المقالات

زمن التواصل الافتراضي

يقول الأديب الشاعر سمو الأمير خالد الفيصل : يازمان العجايب …. وش بعد ما ظهر ؟ ! وهذا ما نراه اليوم واقعاً ملموساً في هذا العصر الزاهر الذي نصبح فيه على انجاز ونمسي على آخر في هذا الوطن الطموح .

أصبحنا نعيش الإجتماعات الإفتراضية بشكل شبه يومي بين الشرق والغرب ومع مختلف الأعراق والجنسيات.

و صرنا بضغطة زر نحقق الكثير من الإنجازات خلال دقايق قبل أن نقوم من مقامنا ذلك.

وقدم لنا الذكاء الاصطناعي عدد كبير من المهام والمعلومات التي كنا نعجز عن تنفيذها أو الحصول عليها .

إلا أنه مقابل الكم الهائل من الإيجابيات وقعنا في كثير من السلبيات خاصة في وسائل التواصل الإجتماعي.

حيث لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرّد أدوات للتسلية أو تبادل الأخبار، بل تحوّلت إلى فضاءاتٍ موازية يعيش فيها الإنسان جزءاً كبيراً من يومه.

وأسهمت كثيراً في تقريب البعيد، وتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، لكنها في الوقت نفسه أفرزت أشكالًا جديدة من العزلة والانفصال الإنساني.

فبينما يزداد عدد “الأصدقاء” في العالم الافتراضي، تتناقص دفء اللقاءات الحقيقية، ويبهت صوت الحوار المباشر الذي كان يوماً أساس العلاقات الاجتماعية.

للأسف تغيّر مفهوم التواصل الاجتماعي ؛ إذ باتت الصورة تختزل المشاعر، والرمز يحلّ محل الكلمة، مما جعل العلاقات أكثر هشاشة وأقل عمقًا.

هذه التحوّلات تضع المجتمعات أمام تحدٍّ أخلاقي وثقافي، يستدعي وعيًا متجددًا بكيفية استخدام هذه الوسائل دون أن نفقد ذواتنا في زحامها الرقمي.

إننا اليوم في حاجة إلى إعادة التوازن بين العالمين الإفتراضي والواقعي فيجب أن نستخدم التكنولوجيا بذكاء لا بإنقياد، وأن نعيد للقاء الإنساني دفئه، وللكلمة معناها، وللحضور قيمته.

فالتواصل الحقيقي لا يُقاس بأعداد المتابعين، بل بصدق المشاعر ونقاء القلوب.

ختامًا، تقع المسؤولية على الأسرة والمدرسة والإعلام في بناء وعي رقمي متزن، يُعلّم الأجيال كيف يستفيدون من التكنولوجيا دون أن يعيشوا داخلها.

فالمستقبل لا ينتظر منغمسين في الشاشات، بل أُناساً قادرين على الجمع بين التقنية والإنسانية، وبين العقل والوجدان، وبين الواقع والافتراض.

• كاتب رأي ومستشار أمني

عبدالله سالم المالكي

كاتب رأي - مستشار أمني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى