المقالات

سيكلوجية المسنين

تعد مرحلة كبار السن إحدى مراحل النمو الأساسية التي يصاحبها العديد من التغيرات الفسيولوجية والبيولوجية والاجتماعية والنفسية، ويترتب على هذه التغيرات ظهور العديد من المشكلات التي تعوق توافق المسن مع أسرته ومجتمعه بوجه عام، وتؤثر على حالته النفسية والاجتماعية، وتعتبر فئة كبار السن من الفئات التي تزداد يومًا بعد يوم في معظم دول العالم المتقدم والنامي، ويتطلب هذا دورًا إيجابيًا من قبل الحكومات والمؤسسات لرعاية تلك الفئة والتعرف على المشكلات التي تواجههم في حياتهم، والتي تسبب لهم الاضطرابات المتعددة من أجل هدف أسمى، وهو توفير عوامل الصحة النفسية الجيدة لهم من خلال تهيئة المناخ المناسب للكبار السن، وتوفير حياة جيدة لهم، وتشخيص الاضطرابات المتعددة التي تلحق بهم، ووضع البرامج الإنمائية والوقائية والإرشادية العلاجية والترفيهية والاجتماعية ومحاولة الاستفادة من قدراتهم وإمكاناتهم بقدر الإمكان.
1- تصنيف مشكلات الشيخوخة:
فيما يلي أهم أشكال مشكلات الشيخوخة:
1) المشكلات الصحية: المرتبطة بالضعف الصحي العام والضعف الجسمي، وضعف الحواس كالسمع والبصر وضعف القوة العضلية وانحناء الظهر و جفاف الجلد وترهله والإمساك، وتصلب الشرايين والتعرض بدرجة أكبر من ذي قبل للإصابة بالمرض وعدم مقاومة الجسم.
2) المشكلات الاجتماعية:
ومن أهم أسباب حدوث المشكلات الاجتماعية للمسنين فقدان بعض الأدوار بعد تقاعدهم، وشعورهم بفقدان أهميتهم ووجاهتهم الاجتماعية.
ومن أهم مظاهر المشكلات الاجتماعية للمسنين ما يلي:
1- مشكلة فقدان المسن لبعض أدواره الاجتماعية بعد التقاعد خاصة علاقاته مع زملاء العمل.
2- مشكلة شعور المسن بالاغتراب عن المجتمع نتيجة لعدم توفر فرص مجتمعية لمشاركته في المنظمات الاجتماعية وأنشطتها التي تسهم في خدمة المجتمع الذي يعيش فيه أو المحيطين به مما ينتج عنه عزلة المسن، وشعوره بالوحدة.
3- مشكلة فقدان رعاية الأسرة نتيجة لما طرأ على المجتمع من تغيرات اجتماعية مرتبطة بتحول أغلب الأسر من أسر ممتدة إلى أسر نووية، مما يؤدي إلى حساسية المسن ورتابة حياته اليومية.
4- مشكلة سوء التوافق الاجتماعي بين المسن والبيئة التي يعيش فيها متمثلة في عجز وإخفاق المسن في حل مشكلاته اليومية إخفاقاً يزيد على ما ينتظره الآخرون منه أو ما ينتظره هو من نفسه.
5- اضطراب العلاقات الاجتماعية: وضعف العلاقات بين كبار السن وأصدقائهم وانحصارها تدريجيًا بدائرة ضيقة تكاد تقتصر على نطاق الأسرة.
6- التطرف في نقد السلوك الجيل التالي: وخاصة الأولاد و الأحفاد ونقد المعايير الاجتماعية، وهذا مظهر من مظاهر صراع الأجيال.
3) المشكلات النفسية: تصاحب مرحلة الشيخوخة الكثير من المشكلات النفسية يتركز أهمها في الخوف من المجهول والقلق، وعدم تحقيق التكيف الشخصي والاجتماعي وترتبط المشكلات النفسية للمسن بأنه يجد نفسه في حالة صدام مع من حوله من الأبناء والأحفاد وعدم طاعته مما يحز في نفسه، ويجعله عرضه للمعاناة من التوتر والشعور بالألم النفسي.
ومن أهم مظاهر المشكلات النفسية للمسنين ما يلي
1. الزهايمر أو خرف الشيخوخة: وفيه يصبح كبير السن أقل استجابة وأكثر تمركزًا حول ذاته يميل إلى تذكر وتكرار حكاية الخبرات السابقة وتضعف ذاكرته بالنسبة للحاضر بينما تظل قوية بالنسبة لخبرات الماضي, وتقل اهتماماته وميوله. ويلاحظ نقص الطعام والأرق وتقل طاقته وحيويته، ويصبح غير قادر على التوافق بسهولة ويشعر بقلة قيمته بالحياة، وهذا يؤدي إلى اكتئاب وتهيجيه وسرعة الاستثارة والعناد والنكوص إلى حالة الاعتماد على الغير.
2. الشعور الذاتي بعدم القيمة وعدم الجدوى بالحياة: والشعور بأن الآخرين لا يقبلونه ولا يرغبون بوجوده وما يصاحب ذلك من ضيق وتوتر وقد يقدم بعضهم على الانتحار.
3. الشعور بالعزلة والوحدة النفسية: ويزيد من هذا الشعور لدى كبار السن عند زواج الأولاد وانشغالهم كل في حاله وعالمه الخاص، موت الزوج، وقدم العمر وضعف الجسم والمرض أحيانا مما يقلل دائرة الاتصال الاجتماعي. وقد تقتصر العلاقات الاجتماعية على الأولاد وحفدته وأسباطه.
4. مشكلة الاكتئاب : وذلك نتيجة لزيادة الضغوط التي تعجل بحدوث اضطرابات الاكتئاب.
5. مشكلة القلق نتيجة خوف المسن من المستقبل والمبالغة في التفكير فيه ومقارنة مستقبله بمن حوله من الناس، وعجزه من مجاراتهم مما يؤدي إلى تراجعه في كل ما يقوم به من أنشطة ويسبب قلقا وضيقا.
4) المشكلات الاقتصادية: يؤثر كبر السن على الحالة الاقتصادية للمسن حيث يفقد عمله في أغلب الأحيان نتيجة وصوله لسن التقاعد، وبالتالي يقل دخله مع زيادة احتياجاته، وزيادة الأسعار في نفس الوقت؛ مما يؤدي إلى وجود مشكلات اقتصادية تواجه غالبية هؤلاء المسنين.
ومن أهم مظاهر المشكلات الاقتصادية ما يلي :
1. مشكلة نقصان دخل المسن: نتيجة فقده لعمله أو تقاعده خاصة إذا كان يعمل في أعمال حكومية، أو من يعمل في مهن حرة أو حرفية فإن تقدمه في السن قد يحول دون تمكنه من ممارسة العمل بنفس القدر الذي كان يمارس به قبل كبر سنه، مما يؤدي إلى نقص الدخل وانخفاض مستوى المعيشة.
2. مشكلة زيادة تكاليف حياة المسن واحتياجاته إلى مصروفات إضافية في تلك المرحلة العمرية نتيجة احتياجه إلى العلاج أو نمط معين من التغذية مما يمثل عبئًا اقتصاديًا إضافيًا على المسن وأسرته.
3. قصور التنظيمات والتشريعات التأمينية عن ضمان حياة ملائمة وكريمة للمتقاعدين في كثير من الدول نظرًا لانخفاض قيمة هذه المعاشات- إذا وجدت – أو عدم استفادة الكثير من المسنين منها في أحيان كثيرة.
4. رفض سوق العمل المعاصر والمستحدث تشغيل كبار السن بل ومحاولة إحالة العاملين إلى التقاعد إجباريًا، وعدم رغبة أصحاب الأعمال في تشغيل المسنين, مما يقلل فرص عمل المسن وعدم قدرته على تحسين دخله ورفع مستوى معيشته.
5. مشكلة تنصل بعض الأبناء من مسئولياتهم تجاه رعاية آبائهم اقتصاديًا، مما يمثل مشكلة بالنسبة للآباء كبار السن خاصة في حالة عدم وجود مصدر دخل ثابت.
6) مشكلة التقاعد: وتعتبر على رأس المشكلات التي يجب وضعها في الحسبان. فعندما يحل وقت التقاعد وما يصاحبه من زيادة الفراغ ونقص الدخل يشعر الفرد في أعماق نفسه بالقلق على حاضره و الخوف من مستقبله مما قد يؤدي إلى الانهيار العصبي وخاصة إذا فرضت عليه حياته الجديدة بعد التقاعد الفجائي أسلوبًا جديدًا من السلوك لم تألفه من قبل، ولا يجد في نفسه المرونة الكافية لسرعة التوافق معه خاصة إذا لم يتهيأ لهذا التغير؛ وخاصة إذا شعر وأشعره الناس أنه قد أصبح لا فائدة منه بعد أن كان يظن أنه ملء السمع والبصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com