
حلقنا تحت ظلال قصص الأديبة الدكتورة سونيا مالكي؛ حيث تقلبنا بين الواقع والخيال، الماضي والحاضر. بلغة سلسة وجذابة، وأسلوب سهل ممتنع، فيه عبق الأصالة والتأثر بأسلوب القرآن الكريم، كما في قصة “ولادة”، وقصة “إسقاط”، وقصة “وقع في غيابة الجبّ”.
تنوعت مواضيع القصص، ودارت حول مشكلات اجتماعية، ودروس وعبر، ونماذج مختلفة من الشخصيات، تجلى فيها الإبداع في اختيار الصور والكلمات، والإبداع في خلق الدهشة في النهايات، وفي خلق عالم واقعي ينبض بالحياة والإنسانية، ظهر ذلك في تجسيد الشخصيات بشكل دقيق وأسلوب أنيق وجمل رشيقة، تتنقل مثل الفراشات من فكرة إلى أخرى، ومن صورة إلى غيرها، وفي فانتازيا “عوالم الكتب الخفية” في قصة “أصوات” تدهشك “قفلات” القصص، ثم صورة الترابط الأسري ودفء البر بالأم “أنشودة أمي”.
ويظهر تمكن القاصَة السردي في القصص القصيرة جدًا التي تحكي تاريخًا طويلًا وأفكارًا معاصرة، ودروسًا أخلاقية مكثفة في كلمات مقتضبة.
وكان تصوير الكاتبة للشخصيات النسائية متنوّعًا؛ فهي إما فتاة مقهورة في أغلال التسلط الذكوري (ص ١٦)، والأنثى الضعيفة ضحية الرجل (١٨)، وغالبًا ما نرى امرأة معنفة سواء زوجة أو ابنة، وزوج مستبد.
وفي قصة “رحيل” أدهشت البطلة القراء بنهاية غير متوقعة حيث طغت صورة المرأة القوية، فيكفي النساء ضعفًا واستسلامًا (٢٨)، ولعل الكاتبة هنا استشرفت الواقع الزاهر المعاصر، والتطور الذي طرأ على واقع المرأة وما توصلت إليه من تمكين وإنجاز.
لدى القاصة قدرة على استخدام الأساليب الأدبية لتجسيد المشاعر والتفاصيل؛ بعض القصص أتاحت للقارئ مجالًا رحبًا للتحليل النفسي للشخصية عندما أبدعت في ذكر تفاصيل دقيقة للحالة النفسية للشخصية، مثل قصص “ظل” و”كذب” و”نحيب”.
وبشكل عام، تعتبر هذه المجموعة القصصية إنجازًا رائعًا للكاتبة سونيا مالكي.
د. عفت جميل خوقير
أستاذ الأدب الإنجليزي
جامعة أم القرى