المقالات

الركن الثاني من أركان القيادة التربوية: العلم

• العلم بمقاصد المنظمة ،وأهدافها،وغاياتها، واستراتيجياتها، و اجراءاتها، والأنظمة والتعليمات المتعلقة بها، وحدودها، و ماذا يراد منها ؟، والرؤية التي تسعى إلى تحقيقها، وكذلك معرفة ظروفها وأحوالها، وإمكاناتها، ومهارات فرق العمل بها ،. و جوانب القوة، والضعف ، والمخاطر ، والإيجابيات، والسلبيات التي تكتنف منظومتها، لتُعد العُدّة اللازمة لذلك.
• العلم بمقاصد الشريعة الإسلامية ،ليدرك القائد أنها مسئولية سيحاسب عليها، وأنها أمانة وعهد ألزم نفسه به أمام جهة التكليف،وأمام مرءوسيه ،ولكي يحقق القيم والمبادئ الإسلامية في قيادته ، و ينمي حب الخير، والإخلاص، والانتماء ، وثقافة إتقان العمل و إحسانه، والالتزام بمواعيد إنجازه ، وكذلك جلب المصالح ودفع المفاسد، وترتيب الأولويات ، على أساس متين من العلم الشرعي ، فالقيادة في الإسلام عبادة، فلابد أن يعلم ذلك بعمق ليعرف ماله وماعليه، ويعِيَ قدر المسئولية التي تحملها، ويدرك حجم التقصير إن حدث شيئ من ذلك، و مايترتب عليه.
• العلم باللغة العربية وآدابها، لأنها وسيلة التواصل فلابد أن يكون ذا ثروة لغوية تمكنه من التحدث بلسان فصيح، والكتابة بقلمٍ سليم ، وملماً بالشعر بوجه عام،والحكمة بوجه خاص ، لأنه يثري ثقافته الأدبية ، ويوسع مداركه بالآداب، والقيم، والشيم، ويكون مطلعا على التاريخ وأيام العرب ، وسِيَر الناجحين، وخاصة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وعلماء المسلمين، وقادتهم، وما تيسر من سير غير المسلمين، ليكون على دراية كاملة بأحوال الناس وكيفية التعامل معها
• العلم بقواعد القيادة التربوية ، ومبادئها، وأنماطها، وآدابها، واستراتيجياتها، وعلاقتها بالعلوم الأخرى، و الوعي الكامل بواقع المنظمة،و كيف يرسم خطط تطويرها، لتواكب المستجدات، وتحافظ على قيمها الأصيلة، وكيف يطوع التقنية لخدمتها،دون إحداث فجوات في جسمها الأنيق ، أو هنّات في روحها الشفافة .
• العلم بأحوال العاملين ، والمستفيدين ، وطرق التعامل معهم، لكي يحقق أهداف المنظمة كاملة، مع تلبية احتياجاتهم ، وإشباع رغباتهم بما يخدم أهداف المنظمة، ويحافظ على العدالة في التعامل، ويحقق المحبة الصانعة لروح الفريق الواحد.
• التدريب والملازمة لكسب الخبرة اللازمة، وتثبيت المعلومة،واختبارها على أرض الواقع ،ليكون ملما بأن الواقع غيْر التنظير،ولِيَمْنحه دراية وتعزيزا للثقة.
• الإلمام بالسياسة الشرعية وهي: (كل فعل يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، حتى ولو لم ينص عليه نص صريح خاص به)، ليعرف كيفية ترتيب تحصيل المصالح وتكميلها، ودفع المفاسد وتقليلها ، والقدرة على السؤال ، وأخذ المشورة ، إذا تطلب الأمر ذلك، طلبا للمصلحة، فمالا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وهذه ميزة للقيادة عند المسلمين .
• أن يكون ذا ثقافة أصيلة، واطلاع واسع، ونظرة شمولية، وإرادة حديدية، ومبادرة محسوبة ، ليتكون القيادة متعلمة، و طموحة إلى كل جديد مفيد مع التمسك بالقيم الحميدة، و كل ما يؤدي إلى النجاح ، ويمنع الفشل.
• فالعلم كالبصر الذي لا نستطيع رؤية الأشياء بدونه، لذا رأيت أن العلم ركن أصيل في القيادة التربوية، لتكون خطوات القائد التربوي تسير على هدى ، ودراية، مؤدية إلى تحقيق الأهداف المرسومة، بعيدا عن الجهل لأنه طريق الفشل ، وعدوّ النجاح، والقادة في ذلك على نوعين هما :
• قائد عالم على نحو ماسبق ، وهذا نجده يقود إدارته باحترافية فائقة، و بخطوات المتوكل على الله الواثق مما يفعل ، وبروح وثابة ، وبخلق رفيع، وأدب جم، يجمع ولايفرق، يعدل ولا يظلم، يقود إدارته من نجاح إلى نجاح ، ومن إنجاز إلى إنجاز ، في جوّ تسوده المحبة، والرفق واللين، ويتمتع بهيبة في غير عنف، وبوقار في غيرضعف، وبشفافية عالية، وبروح خالية من الذاتية القبيحة، والأنانية المفرطة ، وهذه الروح تسري في جسد منظمته كسريان الدم في البدن، للعمل بروح الفريق الواحد ، فطموحه لا يهدأ، وعزيمته لا تلين ، ورفاقه من حوله كالسوار حول المعصم ، محققا بذلك كفاءة داخلية لمنظمته، تجعلها تنافس بمسئولية وتحقق قصب السبق في كل إنجاز .
• وقائد لم يتحقق فيه ما سبق توضيحه وله ثلاث حالات هي : * أن يختار أعوانا عندهم من الخبرة والعلم ما يسد الفراغ لكي يقوموا بمهامه ، ويكتفي بالإسم ، ويصبح بمثابة جسم بلاروح، وتسقط قيمته عند مرءوسيه، ويفقد هيبته، ويصبح كلابس ثوبي زور، * أن ينصب نفسه آمرا ناهيا لأصحاب الخبرة والعلم، فيأمرهم بنقض ما يجب إحكامه، وينهاهم عن فعل ما يجب فعله، وهنا تحل الكارثة . * أن يُقْصِي أهل العلم والخبرة ، ويقرب مَنْ هم على شاكلته، هربا من احتقار أهل العلم والخبرة له، ولكنه وقع في أشر من ذلك ، وهنا تكثر الشللية، والقيل والقال، وتنعدم المصلحة ، ويسوء جو العمل وتكثر النزاعات ….
• فالعلم نور والجهل ظلام، والعالم بصير، والجاهل ضرير ، ومن سلك طريق العلم أدلج، ومن أدلج بلغ أهدافه، ومن سلك طريق الجهل أصبح ، ومن أصبح لم يدرك هدفه، وأحبته الوسادة، وكرهته القيادة.
• هذا وسنكون معكم في الأسبوع القادم إن شاء الله، لنكمل ما تبقى من أركان القيادة التربوية. وإلى هناك نترككم في رعاية الله وحفظه .
هذا والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين.

• مدير عام التعليم بمنطقة مكة المكرمة سابقًا

جدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى