المجتمع

من يختطف أطفالنا ؟ حِيَل المختطفين وكيف نحميهم ؟

 

تعد ظاهرة اختطاف الاطفال ظاهرة قديمة لها عدد من الدوافع و من أقدم هذه الدوافع هي الرغبة بالانتقام من أهل الطفل أو ابتزازهم والحصول على مال الفدية وتنتشر ظاهرة إختطاف الأطفال في كل دول العالم وفي الولايات المتحدة وحدها  وبحسب ما صرح تقرير المركز الوطني الأمريكي للأطفال المفقودين بوجود ما يقارب  800000 طفل مختطف سنويا في الولايات المتحدة

وحاليا أصبحت المنطقة العربية وضمن الأوضاع السياسية الراهنة تشهد تزايد في حالات إختطاف الأطفال لأسباب ودوافع مختلفة كالرغبة في استغلال الأطفال لأعمال السخرة أو الأعمال الإرهابية أو للمتاجرة فيهم وبيعهم كقوة عاملة أو قد تنزع أعضائهم كالعيون والكلى و تباع بمبالغ خيالية . وتعد المملكة العربية السعودية هي من أقل دول المنطقة التي تشهد عمليات إختطاف الأطفال مقارنة بالدول الأخرى مثل الجزائر ومصر والعراق ففي العراق وحدها  وكما أشار تقرير لجنة حقوق الانسان تعرض ما يقارب 6 الاف طفل عام 2013  للاختطاف تم قتل نصفهم من قبل الخاطفين كما و تفاقمت مؤخرا ظاهرة الاختطاف في مصر حيث صرح  المجلس القومي المصري للأمومة والطفولة عام 2015 إلى  وصول معدل ظاهرة اختطاف الأطفال في مصر إلى 30 طفلا شهريا

قضايا اختطاف الاطفال في المملكة العربية السعودية

يتضح من خلال المقارنات البسيطة ما بين أعداد الأطفال المختطفين في المملكة العربية السعودية والاعداد المختطفة الضخمة التي يتم رصدها  شهريا في الدول العربية  بل وحتى الأجنبية أن المملكة العربية السعودية  لا تشهد هذه الظاهرة وكما يؤكد باحث علم الجريمة أحمد عسيري حالات بسيطة من إختطاف الأطفال تنتهي معظمها بايجاد الاطفال الذين تم اختطافهم.وتوضح إحدى الإحصائيات المحلية بالمملكة بانه وخلال عام 2013 كشف مصدر مسؤول في وزارة العدل لـ «الشرق»في عددها 675 أن محاكم المملكة شهدت مايقارب  131 قضية اختطاف توزعت كالآتي : حالة اختطاف واحدة في شمال المملكة في منطقة حائل وحالة واحده في الباحة وحالتين في جازان بينما احتلت مكة مركز الصدارة بمعدل 42 قضية اختطاف طفل تلتها الرياض  بواقع  35 قضية فالشرقية والتي شهدت  33 حالة بينما حازت المدينة على المرتبة الرابعة بواقع عشرة حالات اختطاف .
اما حول جنسيات الأشخاص الذين قاموا بحالات الاختطاف  فأغلب التهم كانت موجهه لمواطنين سعوديين كما ان ضحايا الاختطاف داخل المملكة هم من مواطني المملكة وايضا من جنسيات مختلفة حيث سجلت حالات اختطاف اطفال باكستانيين وسوريين وغيرهم من الجنسيات الاخرى  المقيمة في المملكة

ويعزى سبب قلة حوادث الاختطاف في المملكة مقارنة بالدول الاخرى إلى الإستقرار الأمني الذي تعيشه المملكة الا انه وللاسف تحضى حالات إحتطاف الاطفال القليلة الى ترويج والاثارة لها من خلال التواصل الاجتماعي بحيث تبدو هذه الحالات القليلة التي تنشر المعلومات عنها من خلال هاشتاقات نشطة تظهرها وكأنها ظواهر مستمرة الحدوث في المملكة وهو ما لايمثل الواقع الفعلي في المملكة

من هو الشخص الذي يتجرأ على ارتكاب جريمة الاختطاف ؟

في الحقيقة قد يكون فعل الاختطاف مرتكب من قبل عدة جهات فردية أو جماعية . فقد يكون الخاطف شخص ذوي سوابق او مدمن أو شاذ اخلاقيا أو مضطرب نفسيا وقد لوحظ من دراسة سلوكيات مرتكبي جرم الاختطاف أن بعض خاطفي الأطفال كانوا في يوما ما ضحايا تم استدراجها في الصغر والاعتداء عليها  فكبروا وفي دواخلهم هذه العقدة التي تجعلهم يرغبون في الانتقام من المجتمع من خلال تكرار هذه المعاناة ليقاسي آثارها غيرهم من الأطفال .

المختطف ايضا قد يكون شخص محروم من الانجاب و يرغب بتبني طفل بأي وسيلة كانت حتى ولو اضطر من خلالها إلى المغامرة بخطف أي مولود وبالتالي التعرض للسجن والسبب في إقدام الكثير من المحرومين من الإنجاب على الخطف عوضا عن القيام بعملية تبني يتيم هو التعقيدات التي تضعها كثير من دور الأيتام والشروط الصارمة للتبني والتي تجعل من الصعب على بعض الأشخاص وربما من المستحيل تبنيهم لأي يتيم بسبب عدم أهليتهم اجتماعية أو اقتصاديا لذلك فان كل هذه التعقيدات تدفع بالام المتعطشة لتربية طفل إلى المغامرة و ارتكاب جرم اختطاف طفل لتحقيق حلمها
كما أن المختطف قد يكون أحد والدي الطفل خاصة عندما يلجأ احد الطرفين إلى حرمان الطرف الأخر من التواصل مع الطفل فتحصل عملية الخطف وتكثر هذه الحالات من الاختطاف في الدول التي يكون فيها الوالدين من جنسيات مختلفة وتخلق في العادة مشاكل و نزاعات قد تتدخل فيها السفارات لمحاولة تسوينها.

كم يتم خطف الطفل

يتم خطب الطفل بالعادة اما من خلال الامساك بيده أو حمله وربما تغطيته أو تخديره من خلال رش بخاخ على وجهه فيبدو نائما أو قد يتم استدراج الطفل من خلال السكاكر أو  التلطف معه بالحوار أو الادعاء بمعرفة أهله في محاولة لأخذ ثقته وتقول إحدى الموظفات العاملات في المراقبة بأحد المجمعات التجارية الكبيرة في المملكة أنها تلاحظ أحيانا أن هناك سيدات يأتين كل يوم إلى المول والتظاهر بالتسوق إلا أنهن في الحقيقة يبحثن عن أطفال غير مراقبين أو ضائعين لاختطافهم وتضيف هذه الموظفة أنه في العادة يتم تحويل مثل هؤلاء السيدات والأطفال عند ضبطهن إلى الجهات الأمنية للتحقيق وإعادة الطفل إلى والديه

أما جنس الشخص الذي يرتكب جرم الاختطاف فقد يكون امرأة أو رجل متنكر أو عصابة مكونة من مجموعة من الأشخاص الذين ينضمون عملية الإختطاف فيما بينهم وكما بينت صحيفة اليوم السابع في عددها 17 نوفمبر 2017  انه تم مؤخرا في صعيد مصر القبض على عصابة تمتهن إختطاف الأطفال وقد كانت تتولى هذه العصابة تقسيم العمل فيما بينها حيث تقول مجموعة بمراقبة الضحية وجمع بيانات عنها وعن تحركاتها  بينما تقوم مجموعة أخرى بتنفيذ عملية الاختطاف أما المجموعة الأخيرة فهي التي تقوم بتولي المتاجرة بالاطفال المختطفين

هذا وقد يلجأ الكثير من المختطفين إلى سرقة المركبة التي يتم من خلالها القيام بعملية الخطف  لتمويه الجهات الأمنية .كما ويلجأ عدد من هذه العصابات إلى الاستعانة بأشخاص دون سن 18 في تنفيذ عملية الخطف و ذلك لتلافي العواقب القانونية .

حيل المختطفين

يقوم المختطفين بعدد لا يحصى من الحيل لخطف الأطفال مثل محاولة استيقاف الطفل أثناء لعبه بحجة سؤاله أو الحديث معه. إعطاء الطفل عصير أو قارورة مياه معدنية تم حقنها بمنوم أو ابر مخدرة .إعطاء الطفل منديل فيه مادة مخدرة ، التظاهر أمام الطفل بالإعاقة والحاجة للمساعدة في دخول دورة المياه أو ربما الطلب من الطفل المساعدة في نفخ بالون او أخذ صورة سيلفي بحيث يكون أقرب من الطفل وبالتالي سهولة خطفه وغيرها الكثير من الحيل التي قد تنطلي على الأطفال الأبرياء  وتجعلهم سهلي المنال.

أين يمكن أن يختطف الطفل؟

بشكل عام يبحث المختطف عن الأطفال في أماكن ازدحام  البشر حيث يتوفر عنصري التغطية وسهولة الإختفاء و عدم الإنتباه من قبل الوالدين و أكثر أماكن الإختطاف شيوعا بالعادة هي مولات التسوق , أماكن إقامة  البازارات و المهرجانات , المستشفيات بل و حتى المساجد و أما أكثر الأوقات التي يكون فيها الطفل معرضا للاختطاف فهي فترة التخفيضات والأعياد وشهر رمضان و خلال الذهاب والإياب إلى بقالة الحي أو اللعب بالشارع  فضلا عن فترة العودة من المدارس

حيث يكون الطفل في هذه الحالة  معرضا للاختطاف ربما بنسبة 90 بالمئة وتشير صحيفة مصريون في عددها 20 اكتوبر 2017  ارتفاع أعداد الأطفال المختطفين من فئة تلاميذ المدارس بمحافظة سوهاج المصرية حيث وصل عدد الأطفال المختطفين فيها فقط إلى 20 طفل.

مصير الطفل المختطف

أن الطفل المختطف بالعادة ينتظره الكثير من السيناريوهات التي من أهمها الإستغلال الجنسي أو المتاجرة فيه وتزدهر تجارة رقيق الاطفال في 150 دولة حول العالم  ويبلغ أعداد الأطفال المختطفين عالميا والعالقين في تجارة رقيق الأطفال ما يقارب 1.2 مليون  طفل وتلقى هذه التجارة المحرمة الكثير من الرواج في حيث أن أرباح تجارة رقيق الاطفال تدبر على المتاجرين فيها ما يصل إلى 9.5 بليون دولار سنويا وتحتل بذلك تجارة البشر والتي في معظم ضحاياها من الاطفال الصغار المصدر الثالث في تحقيق الأرباح من بعد أرباح تجارة المخدرات والأسلحة وفي العادة يتم بيع الأطفال للتبني الغير قانوني أو لإستغلالهم الجنسي أو انتزاع أعضائهم وبيعها  أو للعمل في التسول أو مزارع الحشيش والأفيون أو لتجنيدهم في المنظمات الإرهابية كما يحصل من قبل الدواعش في العراق والحوثيين في  اليمن

هذا و تشير صحيفة Sudan Tribune في عددها الصادر بتاريخ 2012-09-09 إلى أنه من عام 2005 إلى 2012 تم اختطاف ما يقارب  30000 طفل أوغندي بواسطة إحدى الجماعات الأوغندية المتمردة  واستخدام هؤلاء الأطفال كجنود أو للاعتداء عليهم جنسيا.

إرشادات لوقاية الأطفال من الاختطاف

الاختطاف ظاهرة تحدث في كل الدول بما فيها المتقدمة حيث يختطف ما يقارب 70 طفل يوميا في عدد من العواصم الأوروبية ومن أهم الإرشادات التي ينبغي للأمهات إتباعها لحماية أطفالهن من الاختطاف ما يأتي

تدريب الطفل على التصرف بجرأة وقت الخطف وتعليمه حيل مثل العض والرفس والصراخ وغيرها من الامور الدفاعية التي ربما تكون سببا في إرباك الخاطف وابتعاده عن الطفل وبالتالي فشل خطفه

إفهام الطفل بطريقة تناسب عمره ان البعض قد يخدعه من خلال الادعاء انه يعرف والديه أو أنه صديق لهما وأن البعض قد يستخدم شي يحبه لخداعه وخطفه

لا توصي أبدا طفل أو طفلة على اخوها لحمايته لأن الأطفال قد يتعرضون  للتحايل أو الإلهاء بكل سهولة وأيضا من الأفضل عدم الإعتماد كليا على الخادمة في مراقبة الطفل حيث ان كثير من حالات الخطف حدثت وبوجود خادمات

تنبيه الطفل في كل مكان تذهب اليه العائلة إلى مكان مكتب الامن او مكان وقوف عناصر الأمن في المنشأة ليلجا لهم في حال ضياعه .

لا تترك الطفل بمفرده حتى ولو أثناء الذهاب لدورة المياه حيث تقوم الأمهات بالدول الغربية بادخال الطفل معها إلى داخل الحمام كما ويمكن الام إستخدام غرفة حمام ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تكون في العادة مجهزة بحيز مكاني يتسع لعربة الطفل

انصح الامهات كذلك بضرورة تحاشي اخذ الاطفال للتسوق في موسم التخفيضات وفي حال رغبن في ذلك فيفضل للام ان تصحب معها زوجها او احد الاقارب لمراقبة الاطفال معها

ينصح الأهالي بتركيب كاميرات تغطي منطقة ما حول مدخل الباب ومن الجدير بالذكر أن معظم حالات الاختطاف تم كشفها والتوصل للخاطفين فيها من خلال كاميرات المراقبة حيث كان لها دور مصيري في التعرف على الشخص الخاطف و جريمته التي ارتكبها

اما توصيتي للمجتمع فهي تشمل عتب على الإعلاميين والناشطين في السوشل ميديا والذين لم يسعوا لتوعية فئات المجتمع فيما يتعلق موضوع اختطاف الأطفال ومصير الأطفال المختطفين في حين ركز البعض على التحرش والتوعية بمخاطر التحرش بالاطفال  إلا أن قضية اختطاف الأطفال  لم تحظى  بالاهتمام كغيره من الظواهر السلبية التي قد تهدد الطفولة في أي مجتمع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى