الحرمين الشريفين

بحضور سماحة المفتي : وزير الشؤون الإسلامية يرعى اللقاء السنوي بأصحاب الفضيلة الدعاة المشاركين في أعمال التوعية في موسم حج عام 1430هـ.

علي ابراهيم -مكةالمكرمة

بحضور سماحة مفتى عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ رعى معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس المجلس الأعلى للدعوة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ مساء أمس الاثنين السادس من شهر ذي الحجة الجاري 1430هـ حفل اللقاء السنوي بأصحاب الفضيلة الدعاة المشاركين في أعمال التوعية في موسم حج عام 1430هـ.

وقد بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم ألقى معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ كلمة قال فيها : إن التوعية الإسلامية في الحج مهمة عظيمة ولا شك أنها مرتبطة بأمرين ، الأول أنها توعية أي دعوة وإرشاد ووعظ ، والثاني أنها مرتبطة بالحج لموسم له ظروفه وله أحواله وأنواع المخاطبين فيه ، وهذا يجعل الأمر مهما في إيضاح الهدف العام من التوعية الإسلامية في الحج .

وأضاف معاليه قائلاً : إنه من المعلوم أن المسلمين في كثير من أصقاع الأرض يحتاجون دائماً إلى من يقربهم إلى خالقهم – جل وعلا- ، وهذا التقريب إلى الرب -جل جلاله- وتقدست أسمائه ، وأعظم وسائله ، وأبلغ طرائقه أن يقربوا إلى الله -جل وعلا- بصفاء قلوبهم بأن تكون خالصة لله -جل وعلا- وبحسن أعمالهم بأن تكون على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الإخلاص ومتابعة السنة فيما يكون العمل صالحاً صواباً وهذا يؤكد بعامة أن نشر السنة في الحج والتأكيد عليها وأعني بالسنة معناها الواسع العام الذي يشمل عقيدة أهل السنة والجماعة بما فيها من توحيد الله -جل وعلا- في ربوبيته والوهيته وأسمائه وصفاته ، وتقرير أركان الإيمان ، ورد الشبه عن الحقيقة ما دل عليه القرآن والسنة وما كان عليه سلف الأمة في هذه المسائل ثم صفاء القلوب بتحقيق أنواع الإيمان الأخرى في بقية أنواع الأيمان أو أركان الإيمان الستة .

وأوضح معاليه أن نشر التوحيد والسنة من أعظم مقاصد التوعية الإسلامية في الحج وما أنشئت في الأساس إلا لهذا الغرض ، وذلك لأنه هناك جهات أخرى تتولى الإفتاء وعلماء يتولون الفتوى ، ويتولون إجابة الناس على مسائلهم في أمر المناسك ، وهذا يعني أن برامج الدعوة والمحاضرات واهتبال الفرصة في أن يقرر حق الله -جل وعلا- على عباده والالتزام بالسنة ، وتحرير الناس من البدعة ، وبيان بعض مظاهر الشرك ومظاهر البدع وبيان أنواع العبادات القلبية والعلمية بتوحيد الله -جل وعلا- هذا من أعظم المقاصد في المحاضرات أو في الإجابة على الاسئلة أو في اللقاءات التي قد تحصل مع بعض الحجاج بينهم وبين الدعاة والمرشدين والوعاظ والعلماء والمشاركين في التوعية الإسلامية في الحج.

وأبان معاليه أن إيضاح المناسك أمر مطلوب ، لأن الحاج إذا أراد أن يكون حجه صحيحاً لذلك يسأل حتى تبرأ ذمته ، وقال معاليه : فمن تحقيق الإخوة الإيمانية والنصح لكل مسلم أن تصل التوعية لكمالها ، للتوعية بحق الله -جل وعلا- في عبادته ، والتوعية بحق النبي -صلى الله عليه وسلم- باتباع سنته ، والتوعية أيضا ببيان الحج الصحيح الذي حجه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال فيه خذوا عني مناسككم ، ثم بعد ذلك أن يكون هناك رأفة ورحمة بالحجاج ، والتيسير عليهم ما كان للتيسير سبيل بحسب ما دلت عليه السنة وقواعد الشرع والقواعد الفقيهة ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما خير بين أمرين الا أختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، وقال أفعل ولا حرج في مواطن كثيرة ، وفي سنن أبي داوود في حديث أسامة بن شريك المعروف قال فيه في زيادة ، قال : سعيت قبل أن أطوف ، قال : أسعى ولا حرج ، حتى في تقديم ركن على ركن على اختلاف في ذلك ، هذا لأن التيسير مطلوب لكن على وفق ما شرعه الله -جل وعلا- ، وعلى ما جاء من قواعد في الشريعة .

وقال معالي الشيخ صالح آل الشيخ : أن النووي رحمه الله تعالى في مقدمة كتاب المجموع عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى ، أنه قال : العلم الرخصة تأتيك من فقيه ، أما التشدد فيحسنه كل أحد، فذلك أن المقصود في هذه المواسم في الإجابة على بعض الأسئلة أن المجيب على السؤال من أهل العلم قد يفكر في صواب القول أو في الاحتياط الذي يظنه هو احتياط ولا يدرك حاجة السائل إلى التخفيف إما بقرب سفر أو بمرض أو لا يستطيع أن يعود للجمرات أو ما شابه ذلك من الأحوال ، لذلك جاء في الحج الكثير من أفعل ولا حرج ، وهذا مما يسر الله -جل وعلا- به على هذه الأمة .

وأبان معاليه قائلاً : إن الحج ركن من أركان الإسلام الخمسه شرعها الله -جل وعلا- تعظيماً لبيته الحرام، وإعلاء لذكره ، وشغل القلوب بأسفال الطاعة ، هذا من ثمار دعوة إبراهيم الخليل عليه السلام وإذا كان الحج من أعظم مقاصده إعلان توحيد الله -جل وعلا- ، والالتزام بشرعه ، وتحقيق الأخوة الإيمانية ، فإن الحج لم يشرع بل لم يؤذن فيه بأي طريق من طرق الجاهلية ، فخصال الجاهلية موضوعة وكل أمر كان في الجاهلية مما جاء وكانوا يتباهون به ويتفاخرون فإنه موضوع ، ولذلك فإن الحج عبادة لها وقت مخصوص والناس فيها يتعبدون الله -جل وعلا- بأمن وأمان وطمأنينة .

وذكر معاليه أن من مقاصد الحج أن يكون الناس في أمن وأمان ، وأن لا يبغي بعضهم على بعض، وأعلن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في خطبته في يوم عرفه ، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي بكره -رضي الله عنه- قال عليه الصلاة والسلام : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) ومنه يعلم أن من المقاصد العظيمة على المسلمين أن يحققوا هذا الأمن والأمان في الحج ، فكل عمل يعبث فيه بخلوص الحج لله -جل وعلا- ويربأ فيه عن شعارات الجاهلية ، هذا كل عمل يسار فيه إلى بعد الحج عن كل شعار ، وبعد الحج عن كل ما ينقص أمنه وطمأنينة الحجاج فهو عمل صالح ، وكل وسيلة لتأمين الحجاج ولإبعادهم عن شعارات الجاهلية وعن تفرق الأمة فإنه من الواجب أن تبعد الأمة عن كل شعار من الشعارات التي تفرقها في الوقت الذي يجتمع الناس فيه ليحققوا وحدة الأمة ووحدة العقيدة ووحدة متابعتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- .

وشدد معاليه على أن العبث بأمن الحج مناقض لمقصد الشريعة أصلاً في تحقيق رسالة الإسلام ، لهذا قال الله -جل وعلا- في سورة النور: { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ولا يمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ولا يبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئا } ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال : ( والله ليُتمنَ الله هذا الأمر حتى تسير الضعينة من صنعاء إلى مكة أو قال من بصرة إلى مكة لا تخشى إلا الله ) فجعل تمام الأمن بكونها تسير لا تخش إلا الله لا تخاف جعله من إتمام هذا الأمر يعني هذا الدين فإنقاص الأمن في أي وقت هو إنقاص لمراد الله -جل وعلا- الشرعي .

واستطرد معاليه يقول : والله ليتمن الله هذا الأمر ، فمن أحدث فيه نقصاً بأي وجه من الوجوه في الحج أو في أي وقت في بلاد الإسلام فإن الإضرار بأمن المسلمين مضادة لما أراد الله من إتمام أمر هذا الدين لاتمام الأمن الذي جعله الله جل وعلا وسيلة لعبادة الله وحده لا شريك له وتحقيق مراداته -جل وعلا- .

وشدد معاليه قائلا: إن أي جهة تعلن شعاراً أو تريد أمراً مخالفاً لتحقيق أمن الحجاج فإن مضادتهم في الحقيقة ليست هي مضادة لدولة أو لنظام وإنما هي مضادة للمسلمين بعامة ثم هي مضادة لمراد الله -جل وعلا- بتحقيق الأمن والأمان ، فإذا كانت البقاع المقدسة مؤمنة بتأمين الله -جل وعلا- فيها ولها يأمن فيها الطير ، ويأمن فيها الشجر ، فكيف يسعى أحد أن لا يأمن فيها من جاءها يريد النسك ، لهذا من الواجب على طالب علم وداعية وواعظ ومرشد أن ينبه الناس على خطورة مصادمة الأمن أو الإخلال به بأي شكل من الأشكال لأن في ذلك مضادة لأمر الله -جل وعلا- العام في جميع الأوقات وجميع الأمكنة ، ثم أمر الله -جل وعلا- الخاص بخصوصية مكة والحرم ، وبخصوصية المشاعر المقدسة والزمان والمكان ، ثم إن شعارات الجاهلية بالتحيز إلى فئة أو مضادة فئة أو التفريق بين المسلمين فإنها موضوعه وإنها باطلة ولا يجوز بحال أن تكون ميداناً ، أو أن تكون مسموحاً بها ، وإنما يجب علينا أن نوضح للمسلمين أن هذا الأمر لا يجوز الدخول فيه ولا يجوز أن يتساهل فيه بأي شكل من الأشكال سواء أكان في شعارات بلافتات ، أو في مسيرات ، أو ما أشبه ذلك فأن الخوض في ذلك باطل ومضاد لحرمة مكة المكرمة ، ولحرمة هذا الشهر الحرام ، وللأمن الذي أراد الله -جل وعلا- في ذلك ولقوله -صلى الله عليه وسلم- : ( إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) .

وأكد معالي الشيخ صالح آل الشيخ أن هذا مما ينبغي على أهل العلم وطلبة العلم والدعاة أن يعتنوا به في الإيضاح ، حتى يظهر قيمة الأمن وصلة ذلك بالشريعة في مناسبة الحج ، ويظهر بطلان أي فكرة تريد هذا الأمر البراءة من المشركين أعلنها النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وتبرأ من المشركين ، وأرسل علياً – رضي الله عنه – بهذه البراءة ، ثم كانت هذه مرة واحدة في عهد الخلفاء الراشدين ، وفي عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، ثم في عهد خلفاء الإسلام ، ثم بما أفتى به علماء الإسلام فإن هذه لم تتكرر وإنما كانت لإبلاغ أمر الله تعالى لما نزلت سورة التوبة ، ثم لما كان ذلك دل على إجماع المسلمين بإجماع الخلفاء ، وإجماع الأمة ، وإجماع أهل العلماء على أن ذلك إنما كان لأجل تخليص مكة من أهل الشرك والكفر والإشراك والإعلان بتوحيد الله -جل وعلا- ، فأخذ ذلك على أنه شعار سياسي على فئة دون فئة فإن هذا من المقاصد التي لا تتصل بالشرع وليس لها نصيب من عمل أمة الإسلام البتة .

وشدد معاليه على أن من واجب أهل العلم وواجب أهل القلم وأهل الكتابات أن يكون عندهم الوعي التام بالصلة بين الأمن والشريعة ، وما بين الأمن وبين نظام الدولة الإسلامية وما بين ضرورة الأمن والوحدة الإسلامية ؛ لهذا كان من اللوازم أن يكون الوعي عندنا مرتفعا في هذه المسائل حتى يكون أمر الله -جل وعلا- واضحاً عند كل مسلم.

وقال معاليه : إن هذه المناسبة لتأكيد على ما تقومون به في كل السنة من مضادة لأفكار الغالية الإرهابية التي أخذتها فئة ضالة اتصلت من الخوارج بسبب وبفكر وعقيدة ونحت إلى التكفير والتفجير ومواجهة الفرقة الضالة هذه وما عملته في البلاد والعباد وما صرفت فيه عقول كثيرين وقلوب كثيرين عن المنهج السوي وطريقة أهل السنة والجماعة أن مواجهتهم فرض حماية للدين والعقيدة من كل ما يمسها وهذا واجب علينا في كل وقت وواجب علينا في كل زمان وواجب علينا في كل أوان ، فالصحابة – رضوان الله عليهم – لما بزغت الخوارج واجهوهم بكل ما أوتوا من قوة حتى آل الأمر إلى أنه بعد عقدين من الزمان أو قريب منها ، حتى صار الخوارج في فئات لا تأخذ بالقتال وإنما هم كما يسمون قعدية لا يتصلون إلى فكر العوام الذين يقتلون وينهبون ونحو ذلك.

وأكد معاليه – في الصدد نفسه – أن الواجب علينا المواجهة ، وأن يكون رد التكفير وأفكار هؤلاء الضالين منا على ذكر في كل وقت ، وأن لا نتساهل في هذا الأمر لأنها مسؤولية أهل العلم لكي يقوموا بواجبهم وحماية دين الله -جل وعلا- في ذلك ، والذي ينفذ أمر الله -جل وعلا- ويقوم بحقه في البيان في ذلك فإنه يرجى له أن يكون ممن دخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخوارج : ( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجر لمن قتلهم عند الله تعالى).

وأوضح معالي الشيخ صالح آل الشيخ أن الشبه لا تروج على الراسخ في العلم ، والشبه لا تروج على أهل العلم ، والواجب أن ترد تفصيلاً وإجمالاً ، حتى يحذر الناس من ذلك .

وفي ختام كلمته شكر معاليه الجميع على حرصهم على المشاركة في برنامج التوعية الإسلامية في الحج وعلى حضورهم ونفعهم للحجاج كما أكرر شكري لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ على حضوره وللزملاء في هذه الوزارة ، سائلاً المولى -جل وعلا- أن يعفوا عنا وأن يغفر لنا ذنوبنا ، وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه الرشد والسداد وأن يجعلنا وإياهم من المتعاونين على البر والتقوى .

بعد ذلك ارتجل سماحة مفتي عام المملكة كلمة قال فيها : إن طالب العلم عليه مسؤولية كبيرة فمسئولية طالب العلم الذي مدحه الله بالعلم وزوده بالعلم وأنار بصيرته ، وشرح صدره وأراه الحق علي حقيقته واجبه أن يشكر الله على هذه النعمة ومن شكر الله على نعمته أن يبذل هذا العلم النافع في الناس ، وينشر هذا العلم ، ويوضح الحق ويضحد الباطل ، ولا تأخذه في الله لومة لائم .

وأضاف سماحته قائلا : إن الحج موسم عظيم ومجتمع كبير ، لا شك أن التوعية ومهمتها في الحج مهمة عظيمة ، إرشاد الناس وتوجيههم ، وتوضيح الحق لهم وتبيين الباطل على حقيقته ، ورد الشبه التي يتعلق بأهل الباطل والضلال ، مشيراً إلى أن مما يوسف له أن هناك من يحسب على الإسلام ويعد بالحساب من المسلمين ، ولكن مع الأسف الشديد أن أفعالهم وتصرفاتهم تنافي الإسلام وحقيقته ، وتصرفاتهم تصرفات الجاهلية يريدون أن يغيروا الحج عن منهجه ، ويحرفوه عن مساره ، ويجعلوه منبرا للمهاترات والقيل والقال يحرفونه عن منهجه هو جاء به توحيد الله وجمع كلمة المسلمين ، وارتباط قلوبهم ، وتعاونهم جميعاً فيما بينهم على البر والتقوى ، وإقامة هذه الشعيرة على وفق ما دل عليه الكتاب والسنة عليه ، ولكن هؤلاء أبوا ذلك وأردوا أن يحرفون الحج عن حقيقته ، ويغيروه عن منهجه ويعيدوه للجاهلية الأولى تلك الجاهلية التي تفرق بين الناس ما بين هذا وهذا ، فشريعة الله جاءت بالعدل ، فواجب العلماء أن يكشفوا الحقائق ويزيفوا الباطل ، وأن ينشروا العلم ، وأن يوضحوا للناس الحقائق ، ولا يدع الأمر ملتبساً أمام هؤلاء .

وأبان سماحة مفتي عام المملكة أن البعض من هؤلاء ينتسبون إلى علم أحيانا وينتسبون إلى فكر من الأفكار أحيانا ، ولكن العلم الذين ينتسبون إليه علم قاصر وعلم مشوه وعلم ليس على الحقيقة ، إذ لو كان العلم حقاً لذلهم علمهم على ما يرضى الله ورسوله ، ولأخذ بأيديهم لما فيه الخير والصلاح ، مؤكداً أن الحج مؤتمر للتآلف والتقارب ، وتبادل المعلومات ، وتزويد كل من الآخر بما عنده أما أن نحرفه عن حقيقته ، ونسييسه للآراء والأفكار الغريبة على الإسلام وأهله فهذا أمر مرفوض في شريعة الإسلام ، لأن أمن الحجيج أمر مطلوب منا ، والله يقول : { وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا } ، فلنحقق مراد الله بأن نؤمن هذا البيت ، ونحرص على أمنه ، وندفع كل شر وبلاء ونرد على كل مفسد يريد أن يعكر صفو أمن هذا البيت ، ويحدث فيه الفوضى ، وفق الله له قيادة حكيمة راشدة شرفها الله بخدمته ورعايته ، والقيام بحقه بذلت كل الجهود في كل المجالات لتأمين الحجيج وتسهيل مهمتهم ، فالواجب أن نتعاون مع هذه السلطة الموفقة لدفع كل باطل ورد كل فساد .

وذكر سماحته أن الناس بحاجة آل من يفتيهم وبحاجة لمن يعلمهم وبحاجة لمن يزيل الشكوك والشبه عنهم ويحل مسائلهم أن نبينا يقول : ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين) والله يقول : ( فأسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، فطالب العلم مسئول ومستفتى فواجبه تقوى الله فيما يفيتي به وفيما يخبر عن الله أن يكون حريصاً على إيضاح السنة ، وبيان الحق ، فالشريعة يسر يجب أن تكون على يسرها لتمكينها لا أن تنحرف عن حقيقتها ، ولكن أن نثبت عليها ونبين الحقيقة التي دلت عليه الشريعة ، ونأمر الناس بالتزام السنة والعمل بها .

واستطرد سماحته قائلاً : إن ما يسمي بالحج السريع وما يسمى بالحج القصير وما يسمى وما يسمى عطلوا كثيراً من الواجبات ، بل بعض الأركان ، واختصروا كل شيء حتى ظنوا أنهم بذلك محقون ، فالواجب علينا إن نبين السنة ، ونرشد الناس بما دلت السنة عليه ، وفي السنة خير كثير والنبي كما قال في مني 🙁 أفعل ولا حرج في الرمي والنحر والحلق والطواف والسعي كل ذلك تيسيراً على الأمة ورخص للضعفاء في الدفع بعد نصف الليل من مزدلفة كل هذا من التيسير والتسهيل ، وإذن لمن تعلقت بمصالح الأمة فرخص لهم ترك المبيت في مزدلفة كل هذا وإن يؤخر من الجمار لليوم الثاني كل هذا من التيسير والتسهيل فطالب العلم يصغى للمستفتي ويأخذ ما عنده ، ويحاول أن يوضح الحق له وأن يبين له الحق والرخص الشرعية بدليلها ؛ ليكون على بصيرة من أمره.

وفي ختام كلمته سأل الله أن يوفق الجميع للعلم النافع والعمل الصالح ، وإن يجعلنا واياكم دعاة للخير هداة مهتدين ، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين ، وسموا ولي عهده الأمين ، وسمو النائب الثاني، وحكومتهم لما فيه الخير والصلاح للأمة بحاضرها ومستقبلها ، وأن يجعل حجنا مبروراً وسعينا مشكوراً وذنبنا مغفوراً .

بعد ذلك أجاب سماحة مفتى عام المملكة ومعالي الوزير الشيخ صالح الشيخ على أسئلة الدعاة والمداخلات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com