتبرعم.

فالنجاح الذي لا يمتد، ينهار،
والذي لا يَسَع غيرك، يضيق بك.
اجعل من بعدك أثرًا لا يُمحى؛ لا توقيعًا على ورق،
بل بصمة في الدروب.
ازرع النجاح في غيرك، كما تمنّيت لو زُرع فيك يومًا.

فالأعظم من أن تُروى قصة وصولك…
أن يُقال: هنا مرّ، فمهّد الطريق… ومضى.

عزة عبدالرحمن الغامدي
مدير إدارة الاتصال المؤسسي – كلية الباحة الأهلية للعلوم..

عزة عبدالرحمن الغامدي

مديرة الاتصال المؤسسي كلية الباحة الأهلية للعلوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى