المقالات

ذكريات عامل أصبح داعية!

في حديث الذكريات الذي تم تسجيله مؤخرًا في حلقات للأستاذ محمد بن عبد الله غنام أحد أعلام منطقة الباحة، ومن رجال إصلاح ذات البين فيها، وهو الإداري الخبير والتربوي القدير الذي تسنّم عدة مواقع قيادية في التعليم لعل إحدى محطاتها إدارته لشؤون الطلاب بالإدارة العامة للتعليم، وقبلها إدارته لمعهد المعلمين الثانوي الذي تخرّج على يديه ما يزيد عن الألف من المعلمين الذين عملوا في كافة مناطق المملكة، والجميع يكنّون له مشاعر التقدير والاحترام والإعجاب ‏بشخصيته الواعية وأساليبه التربوية الحاذقة التي طبعت اسمه وصورته في الذاكرة مصحوبة بكثير من الإعجاب، وكان دومًا مشجعًا ومحفزًا لهم حتى بعد تخرجهم ودخولهم ميدان التربية والتعليم .. إلى أن حصل بعضهم على أعلى الدرجات العلمية، وتبوأوا العديد من المواقع الإدارية الهامة في الدولة.

وما نحن بصدده ما تحدّث عنه في إحدى الحلقات ‏بكثير من المحبة والتقدير عن أحد معلميه الأوائل في المرحلة الابتدائية قبل نحو سبعين عامًا تقريبًا، وهو الشيخ عطية أبو رياح -رحمه الله- وعصاميته التي تدرّجت به من عامل بسيط في مدينة الخرج وإقباله على حلقات العلم والتعليم ومداومته عليها، ليعود بعد ذلك معلمًا نابهًا إلى قبيلته وداعية متمكنًا في منطقته حتى أصبح ‏مديرًا لإدارة التوعية والإرشاد، وإشارته إلى الأسلوب التربوي الذي كان يتّبعه في التعليم بالابتعاد بطلابه عن الإطار النظري التقليدي إلى النطاق العملي سعيًا لتحويل المعلومات المجرّدة إلى تطبيق سلوكي في حياتهم .. وهو يتنقّل بهم إلى خارج أسوار المدرسة ليعلّمهم معنى ‏السّلام وآدابه في الإسلام، والوصول إلى منازل المرضى من أهل القرى لعيادتهم والدعاء لهم، موضحًا لهم أثر الزيارة على نفس المريض، والتخفيف عنه والأجر العظيم عند الله، وتعويدهم على ذلك في حياتهم، وفي طريقهم يدرّبهم على ممارسة إماطه الأذى عن الطريق كشعبة من شعب الإيمان وأسلوب حضاري راقٍ، كما يصل بهم أحيانًا إلى الأسواق الشعبية ليقوم بعضهم ‏بإلقاء الكلمات والقصائد والمواعظ أمام الناس؛ لتعويدهم الجرأه والطلاقة ومواجهة الجمهور والابتعاد عن الخجل، وغيرها من المواقف الجيدة والهادفة. ولا شك أن تناوله لهذه الجزيئات من حياة معلمه الفاضل تعميقًا للمفاهيم التربوية لدى من يستمع إليه في إطار التحفيز والتشجيع لصنع العصامية والاستمرارية في التحصيل العلمي من منطلق الحكمة المأثورة “اطلبوا العلم من المهد إلى الحد”، والتطبيق السلوكي لما يتم اكتسابه من المعارف لتثبيت المعلومة، وترسيخ المفاهيم الصحيحة‏ لصناعة الجيل على أسس صحيحة ومرتكزات قوية، والأستاذ الغنام يميل دائمًا إلى الأسلوب الذكي في التوجيه بأسلوب غير مباشر؛ ليطبع الأثر الهدف، ويدعو للاستفادة دائمًا من التجارب الناجحة للآخرين لتحقيق الهدف حرصًا على اختصار الجهد، وتوفير الوقت وكسب المعرفة في تهيئة النجاح المطلوب الذي يخدم جميع أفراد المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى