أخبار العالمتحقيقات وتقارير

“نجع عون” القرية اليتيمة التي تحدت ضعف الإمكانات وحققت تنمية نموذجية

هنا الفطر والحرير والمشغولات اليدوية وصناعة الإكسسوارات والفسيفساء

 

 

القاهرة _ محمد بربر

“مصر بتحب الإيد الشغالة والناس هنا متجمعين علشان يشتغلوا ويشتغلوا وبس”، ناس من بلدي في قرية صغيرة قرروا رفع شعار “العمل أولا لخدمة المجتمع”، نجحوا في ابتكار وإنتاج الكثير من المصنوعات، أفكار وليدة تتحقق على أرض الواقع بفضل جهدهم وإخلاصهم، في “نجع عون” التي تقع بين الاسكندرية والبحيرة حيث يعيش الأهالي الذين لم ينتظروا وظائف الحكومة لكنهم أنتجوا الفطر والحرير والمشغولات اليدوية والخضروات والفواكه وصناعة الإكسسوارات والفسيفساء.

مشروعات طوق النجاة

مشروعات صغيرة لكنها كانت طوق النجاة وانطلاقة العمل الحقيقي ليصبح لديهم مشغل للخياطة والتريكو والإكسسوارات والحرير بعد استيراد دودة القز، كما أقدموا على زراعة الأسطح واهتموا بفطر عيش الغراب والزراعة العضوية داخل صوبات قبل أن يصبح لديهم مشروع تسمين الدواجن.

في وقت سابق كان يُطلق على هذا المكان اسم “القرية اليتيمة” نظرًا لوقوعها بين محافظتين بعيدًا عن صناع القرار، وتعاني القرية من انعدام الخدمات نظرا لتبعيتها إداريا لمحافظة البحيرة مركز كفر الدوار، فى حين تقع جغرافيا فى نطاق محافظة الإسكندرية، تلك الحيرة الإدارية بين المحافظتين كان لها أكبر الأثر على القرية لكن الأهالي تجمعوا وقرروا أن يعوضوا ما فاتهم من خدمات من خلال المشاركة المجتمعية، بحسب ما يوضح، وليد رأفت، من العاملين بالمدرسة الحرفية التي جرى تدشينها وتضم ورشة لصناعة السجاد اليدوي إلى جانب أخرى للنجارة وكذلك الحدادة وتهدف إلى جذب الأطفال المتسربين من التعليم لإفادتهم.

يقول رجب عوض، من أهالي القرية، إن هناك الكثير من البيوت كانت دون أسقف فضلا عن عدم وجود صرف لكن جرى العمل على تحسين المعيشة الآدمية بالتعاون مع عدد من الجمعيات التنموية إلى جانب تشغيل الأطفال والشباب في مشروعات عديدة لتجاوز خط الفقر، من خلال تربية الدجاج والبط والزراعة العضوية على الأسطح وتحقق هذه المزروعات الاكتفاء الذاتي للقرية.

مركز خدمي لحرف مختلفة

ويضم المركز الخدمى بالقرية عددًا من المشروعات وتهدف إلى توفير مصدر دخل لتمويل مشروعات الأسر المنتجة فضلا عن دعم الأسر الفقيرة منها الورش التي تعمل في الخياطة وكذلك تفريخ الدواجن وزراعة الأسطح وفرن للخبز، كما يهدف إلى تدريب الشباب للعمل على الماكينات المتخصصة في صناعة الملابس.

وفي القرية، يوضح خالد جويدة المشرف على مشروع إنتاج الحرير من دود القز آليات الإنتاج، لافتًا إلى شراء علبة بيض دود القز بـ 250 جنيها وتضم حوالى 20 ألف بيضة، ينفق منها حوالى 6 آلاف ويعيش 14 ألف دودة يجري تغذيتها على ورق أشجار التوت الموجود فى القرية قبل وضعها فى مكان به تهوية جيدة، ويتابع خديثه “نحصل على الشرانق ثم نرسلها إلى القاهرة لحل الحرير ونعيدها لنصنع منها السجاد واشترينا ماكينة لحل الحرير”.

تدريب الشباب على صناعة الملابس

وقبل أربعة أعوام، قامت إحدى الجمعيات الخيرية بتوفير المساعدة لها إلا أن الاهالى رفضوا هذه المساعدات وطالبوهم بالمساعدة فى إنشاء مشروع تنموى يخدم القرية. وبدأ المركز بشراء ثلاث ماكينات خياطة وتم تدريب عدد من سيدات وشباب القرية، ومن ثم تعاقد المركز مع مصانع بالإسكندرية، حيث يقوم العاملون بإنهاء قطع الملابس التى تنتجها المصانع وخدمتها.

إلى جانب العمل مع مصانع الملابس لتوفير الدخل للعاملين على ماكينات الخياطة ودخل أيضًا لإقامة باقى المشروعات وصيانة الماكينات، يتم من خلال الماكينات تفصيل أغطية يتم توزيعها على الأسر الفقيرة لتقيهم البرد إلى جانب بيع جزء منها للقرى المجاورة لتوفير دخل للمشروع.

قام الأهالي بتركيب معدية لكي تعبر بهم إلى الإسكندرية بسهولة وفي وقت قصير، فالناس أغلبهم كانوا عاطلين عن العمل، ولكي يعملوا باليومية في الإسكندرية أو في البحيرة فعليهم السير 5 كيلو متر يوميا مع كل صباح، لن يستطيعوا توفير مصاريف المواصلات يوميا، ولن يبقى في المرتب شيء، على حد تعبير رجب عوض، ويتابع أن “كل شخص حصل على وظيفة في خارج النجع تركها، حتى أنا تركت وظيفتي، لأننا كنا نصل متأخرين عن العمل، فكان يخصم لنا اليوم، حتى تركنا العمل”.

وتعمل الفتيات في ورشة الكروشيه بعد أن تسربن من التعليم وإنتاج الورشة يجري تسويقه فى معارض الأسر المنتجة بالإضافة إلى المعارض التى تنظمها مراكز الشباب.

وتعد قرية نجع عون إحدى القرى الزراعية الحديثة نسبيا، ويعود تأسيسها إلى أربعينات القرن الماضى، كانت فى السابق “ملاحة” قبل أن يقوم الأهالى بتجفيفها والبناء عليها، ثم استصلاح الأرض البور وتحويلها إلى أراض زراعية تعتمد فى الرى على مياه الصرف الزراعى، ورغم أن عدد سكانها تجاوز ٥ آلاف نسمة إلا أن بطاقاتهم الشخصية لا يدون فيها العنوان نظرا لعدم اعتراف الجهات الحكومية بوجود القرية، كما أن جميع الأراضى غير مسجلة، فجميع أهلها تابعون لمركز العامرية بالإسكندرية، أو مركز كفر الدوار التابع لمحافظة البحيرة.

وهناك أكثر من 80 قرية ما زالت حائرة بين محافظات الإسكندرية والبحيرة ومطروح، بعد أن تم نقل تبعية هذه القرى للإسكندرية ومطروح على مدى سنوات القرن الماضي، وهذه القرى على الحدود بين تلك المحافظات من بينها أكثر من 13 قرية، منها قرى بنجر السكر غرب الإسكندرية، وأبيس شرق المدينة، والعزة بالطريق الصحراوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى