عرفته على نفسي – رحب بي ثم واصل حديثه بصوت أجش قائلاً: أطلب مني عيني إلا الدراهم فلا – قلت له ياصاح وفر (عينيك) لك لترى بهما الطريق فأنا لا أحتاج لعينيك أو بقية حواسك !! ثم أنا لست بحاجة إلى دراهمك ولكني سعيد بمعرفتكم كرجل أعمال سمعت عنه كثيراً.. وهذه أول مرة ألتقى فيها بحضرتكم – أجابني : صحيح أنني أمتلك مشروعات ضخمة في الداخل والخارج ولله الحمد والشكر ولكن لسان حالي الذي أكرره دوماً وأبداً ويعكس سياستي في هذه الحياة هو(أنا أبغى دراهم ) وكرر هذه العبارة إلى مسامعي والحضور عدة مرات متتالية وكأنه الببغاء !!
تدخل أحد الحضور مخاطباً رجل الأعمال أياه قائلاً : ياشيخ أنا عندي فكرة مشروع ناجح للغاية وقد وضعت له الجدوى الإقتصادية والدراسات الخاصة به ويعتبر الأول من نوعه على مستوي المملكة – قاطعه رجل الأعمال بقوله : أخي أنا ما أهتم بالمشروعات وغيرها أنا أبغى دراهم – أنا أهتم بالفلوس – أنا ما يهمني مشروعات ولا يحزنون – الدراهم هي الدراهم !
شخص آخر من بين الحضور طرح عليه سؤالاً محرجاً بقوله: لماذا أنت لا تهتم بتوطين الوظائف في مؤسساتك ومشروعاتك فما نسمعه عنك كرجل أعمال بأنك تحارب السعودة – فأجابه رجل الأعمال بلا إستحياء قلت لك ياشيخ أنا مايهمني شئ سوي الدراهم – أنا لا أعرف سوي لغة الدراهم وهذه مشروعاتي ودراهمي وأنا(مخير فيها) !!.. فقاطعه شخص آخر من بين الحضور : ولماذا لاتدعم الشباب في مشروعاتهم – فأجابه رجل الأعمال – أي شباب هذا ؟.. ولماذا أقوم بدعم مشروعاتهم فالدولة هي المسئولة عن ذلك وأنا أبغى دراهم وبس !!
كان رجل الأعمال هذا يكرر وبإصرار عبارة (أنا أبغى دراهم – أنا أبغى دراهم بأي شكل كان) وكأنما حتى إنفض القوم من حوله ليكمل حديثه عن حبه وولعه بالدراهم مع مجموعة من محبي الدراهم والساعين إلى جمعها !
نموذج لمستوي تفكير بعض رجال الأعمال لدينا للأسف الذين لاهم لهم سوي جمع المال ولا يقدمون شيئاً للوطن وأبنائه فالدولة لم تقصر بحقهم فقدمت لهم التسهيلات وحتى الدعم المالي والمعنوي وهم في مقابل ذلك يرفضون حتى رد جميل الوطن لهم بتوظيف الشباب لديهم والأخذ بيدي أصحاب المشروعات وتشجيعهم – ولم تنته القصة عند هذا الحد فحسب بل أخبرني أحد الشباب فيما بعد.. أنه كان قد إلتقى رجل الأعمال هذا وسلمه دراسة متكاملة عن مشروع ناجح طالباً من رجل الأعمال دعمه في المشروع وأنه صدم حينما سخر رجل الأعمال هذا بمشروعه ووصفه ب(تافه وسخيف ) وقال الشاب إنني حينما طالبته بإعادة الدراسة قال لي بالحرف الواحد إن كامل أوراق المشروع قد فقدت من مكتب سكرتيره !! وأضاف الشاب أنه وبعد عامين من ضياع تلك الدراسة قرأت في صحيفة محلية أن رجل الأعمال نفسه قد باشر بإنشاء المشروع الذي قمت بتقديم تفاصيل الدراسة إليه وأخبرني بأنه مشروع( تافه وسخيف) حسب وصفه حينها !! وبمعنى آخر إنه سرق أفكار هذا المشروع من الشاب ونسبه إليه!! هذه الشريحة من رجال الأعمال موجودة لدينا وهم الذين لازالوا يفكرون بعقول(ديناصورية متحجرة) وضررهم اكثر من نفعهم ولا يعرفون سوي لغة المال والسطو على أفكار الآخرين وسرقتها وتجييرها لصالحهم دون خجل أو وجل أو خوف من الله عز وجل!
سمعت مؤخراً بأن رجل الأعمال إياه قد خسر ثلاثمائة وخمسين مليون ريال في مشروعات قام بإنشائها في بلد عربي قلت يستاهل – اللهم لا شماتة!![/JUSTIFY]