المقالات

الأمير محمد بن سلمان في واشنطن… زيارة تصنع المستقبل

أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود

في لحظة سياسية فارقة، حلّ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ضيفاً على الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة رسمية من الرئيس دونالد ترامب، وسط استقبال هو الأكبر من نوعه منذ سنوات، حمل رسائل سياسية واضحة عن قوة التحالف بين البلدين وعمق الروابط التي تمتد لما يقارب ثمانين عاماً منذ اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز والرئيس فرانكلين روزفلت عام 1945. وقد جاء هذا الاستقبال الاستثنائي—بما تضمنه من مراسم لافتة وترحيب رئاسي مباشر—تعبيراً عن مكانة المملكة وثقلها الدولي، وعن الاحترام الذي يحظى به سمو ولي العهد لدى صناع القرار في واشنطن.
وتؤكد البيانات الاقتصادية أن العلاقات السعودية–الأمريكية ليست مجرد تحالف سياسي، بل شراكة استراتيجية تتجسد في حجم التبادل التجاري الذي بلغ نحو 39.5 مليار دولار في عام 2024 وفق تقديرات التجارة الأمريكية، إلى جانب استثمارات متنامية تشمل قطاعات الطاقة والصناعة والتقنية والدفاع. وقد عكست الزيارة زخماً جديداً في هذا المسار، حيث جرى توقيع اتفاقيات وشراكات نوعية شملت مجالات الدفاع المتقدم، والطاقة النووية السلمية، والتقنيات الحديثة، إضافة إلى حوارات موسّعة حول مشاريع التعاون الاقتصادي في المرحلة المقبلة.
كما أبرزت الزيارة مستوى التناغم السياسي بين سمو ولي العهد والرئيس الأمريكي، وهو عامل أساسي يفتح المجال أمام تفاهمات أعمق وشراكات أكثر تأثيراً. ويقرأ المراقبون الطابع الاحتفائي الذي رافق وصول سموه بوصفه إشارة قوية إلى رغبة واشنطن في تعزيز التحالف، واستثمار قوة المملكة الإقليمية ومكانتها الاقتصادية في خدمة الاستقرار والتوازن العالمي.
إن هذه الزيارة ليست بروتوكولاً عابراً، بل محطة استراتيجية تُعيد تشكيل أفق العلاقة بين الرياض وواشنطن، وتمهّد لمرحلة جديدة من التعاون في مجالات متعددة تتجاوز الطاقة والأمن إلى التقنية والاستثمار والبنية التحتية والطاقة النظيفة. وما خرجت به الزيارة من اتفاقيات ومباحثات معمّقة يؤكد أنها نجحت في فتح أبواب جديدة للتعاون المشترك، ورسمت مساراً مستقبلياً أكثر اتساعاً وعمقاً للعلاقة بين البلدين.
بهذه الزيارة، يُدشّن سمو ولي العهد فصلاً جديداً من التحالف السعودي–الأمريكي، تحالف يقوم على المصالح المتبادلة، والرؤية المشتركة، والعمل المشترك لصناعة مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للمنطقة والعالم.

د. تركي بن فهد العيار

أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى