في زمن تتغير فيه خرائط النفوذ وتتسارع التحولات الجيو- سياسية ، تقف المملكة العربية السعودية بثقة ورؤية استراتيجية واعية ، لتؤكد أنها لم تعد مجرّد لاعب إقليمي ، بل قوة فاعلة تُعيد رسم ملامح الحاضر وتستشرف آفاق المستقبل .
تمسك الرياض اليوم بجدارة و اقتدار بخيوط التوازن بين الاقتصاد والسياسة والثقافة ، تقدّم نموذجا جديدا للقوة الذكية التي تجمع بين التنمية والتجديد الفكري والإنساني .
منذ سنوات، أدركت القيادة السعودية أن النفوذ الحقيقي لا يُقاس بوفرة الثروات أو حجم الجيوش ، بل بقدرة الدولة على الإلهام والتأثير وصناعة الوعي .
من هذا الإدراك وُلدت مشاريع النهضة الفكرية والثقافية والمعرفية التي باتت تُشكّل هوية سعودية اليوم ” السعودية الحديثة ” ، حيث أصبحت التظاهرات و المعارض الدولية ، والمنتديات الفكرية ، ومؤتمرات الابتكار جزءا من مشهد وطني يعكس إرادة التحول والانفتاح ، ويُرسّخ مكانة المملكة كمنارة فكرية ومركز إشعاع عالمي .
العاصمة الرياض، التي تتحول يوما بعد يوم إلى ملتقى للمفكرين والمبدعين من شتى أنحاء العالم ، تجسّد هذا التحول النوعي .
فالسعودية تراهن على الإنسان قبل البنيان، وتبني اقتصادا معرفيا متكاملا يربط بين الإبداع والابتكار، ويرسخ حضورها كقوة ناعمة قادرة على التأثير والتجسير بين الثقافات .
أما في المجال السياسي، تتجلى خصوصية التجربة السعودية في الجمع بين القوة الناعمة و الدبلوماسية الاقتصادية والدبلوماسية الثقافية. فالمشاريع الكبرى التي تشهدها المملكة ليست مجرد أدوات للتنمية ، بل هي اساسا جسور للحوار، ورسائل ثقة للعالم، ومحركات لاستقطاب الاستثمارات في قطاعات المستقبل كالذكاء الاصطناعي والطاقات النظيفة .
إنها رؤية تدرك أن تنويع الاقتصاد يبدأ من تنويع الفكر، وأن الثقافة ليست ترفا، بل أداة من أدوات النفوذ والاستقرار.
إقليميا، تسهم هذه الديناميّة في إعادة رسم صورة المنطقة، وتقديم نموذج عربي يجمع بين الأصالة والحداثة ، بين الحفاظ على الهوية والانفتاح على الإنسانية.
بهذا المعنى، تصبح السعودية مركز إشعاع حضاريّ يلهم محيطها ، ونقطة توازن تستند إليها المنطقة في حوارها مع العالم .
المملكة العربية السعودية لا تبني اقتصادا فحسب ، بل تعيد هندسة موقعها الحضاري على خريطة العالم . فمشروعها الوطني الشامل يضع الثقافة والمعرفة في قلب القوة الوطنية، ويراهن على الإنسان باعتباره أساس النهضة ووقود المستقبل .
هكذا، تُثبت الرياض أن بناء المستقبل لا يبدأ من الثروات، بل من رؤية و ايمان بأن الأفكار العظيمة قادرة على صناعة أمم عظيمة .
0






