المقالات

جاهزية القيادة للمستقبل

تطور مفهوم القيادة عبر العقود الماضية؛ حيث اتفق غالبية علماء القيادة على تعريف القيادة بأنها القدرة على التأثير في الفريق؛ لتحقيق أهداف مشتركة؛ وعليه تميز دور القائد وفق هذا التعريف بالتأثير على الفريق بواسطة العديد من الأدوات التي تواجه الفريق لتحقيق أهداف مشتركة تحقق التميُّز للمنظمة بالتعاون وحسن قيادة الفريق، ووضع الخطط الاستراتيجية والتشغيلية التي يشترك الفريق في وضعها، ويسعى الجميع لتحقيقها.
إن القيادة الفاعلة هي التي تستطيع التأثير على الفريق وتوجيهه نحو أهداف المنظمة وتميزها واستشراف المستقبل، واختيار القيادات التي تستطيع بث روح التنافس بين أعضاء المنظمة في سبيل دفع الأفراد؛ لبذل قُصارى جهدهم وتوظيف قدراتهم وإمكاناتهم في سبيل خدمة المنظمة وتحقيق أهدافها، وهذا لا يتحقق إلا من خلال قائد يعرف أهدافه وتوجهات المنظمة وخططها الاستراتيجية، والقدرة التنافسية في السوق التي تجعلها تتميز في خدماتها ومنتجاتها.
إن التطورات التقنية والرقمية وأسلوب العمل وإدارة العمليات وفهم العميل وتحقيق متطلباته المتغيرة والمتسارعة كل ذلك يتطلب أن يكون هناك أدوارٌ جديدة للقائد تتمثل -على سبيل المثال وليس الحصر- في استشراف المستقبل بمعطياته من خلال الدراسات التنبؤية والسيناريوهات المرتقبة لفهم تلك التغيرات، ومراعاتها عند وضع الخطط.
وهذا يتطلب كذلك وجود القيادة الإبداعية التي تستثمر قدرات وإبداعات الفريق من خلال العصف الذهني، وتطوير قدراته وتدريبه على حل المشكلات التي تواجه المنظمة بأسلوب علمي يضمن الجودة، ويحقق التميز المؤسسي.
وفي ظل التغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتحول الرقمي نحو الحياة المستقبلية، تتدخل التقنية في جميع تفاصيل الحياة؛ لتسهيل وتيسير أمور الحياة على الإنسان، ويقتضي ذلك أن يكون لدى القائد القدرة على التغيير والتطوير والتحسين لمواجهة هذه التغيرات، والتكيف مع عالم سريع التطور، ويموج بالكثير من التحولات والتغيرات الجديدة من خلال الأدوات التقنية وتطبيقاتها، ومعرفه أفضل الطرق في استثمار البحث العلمي والطاقات البشرية ووسائل تحفيزها وتدريبها وتطويرها للتعامل مع كل جديد، والنظر بصورة كلية للمنظمة، ووضع الخطط الاستراتيجية والمبادرات التي تجعل لدى المنظمة القدرة على التغيير، وهذا يتطلب من القائد الوعي بقيادة التغيير ومتطلباته وأدواته.
ونتيجة لهذه التغيرات؛ يتوجب على القائد أن يمتلك القدرة على التحلي بمجموعة من السمات التي من أبرزها الثقة التي يتولد من خلالها التفويض واتخاذ القرارات والكفاءة الشخصية والمهنية، وأن يتمتع بذكاء وجداني واجتماعي يستطيع من خلاله أن يدير الحديث، ويوجهه نحو أهدافه التي يسعى لتحقيقها.
إن مما يؤكد أهمية معرفة الأدوار المستقبلية للقائد في ظل تلك التغيُّرات الجديدة في جميع مجالات الحياة وأنظمة العمل وإدارتها، امتلاكه لكثير من المهارات التي يسخرها لمواجهة ذلك التطور، ومواكبة المتغيرات كاتخاذ القرار، ومهارات التواصل، وأسلوب حل المشكلات، وإدارة الصراع وتوجيهه لما يخدم المنظمة وأهدافها، وأن يكون لدى القائد مهارة قياس الأداء من خلال معايير مصنفة، ومؤشرات محددة؛ لمعرفة مدى النجاح الذي تحقق، ومعالجة جوانب الضعف، وتعزيز جوانب القوة.
إن استشراف المستقبل ضرورة وليس خيارًا في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما صاحبها من تحولات في جميع المجالات.
فهل أصبح استشراف المستقبل ضرورةً؟!
نعم، والدليل على ذلك ما قام به سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء من تبني من رؤية ٢٠٣٠؛ حيث استشعر بوعيه التحولات التي يمر بها العالم، واحتياجاته المستقبلية، فسبق العصر في التحول نحو الاقتصاد المعرفي، وتنمية رأس المال البشري وتطويره، وجودة الحياة في ظل أهداف الرؤية لخلق مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.
فاستشراف المستقبل ضرورة على مستوى الأفراد والدول والمنظمات؛ حتى تستطيع التنبؤ من خلال الدراسات بالخدمات والمنتجات التي تخدم هذا الجيل والمبادرة في تحقيقها.
ويُعدُّ التعليم هو البوابة الرئيسة لصناعة المستقبل المليء بالإنجازات، من خلال برامجه التي تركز على مهارات القرن الحادي والعشرين، وتشجيع المبادرات التي تسهم في تحقيق النمو الاقتصادي، وأن يكون الإنسان مسهمًا في تنمية المجتمع، ومشاركًا في تحقيق النمو الاقتصادي المطلوب، واستثمار رأس المال البشري.
إن جاهزية القيادة للمستقبل تعني:
إدارة التغيير والتطوير والتحسين باستمرار.
إدارة الفرص.
إدارة التحديات.
إدارة الموارد البشرية وتطويرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com