
أوضحت الكاتبة المسرحية الفنانة مريم الغامدي أن أهم الإشكالات التي كانت تقف في طريق نشوء مسرح نسائي متميز في بلادنا كانت تتمثل في تأخير إجازة نصوص الأعمال من قبل الجهات الرقابية ، فضلا على الأسباب الأخرى كندرة أماكن العرض المناسبة ، وعدم القناعة من قبل شريحة كبيرة من الناس بدور المسرح وأهميته في صناعة الوعي المجتمعي.
جاء ذلك خلال جلسة اليوم الثاني والتي جمعت كل من المسرحيين علي الغوينم ونوح الجمعان ومريم الغامدي و مساعد الزهراني ، وأدارها بشاعرية الفنان المسرحي ابراهيم الحارثي ، والتي كانت تحمل عنوان (مستقبل المسرح السعودي) وذلك ضمن فعاليات ملتقى المسرح الأول بنادي الباحة الأدبي.
من جانبه استعرض الكاتب علي الغوينم مسيرة المسرح السعودي منذ أول عرض مسرحي مدرسي بدأ عام 1947 أمام الملك عبدالعزيز رحمه الله ، مروراً بتأسيس الرائد أحمد السباعي لأول تشكيل مسرحي في مكة المكرمة عام 1960م تحت مسمى (دار قريش المسرحية) ، وليس انتهاءً بالمسارح المدرسية والحكومية المختلفة ، والتي مرّت بعدة تحولات ومحطات توقّف بسبب موجة التطرف التي عصفت بالبلاد من بعد عام 1990م ، واستطاعت أن تتجاوزها ؛ لتنطلق الحركة المسرحية خلال السنوات القليلة الماضية نحو أفق مشرع ومتفائل وفق مايتناغم مع رؤية المملكة 2030 في شتى المجالات.
وتساءل الغوينم في ختام ورقته التاريخية عن مستقبل المسرح في بلادنا بعد كل هذه الارهاصات والمكابدات في ظل مبادرات وزارة الثقافة الأخيرة و الوعود الجادة من قبل هيئة المسرح والفنون الأدائية التي أنشئت مؤخرا.
الفنان المسرحي نوح الجمعان الذي عرّج في ورقته على أثر التقنية الحديثة في العروض المسرحية ودورها في تطور الممارسة المسرحية منذ نشوء المسرح القديم حتى عصرنا الحديث الذي شهدا تطورا كبيرا في عناصر المسرح من إضاءة وصوت ومؤثرات وأزياء ، مشدداً على أن العنصر المسرحي الأبرز هو الممثل الذي يعتبر الجوهر الحقيقي للمخرج ، لافتاً إلى أن المسرح العربي مازال يعاني من التخلف التكنولوجي قياساً بما وصلت إليه التقنية المسرحية في بعض دول العالم المتقدم.
الورقة المثيرة والأخيرة كانت للفنان مساعد الزهراني الذي حكى تجربته الواقعية فيما سُمّي بالمسرح التأهيلي ، وخوضه غمار المسرح المغلق داخل سجون الطائف مع النزلاء هناك.
الزهراني أوضح أن للمسرح تأثير على المنظومة الإصلاحية لدى المجتمع ، والذي بدوره يعالج الكثير من الحالات النفسية ويقوّم السلوكيات المنحرفة ، ويبني في الوقت ذاته المهارات الفنية والفكرية للكثير من الأشخاص الذين حُكم عليهم بعقوبات جزائية بسبب جرائم أو مخالفات أرتكبوها في المجتمع.
الزهراني وكمسرحي وتربوي تشرّب منهج (علم نفس النمو) استطاع أن يختار نماذج معينة من نزلاء السجن ويدربهم على عروض مسرحية وأهازيج غنائية ، أحدثت – بحسب قوله- تغييراً في النمط السلوكي لدى السجين الذي كان لا يؤمن بقدراته ، ولايثق بمواهبه، وكان التغيير بشكل إيجابي ولافت.
يشار إلى اليوم الثلاثاء تختتم فعاليات هذا الملتقى الذي تنوّع بين الجلسات الحوارية والأوراق النقدية والعروض المسرحية على مدى ثلاثة أيام ، متنقلاً بشكل افتراضي بين كهوف جبل شدا ، وشعب صميعة بقرية القسمة مسقط رأس الشاعر حسن الزهراني رئيس النادي الأدبي بالباحة ، وبين عدة مناطق سعودية و دول عربية شارك منها مسرحيون وإعلاميون ومهتمون من خلال تطبيق ( زوم ) الذي ألّف بين قلوب عشاق أبو الفنون رغم تباعد الأجساد ونأي المسافات.

