حوارات خاصة

البنيان يكشف لـ”مكة” عن كوارث مرورية وقصص مأساوية

سنين طويلة من العمل في المجال الأمني وإدارة المرور بعدد من مناطق المملكة، وكانت له بصمة واضحة في وضع أبرز أنظمتها الإدارية، فضلًا عن عمله محققًا في حوادث المرور الأمر الذي ترك ذاكرته مشحونة بالكثير من المواقف الإنسانية المؤلمة، حيث شاهد حوادث مروعة فقد الكثير من الناس أعزاءهم.

ويروي العميد البنيان، في حديثه مع صحيفة “مكة” الإلكترونية، بعضًا من القصص الإنسانية المؤلمة التي تعرّض لها خلال عمله في حوادث المرور، متطرقًا في حديثه إلى بعض المقتطفات من الحياة الاجتماعية بمكة المكرمة وموسم رمضان والحج والأعياد.

1- في البدء نتعرف على ابن مكة المكرمة؟

العميد الدكتور محمد علي سمران البنيان، مواليد مكة المكرمة 1376/12/10 هـ، متزوج ولدي والحمدلله أبناء وبنات أكبرهم مازن وأصغرهم ميساء، التحقت بكلية الملك فهد الأمنية ” قوى الأمن سابقاً “في 1394/8/1هـ وتخرجت في مرتبة ملازم في 1397/6/28هـ وتعينت في الأمن العام في الإدارة العامة للمرور وتقاعدت في 1427/2/18هـ .

2-  في أي حارة كانت نشأتكم ؟

– ولدت في مكة المكرمة وترعرت ونشأت في ساحة إسلام وكان هذا المسمى يطلق على ملعب كرة القدم في مكة والذي شهد كثيرا من مباريات نادي الوحدة بمكة مع جميع فرق المملكة المشهورة، وقد أزيل الملعب وشيدت عليه مدارس الفلاح بجميع مراحلها، وهذا الحي جزء من حي النزهة الشرقية حالياً وسابقاً حي الزهراء.

3- أين تلقيتم تعليمكم ؟

– درست المرحلة الابتدائية في مدرسة النزهة وكان مدير المدرسة الأستاذ فوزي يماني- أطال الله عمره-، ودرست المرحلة المتوسطة في مدرسة الزاهر المتوسطة وكان مديرها الأستاذ زاهد قدسي – رحمه الله-، أما المرحلة الثانوية فقد درستها في مدرسة مكة الثانوية في مقرها الحالي في الزاهر وكان مديرها المرحوم الأستاذ عبدالحميد فلمبان – يرحمه الله تعالى – بعد ذلك التحقت بالكلية الأمنية .

4- ماذا بقي في الذاكرة من أحداث عشتم معها عراقة الحارة ؟

– الذاكرة مليئة بهذه الأحداث؛ حيث البيوت متلاصقة، والنفوس متحابة، وحسن الجوار،والإيثار، والاهتمام بالآخرين يطغى على الجيران وكان بعض الجيران يسافرون بسيارتهم؛ للعمل ويغيبون عن أبنائهم بسبب اهتمام الجيران.

ويتم تبادل أنواع الأطعمة بين الجيران، وقد تمت بعض الزيجات بين شباب وشابات الحارة ويتم الزواج في نفس الحارة والسكن، وأذكر أن الوالدة-حفظها الله – قد أرضعت بنتاً وولداً من أبناء الجيران؛ والعلاقة مستمرة إلى الآن بين أختنا وأخينا من الرضاعة وهذه من ثمرات الحارة والعشرة الطيبة بين الجيران .

5- في مرحلة الطفولة العديد من التطلعات المستقبلية.. ماذا كنتم تأملون حينها ؟

– كانت تطلعاتي المستقبلية أن أكون طياراً حربياً وكنت أذهب مع والدي-رحمه الله تعالى – الذي كان يعمل بشرطة جرول موظف مدني يسمى نقيب حارة يتبع لعمدة الزهراء عبدالله زين الدين- رحمه الله- ويسمى الآن محضر يبلغ المطلوبين بمواعيد جلساتهم في المحكمة أو في الشرطة وكنت أتولى إبلاغ بعض المطلوبين بعد أن يكلفني والدي بالذهاب لهم وإبلاغهم وأخذ تواقيعهم أو بصماتهم على الطلب مصطحباً دراجتي الهوائية.

وكانت علاقتي بضباط ومركز الشرطة جيدة ويسمحون لي بالجلوس في مكاتبهم ومشاهدتهم وهم يتعاملون مع المشاكل التي تواجههم وكان ذهابي مع الوالد إلى المركز يتم يومياً خلال العطلة الصيفية ومن هنا بدأ الاهتمام لدي بالالتحاق بالسلك العسكري في مجال الأمن .

6- تربية الأبناء في السابق بنيت على قواعد صلبة ومتينة.. ما هي الأصول المتعارف عليها في ذلك الوقت ؟

– الأصول المتعارف عليها .. التنشئة الدينية من صلاة وصوم ،والالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم، واحترام الكبير، واحترام الجار، والبعد عن رفقاء السوء، وغيرها من الأخلاق الحميدة .

7- في تشكيل صفاتكم ساهمت الكثير من العادات والتقاليد المكية في تكوينها ما أبرزها ؟

– نعم ساهمت الكثير من العادات والتقاليد المكية في تكوين هذه الصفات لي ولغيري من أبناء مكة؛لأننا من جيران بيت الله الحرام وعلينا مسؤولية كبيرة في إكرام ضيوف الرحمن والإحسان إليهم والاهتمام بهم. ومن هذه الصفات المساعدة ماديا ومعنوياً للمحتاج والإيثار.

وأذكر أننا كنا نعمل على تسهيل وصول الحجاج والمعتمرين؛ لأداء مناسك الحج والعمرة في رمضان والحج تحت لهيب الشمس وارتفاع درجة الحرارة وكثرة السيارات والازدحام ونحتسب ذلك عند الله. ونشعر براحة نفسية عالية عندما نستشعر أننا أبناء مكة وجيران الحرم وأن هذا واجب علينا أمام الله وولي الأمر، بهذه الوسائل نزرع هذه الصفات في أبنائنا بجعلهم متساعدين ومتعاونين ومسؤولين أمام الله وأنفسهم .

8- الأمثال الشعبية القديمة لها أثر بالغ في النفس.. ما هي الأمثال التي لازالت باقية في الذهن؟ ولماذا ؟

–  “أهل مكة أدرى بشعابها ” مثل صحيح فنجد المكي يعرف طبيعة كل حارة وأهلها ويصبح دليلاً لكل ضيف إذا تاه أو احتاج للمساعدة، أذكر أنني عملت في إرشاد الحجاج وتوصيل حافلاتهم إلى مقرات المطوفين المنتشرين في أحياء مكة.

كما عملت مطوفا للمعتمرين في شهر رمضان في الطواف والسعي وقد من الله علي في ما بعد أن أصبحت قائدا لأمن الحرم المكي الشريف، وبفضل الله فلم أكن أستغل الحاج أو المعتمر بل أعامله معاملة حسنة وأساعده قدر المستطاع.

9- الحياة الوظيفية.. أين كان لشخصكم القدير أول بداياتها؟ وآخرها؟

– بعد التخرج من الكلية الأمنية تعينت في مرور مدينة الوجه وخلال سنتين وبحمد الله كونت إدارة مستقلة لإدارة المرور بجهاز متكامل من الأفراد والموظفين والآليات بمبنى مستقل، ثم انتقلت إلى مرور مكة المكرمة في رمضان عام 1399هـ، وعملت محققا في حوادث المرور ثم مديراً لإدارة الرخص ثم رئيسًا لحوادث المرور لمدة سبع سنوات مع الإشراف على وحدات تحقيق مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ومع نظام الأمن الشامل انتقلت إلى شرطة العاصمة في عدة إدارات، ثم مديراً لشرطة محافظة الجموم، ثم قائدًا لأمن الحرم المكي الشريف ثم نائباً لمدير شرطة العاصمة ثم أحلت للتقاعد والحمدلله .

10- شهر رمضان وشهر الحج من المواسم الدينية والاجتماعية المميزة حدثنا عنها ؟

– منذ طفولتي وأنا متعلق بشهر رمضان والحج فكنت أصلي التراويح مع أستاذي الشيخ يحيى وأحضر حصص التحفيظ معه، وكنت أقوم بشراء متطلبات الأسرة من السوق بواسطة دراجتي، وأحيانا أذهب إلى الحرم أطوف وأصلي التراويح، وكنا نقوم بشراء متطلبات العيد من سوق المدعى المجاور للحرم من جهة المسعى، كنت أصوم ولا أفطر.

وكانت الدراسة في رمضان طوال المراحل الدراسية التي عشتها وحتى الدراسة في الكلية الأمنية كانت في رمضان، وفي الليل نتدرب على حمل السلاح في أول رمضان عشناه في الكلية أي بعد شهر من دخول الكلية.وكان الذهاب إلى المدرسة في المرحلة الابتدائية والمتوسطة مشياً على الأقدام ورغم المشقة لا نفطر.

– أما الحج فكنت أذهب للعمل مع والدي في منى إذ كانت لديه بسطه للمواد الغذائية، ثم عملت دليلاً للحجاج أوصلهم إلى مطوفيهم ولم نكن نشعر حقيقة بعيد  الأضحى؛ لأن الآباء يعملون في الحج، أو لأنهم حاجين.

وبالنسبة للأسر والأبناء الذين ليس لديهم عمل يقومون بالتجمع والسهر ويحرسون الحارة من أي طارق غريب، أما العمل في رمضان كان عملاً ميدانياً حول الحرم؛ لتنظيم حركة السير ووقوف السيارات قبل وجود مواقف السيارات الحالية وكان عملا شاقاً جداً، أما بالنسبة للعمل في موسم الحج فكان شاقاً ومرهقا.. ِولكن بالجد والإخلاص والصبر ينتهي الموسم بالنجاح للخطط الأمنية والمرورية وهذا بفضل الله وتوفيقه.

11- تغيرت أدوار في الوقت وأصبحت  محددة.. كيف كان سابقاً دور العمدة في الحارة؟

– دور العمدة في السابق من أهم قيادات الحارة وكانت كثير من المشاكل تنتهي عند مركاز العمدة، أو في منزله، حتى المشاكل الأسرية يحلها بالرضا بين الأطراف.

وكان سكان الحارات لا يعرفون إلا عمدة الحارة، ولا يذهبون إلى أقسام الشرطة أو المحكمة إلا في القضايا المهمة والكبيرة حيث يوجههم العمدة إلى القسم أو المحكمة. وأحيانا يذهب مع المدعي أو صاحب القضية ويشد من أزره، وأذكر قصة حدثت لي وأنا طفل في موسم الحج أن ذهبت من منزلنا بعد صلاة العصر قاصداً لوالدي في منى حتى وصلت إلى حي الروضة وكان هناك نقطة أمنية فيها ٣ أفراد وسألني أحدهم إلى أين ؟ فأخبرته أني أقصد منى حيث والدي هناك لديه بسطة فأخبرني أن المسافة من الروضة إلى منى بعيدة وهي خلاء وظلام وخطر علي ثم سألوني عن اسمي وعمل والدي واسم عمدة الحارة فأخبرتهم وعندها قام أحدهم وأوصلني إلى شرطة جرول بواسطة حافلة ركاب وعلى حسابه وفي قسم الشرطة تم الاتصال بعمدة حي الزهراء الذي حضر شخصياً للقسم ثم أوصلني إلى المنزل بسيارته الخاصة .

والحقيقة لم ينهرني أي أحد من رجال الأمن أو الشرطة والعمدة؛ لأن مغامرتي المجنونة انتهت بسلام، ووجدت الوالدة وجميع الجيران وخاصة النساء في حال يرثى لها من الخوف والقلق وعندما شاهدوني بكى الجميع فرحاً ولم تذرف عيني دمعه واحدة؛ لأني أعتبر ما قمت به من تصرف طائش أنه بطولة وشطارة.

12- القامات الاجتماعية من تتذكرون منها والتي كان لها الحضور الملفت في الحارة ؟

– القامات في الحارة كثيرة ولهم حضور اجتماعي ملفت منهم معالي الشيخ حسين عرب وزير الحج، والشيخ طلحه الشيبي سادن الكعبة، والأستاذ عبدالله عريف أمين العاصمة المقدسة، والأستاذ فوزي يماني مدير مدرستي الابتدائية، والشيخ محمد محمود الصواف، والأستاذ أحمد عبدالغفور عطار الكاتب والصحفي رئيس تحرير ومؤسس عكاظ، والأستاذ حامد مطاوع رئيس تحرير الندوة، والشيخ خالد الشيبي، والأستاذ نافع الصحفي مدير مدرسة الزهراء الابتدائية،وابن عمه الاستاذ عزيز الزبيدي، ومدير الأمن العام سليمان الجارد، وعائلة الرهبيني، والمجال يحتاج إلى صفحات لتذكر البقية والحديث عن هذه القامات ودورها الاجتماعي والإنساني والثقافي وخدمتهم للمجتمع وقد تأثرنا بهم وبشخصياتهم العظيمة رحم الله من مات منهم وحفظ الأحياء وأمد في أعمارهم.

13- هل تتذكرون موقفا شخصيا حصل لكم ولن تنسونه ؟

– المواقف المؤثرة كثيرة وأغلبها حصلت في أثناء عملي بحوادث المرور وأعمال الشرطة.. فيها مشاهدتي لجثة معلمة توفت في حادث مروري في طريق الليث في أول يوم لمباشرتها العمل وبجوار الجثة حقيبة المعلمة وبعضاً من أغراضها ومازال هذا المنظر مؤثراً في نفسي. والثاني عندما دهس مراهق متهور طفلاً صغيراً كان يسير وأمه ممسكة بيده أمام سوق بالزاهر وكاد الأب والأم أن يصيبهم الجنون؛ لأن هذا الطفل هو الوحيد وقد ولد لهما بعد تسع سنوات من الزواج ومازلت أتذكر هذا الموقف بكل ألم ! .

14- المدرسة والمعلم والطالب ثلاثي مرتبط بالعديد من المواقف المختلفة.. هل تعرفونا على بعض منها ؟

– لا زلت أذكر بالفضل كل من علمني وأذكر منهم أستاذ التحفيظ الشيخ يحيى اليماني ولا زلت متواصلا معه حتى الآن وهو من سكان الحارة ودائما أمازحه وأقول له أنت طبقت علينا في المسجد نظاماً عسكرياً، وأذكر مدير مدرستي الأستاذ فوزي يماني الذي كان يأخذني من المدرسة إلى الوحدة الصحية مع والدي في سيارته الخاصة كل يوم ويعيدني إلى المدرسة.

15- كثرت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر وأصبحت مرافقة مع الناس فيكل مكان ما هي الوسائل المتوفرة لديكم في ذلك الوقت ؟وما أثرها على أفراد المجتمع آنذاك ؟

– في البداية لم يكن لدينا إلا الراديو بحجمه الكبير، ثم جاء التلفيزيون الأسود والأبيض وكان أهل الحارة يتجمعون لمن عنده التلفاز صغاراً وكباراً ولا ينزعج من ذلك، وأتذكر بعض المسلسلات العربية .. سر الغريب، وبرامج الأطفال، وبعض الأفلام الأمريكية الهارب والحصان فيوري  وغيرها كثير، ومباريات كأس العالم 1970م والتي فازت بها البرازيل على إيطاليا في النهائي وكانت تصل إلى التلفيزيون السعودي مسجلة بصوت المعلق محمد لطيف – رحمه الله – .

16- تظل للأفراح وقفات جميلة لا تنسى.. ماذا تتذكرون من تلك اللحظات السعيدة؟

 وكيف كانت ؟

– كانت الأفراح تقام في الحارة بمناسبة الزواج أو في وليمة سابع المولود وكان أهل الحارة يتعاونون جميعاً في تجهيز مكان الجلوس وتناول الطعام في الليل في أسطح المنازل أو الأحواش أو في أي مكان فسيح داخل الحارة.

وكان الذبح والطبخ في مكان معين من الحارة وفي النهار يتوزع الضيوف داخل المنازل.. وتستمر مناسبات الزواج أحياناً إلى أيام. وفي بعض المناسبات تحضر فرق شعبية للرجال والنساء؛ لإحياء ليالي الحفل وتعرض أفلام سينمائية على حوائط الجدران ومن أشهرها” عنتر وعبلة” “ولص بغداد” ومن أشهر من أحيا حفلات في حارتنا طاهر كتلوج وفيصل علوي ومسفر القثامي – رحمهم الله -.

17- الأحزان في الحياة سنة ماضية .. كيف كان لأهل الحارة التخفيف من وقعها ؟

– يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً “والجيران في الحارة كذلك يفرحون لفرح جيرانهم ويحزنون لحزنهم ويبذلون كل مابوسعهم؛ لتخفيف ألم الجار ولا زال الناس بخير ويعرفون حقوق الجار إلى اليوم .

18- الأحداث التاريخية الشهيرة في حياتكم هل تتذكرونها.. وما الأبرز في تفاصيلها ؟

– من الأحداث المؤلمة التي مازالت عالقة في ذهني إلى اليوم هزيمة العرب من إسرائيل عام 1967م واستيلائها على الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى وكنت في السنة الخامسة الابتدائية .

وأسمع في الراديو عن بيانات الإذاعة المصرية عن إسقاط الطائرات الاسرائيلية وكنت أفرح مع كل بيان أتضح فيما بعد أنه غير صحيح ! وكان عاماً حزيناً على العرب والمسلمين وسمي بعام النكسة، ثم جاء إحراق المسجد الأقصى من قبل اليهود قاتلهم الله والذي أثر في نفسي كثيراً وعندما شاهدت على التلفاز الأسود والأبيض منظر الحريق بكيت بحرقة . واليوم الثاني بعد الظهر ذهبت لإحدى التلال المجاورة للحارة؛ وظللت في ذلك المكان أدعو الله لمدة ساعتين أو أكثر وأطلب من الله أن يرسل لي البراق للذهاب إلى القدس ومقاتلة اليهود وانتقم منهم وكنت أتوقع وصوله في أي لحظة وعيني على السماء طوال الوقت ولكني فرحت جداً بالنصر الذي تحقق في العاشر من رمضان وكان للملك فيصل- رحمه الله تعالى- والمملكة جهد كبير في هذا النصر .

– حدث آخر أيضا الذي كان في صباح 1400/1/1 هـ وأثناء صلاة الفجر هاجم متطرفون بقيادة جهيمان العتيبي بيت الله الحرام وعاثوا فيه فساداً بمزاعم باطلة وقتلوا بعض رجال الأمن ومدنين آمنين ومنعوا الأذان والصلاة والطواف والسعي في الشهر الحرام والبيت الحرام ولم يراعوا حرمة الزمان والمكان وكان حدثاً مؤلماً للجميع ومنظر الحرم وهو مظلم أشد ألماً وكنت حينها ضابط تحقيق حوادث في مرور العاصمة المقدسة وقد شاركنا وساندنا جميع القوات التي جاءت بقيادة اللواء فالح محمد الظاهري من تبوك لتطهير البيت الحرام من رجس هؤلاء الكفرة وقد تم ذلك والحمدلله في وقت قياسي حيث تم القضاء على مجموعة داخل الحرم ومن ثم القبض عليهم وحوكموا شرعاً وحكم عليهم بالردة والقصاص.

– وبعد ثورة الخميني عانينا من سوء تصرف حجاج إيران وقيامهم بمظاهرات يوم ٧ ذي الحجة في مكة وتعطيل مصالح المسلمين بشعارات مذهبية بعيدة عن الدين ولا تحترم حرمة البيت والمسلمين ورد الله كيدهم في نحورهم بعد أن تم دحرهم ومنعهم بالقوة وقطع دابرهم للأبد. نسأل الله الأمان لبلادنا خاصة ولسائر بلاد المسلمين.

19- ما هي الألعاب الشعبية التي اشتهرت بها حارة ساحة إسلام ؟

– لا أعرف ألعاب شعبية تميزت بها حارتنا غير كرة القدم بين الصغار وكنا نلعبها في ساحة كبيرة وملعب مجهز أمام منزل الأستاذ عبدالله عريف أمين العاصمة المقدسة. وكان له الفضل في إعداد هذه الملاعب وكان رئيساً لنادي الوحدة عندما حصل على كأس الملك عام 1386هـ أمام الاتفاق بحضور الملك فيصل – رحمه الله-.

20- ” لو كان الفقر رجلا لقتلته ” مقولة عظيمة لسيدنا علي رضي الله عنه.. هل تروون بعضا من قصص الفقر المؤلمة ؟

– لا أتذكر من قصص الفقر المؤلمة أي قصة فمنذ وعيت على الدنيا والناس بخير والحياة جيدة. وكان الوالد -رحمه الله- يحضر للنساء الكبيرات في الحارة المخصص لهن من الضمان.

وكن يأتين إلى البيت وتلتقيهم الوالدة – حفظها الله – وتسلم كل واحدة مستحقاتها وهذا فضل من الله واهتمام من الدولة، وكنا نسمع ومازلنا نسمع عن قصص الفقر الشديد والجوع في الستينات قبل أن نولد؛ بسبب وقوع الحرب العالمية الثانية وعدم قدرة التجار على الاستيراد لظروف الحرب وانتشار الجوع والجدب وموت المواشي.

21- ماذا تودون قوله لسكان الحارة القديمة د.عميد محمد ؟

– أقول لسكان الحارة القديمة شكرا لكم على مكارم الأخلاق والتي تحليتم بها من محبة وإيثار وحسن الجوار وأسأل المولى عز وجل أن يرحم من مات ويبارك في عمر الأحياء لقد كان زمناً جميلاً وذكريات لا تنسى .

22- رسالة لأهالي الأحياء الجديدة ؟ وماذا يعجبكم فيها  الآن ؟

 -أقول لهم من مكارم الأخلاق الإسلامية حسن الجوار وزيارة المريض واجبة وتفقد الجيران والسؤال عن أحوالهم وتقديم العون الممكن لهم.. من سمات المسلمين ويعجبني فكرة إنشاء مراكز الأحياء المنتشرة في مكة المكرمة وما تقدمه من خدمات مهمة لسكان الحي.

23- كيف تقضي أوقات الفراغ ؟

– أولاً في زيارة الأصدقاء والأقارب وزيارة المرضى والاجتماع بعد صلاة العصر في مجلس يضم بعض الإخوة الأعزاء الذين تعودنا على مجالستهم وبعد المغرب إلى العشاء مخصص لزيارة الوالدة- حفظها الله – وبعد العشاء ممارسة رياضة المشي في الأماكن المخصصة لذلك . وباقي الأوقات المتاحة نقضيها مع الأسرة والأبناء ومساعدة من نقدر على حل مشاكلهم لدى الشرطة والمرور ونلقى كل تعاون واهتمام من زملاء العمل بما يحقق العدل والإنصاف وفك كرب ذوي الحاجات .

24- لو عادت بكم الأيام ماذا تتمنون ؟

– الخيرة فيما اختاره الله.. وأنا في تمام الرضا بما كتبه الله لي، ولدت مسلماً وعشت في أحب بقاع الأرض إلى الله مكة المكرمة مجاوراً بيت الله .. وممن تشرف بخدمة البقاع المقدسة وخدمة الحجاج والمعتمرين وأهل مكة وأبناء الوطن الكبير لأكثر من ثلاثين سنة ووجدنا من قادتنا وحكامنا كل رعاية واهتمام ونشكرهم على إعطائنا هذه الفرصة لخدمة الدين والوطن .

25- بصراحة.. ما الذي يبكيكم في الوقت الحاضر ؟

– يبكيني ويحز في نفسي حال المسلمين والهجمة الشرسة من قوى الكفر على الإسلام وبلاد المسلمين ومحاربة الدين وانتشار التطرف والإرهاب والطائفية وكلها موجهه ضد أهل التوحيد والإسلام، “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين” ودعائي لله عز وجل أن يدفع الظالمين بالظالمين ويخرجنا من بينهم سالمين.

26- ماذا تحملون من طرائف جميلة في دواخلكم ؟

 – عندما كنت طالباً في الكلية الأمنية في القسم النهائي وكنت مسؤلاً عن السرية وبرتبة وكيل وأنا أتفقد بعض الأماكن شاهدت طالباً من المستجدين في القسم الإعدادي متسلقاً السور قاصداً الهروب وكان السور عالياً فصحت عليه وسحبته إلى داخل الكلية وهددته بالعقاب فبكى وشرح لي ظروفه وأنه لا يستطيع البقاء في الكلية واستعطفني كثيراً حتى أضحكني من تصرفاته وكلامه وكنت جدياً معه ثم سمحت له بتسلق السور مرة ثانية وساعدته وكان يدعو لي ويشكرني حتى اختفى عن ناظري وأصبح خارج سور الكلية .

27- لمن تقولون لن ننساكم ؟ ولمن تقولون ما كان العشم فيكم ؟

– لن ننساكم نقولها للجيران الطيبين ولكل من أحسن إلينا ولمعلمينا ومشايخنا وأصدقاء الطفولة وزملاء الدراسة والعمل ولرؤسائنا وقياداتنا وحكامنا وأمراءنا الذين تعاملنا معهم ووجدناهم نعم الناس وعلى رأسهم الأمير ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة الذي وجدنا منه كل عون ومساندة ومحبة لرجال الأمن والمرور – رحمه الله رحمة واسعة -،  ما كان العشم فيكم فلا أقولها لأحد؛ لأنه لا ينفع مع اللئام ..من يصنع المعروف لا يعدم جوازيه.. لا يذهب العرف بين الله والناس.

28- التسامح والعفو من الصفات الإنسانية الراقية لمن تقولون سامحونا ؟ ولمن تقولون  سامحناكم ؟

– أطلب السماح ممن أخطأٔت في حقه سواء بقصد أو بغير قصد وأطلب السماح من والداي وأعترف بأني مقصر في حقهما ولم أوفهما حقوقهما المتوجبة عليّ.

وأسأل الله أن يعينني على برهم أحياءً وأمواتاً، وأقول لجميع أهلي وأصدقائي ومعارفي ولمن عرفتهم وقصرت معهم أطلبهم السماح في الحياة قبل الموت، وأنا مسامح كل من في قلبي عليه شيء بسبب خطأ ارتكبه في حقي.

29- د. عميد محمد لكم تجربة ثرية في مجال الأمن .. نود أن نطلع على خلاصة تجربتكم ؟

– خلاصة تجربتي في مجال الأمن تتمثل في أن الأمن لدينا في المملكة يزيد قوة كل يوم عن يوم، وهناك عيون ساهرة تسهر على أمننا ونحن نائمون وآمنون في بيوتنا، وإني قد خدمت وطني في مجال الأمن المروري المكتبي والميداني والأمن الجنائي وفي بيت الله الحرام وكنت احتسب ذلك عند الله تعالى وقدمت كل ما استطعته طاعة لله وطاعة لولي الأمر بعد أن أقسمت على الولاء والإخلاص.

وأثناء عملي من الله عليّ بحصولي على درجة الماجستير في علم النفس من جامعة أم القرى بإشراف البرفسور فرج عبدالقادر طه، وحصلت أيضاً على درجة الدكتوراة في علم النفس من جامعة أسيوط ومشاركة جامعة أم القرى وبإشراف البروفسور فؤاد أبو حطب والمشرف على رسالتي البروفسور أحمد عثمان صالح طنطاوي والدكتور ثابت محمد القحطاني.

وعملت في جميع إدارات المرور، وكذلك إدارات الشرطة لمدة ثلاثين سنة وأسأل الله تعالى أن يسامحني إذا قصرت أو أخطأت وأن يستجيب لي ما نويته من جميع أعمال البر والخير في عملي ووظيفتي.

30- كلمة أخيرة في ختام لقاء ابن مكة المكرمة؟

– أشكركم لإتاحة هذه الفرصة لي؛ لأعبر عن ذكرياتي وأستعيد مواقف جميلة وأرجو أن تكون فيها فائدة لمن يطلع عليها والله ولي التوفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى