الثقافية

هناك حيث الغموض.. واللغة.. والصور المبهرة قراءة في رواية (همهمة المحار).. لـ/ صباح فارسي

لا اخفيكم سراً… كلما قرأت شدزة تداعت لي بعض الأفكار الكتابية كمداخل أولية – أو عناوين فرعية، أو رؤوس أقلام تذكيرية.
وفي كل صفحة من الرواية لي ملحوظة أو تساؤل أو استفسار…
ملأت النسخة التي بين يدي بالخطوط حتى وصلت آخر صفحة صـ215 – فوجدت كلمة (تَمّتْ) بين (- -) شرطتين.. وهنا وجدت نقطة البداية لهذه المداخلة!!
فاسمحوا لي: أن أحكي لكم قصة ثقافية/ نقدية تتعلق بهذه (الكلمة) المفتاحيّة لي كناقد والختامية لـ صباح/ الروائية,
لا أدري مرت على أكثركم… أقلكم… بعضكم… أظن أن الشدوي ومن في سنه يذكرها .. ولابأس من التذكير بها. نحن نتحدث عن ماضٍ قديم.
كتب أحد الشعراء قصيدته الحداثية ونشرها في إحدى الصحف المحلية وكان في نهايتها كلمة (تمت) اعتمد عليها الناقد/ الدكتور عبدالله الغذامي وجعلها (بنية) دالة وعميقة تضيء جوانب النص الشعري، وقدم قراءة نقدية تشريجية/ بنيوية/ تفكيكية,,. مستثمراً هذه الكلمة وقدرة الشاعر على الإتيان بشيء جديد وإبداع لا خلاف عليه وأن فيها جماليات شعريه وتناصات داخل النص الشعري وتشظيات داخل الجمل الشعرية.
في اليوم التالي خرج الشاعر ليقول إن هذه الكلمة ليست من النص/ وليست من القصيدة وإنما كتبها الصحفي كإشارة للمطبعة ليس إلا..
فأسقط في بد الناقد الذي بدأ يبرر ويبحث عن مخارج تبريرية حديثة/ بنيوية وتشريحية وأن الناقد لايعرف الا النَّص الذي يراه أمامه بكل مكوناته.. فالنص النص وليس الشخص..
ومع ذلك لم يسلم الناقد الغذامي من التندُّر والسخرية بهذه الفذلكات النقدية؟!
من هذه النقطة سأنطلق إلى الرواية التي نحن بصددها، واسمحوا لي أن أطبق المقولة النقدية موت المؤلف.. ودلالاتها النقدية.
سأنحي جابناً صباح فارسي، وسأتعامل مع النص الذي أمامي المجنس كتابياً وأدبياً بأنه (رواية)!! وسأبدأ من آخر صفحة 215..
هنا نجد كلمة – تمت – بين شرطتين وأنا متأكد أنها من المؤلف وليست من المطبعة..
ونجد: (صباح فارسي) المملكة العربية السعودية / جدة / 2023م، وإذا قرأنا الغلاف الخلفي وجدنا (صباح فارسي) في آخر التعريف بالرواية.. وإذا قرأنا الغلاف الأول وجدنا (صباح فارسي) باللون الأبيض على خلفية سوداوية.. ثم نفتح أول الصفحات فنجد (صباح فارسي) تحت العنوان الفرعي ثم نجدها في صفحة الردمك والفسح الإعلامي، وكذلك في صفحة العنوان الرئيسي.. لكنها في الإهداء تكتفي بـ(صباح)!!
ونجدها أخيراً على الصفحة 216 في (في سطور) (صباح حمزة فارسي)، إن هذا الإصرار على وضع الاسم وتكراره (8 ثمان) مرات تقريباً يعطيني كناقد دلاله على إثبات الوجود، وتأكيد الحق الكتابي والتأليفي والشعور بالذات والاحتفاء بالإنجاز والثقة العالية بالنفس!! وهذا من حق المؤلفة لا شك ولا ريب!!
* مع العتبات والنصوص الموازية:
أمامي عتبة الغلاف الأولي والخلفي: اللون ودلالاته.. صورة المحارة كلمة العنوان (همهمة المحار) ودلالات هذه الكلمة الثنائية واسم المؤلفة وجنس المكتوب، وفي الغلاف أيقونة الدار الناشرة وشعارها بالخط الديواني في حرف واحد (تـــــــث) يضم حرفين التاء والثاء أو التاء والشين!!
والذي يهمني هنا كلمة (همهمة) التي تعني: الكلام الخفي غير المبين، الغمغمة، الغموض، الصوت المتردد في الصدر ولا يخرج للعلن. والكلام الذي لا مغزى له ولا يفهم معناه!! أو الأصوات التي لا تدل على شيء! وإضافة هذه الكلمة لـ (المحار) فيها من (السريالية) الشيء الكثير!! فالمحار نوع من الحيوانات الصدفية البحرية وأحد ثمار البحر الشهية وله قيمة غذائية..
ولعل ارتباطها بالصدف وعيشها فيها وانتقالها بحرياً معها وبها فيه شيء من الغموض والغمغمة والأشياء المبهمة، ولذلك جاءت التركيبة العنوانية/ العتباتية.
وكناقد/ أتساءل: الرواية كلها ضوضاء وعلاقات وصخب الدانة – لوس أنجلوس – الأبطال والشخصيات – عوالم من الفوضى والصوت المسموع فأين (الهمهمة) وأين الصوت المخنوق في الصدور؟!
وفي عتبه الإهداء نجد النص الموازي الممتلئ لغة وجمالاً:
سادة الظل
القادمين من رحم الحرمان
الحالمين بالخروج من فخاخ الحياة
أنا مثلكم تائهة.. أفتقد بوصلة النجاة
قصيدة نثر، لغة شاعرية، مفاتيح دلالية لما يمكن أن نجده في كامل الرواية.
وفي العتبة الثالثة (تصدير) نجد التناص مع ابن الرومي جلال الدين المفكر الإسلامي والفيلسوف المتصوف (الفارسي) أصلاً التركي موطناً. (سلطان العارفين).
ومن اختيارها هذه الجملة التقريرية الدالة على الفكر والتعالق المعرفي مع مثل هذه القامات التنويرية/ يقول جلال الدين الرومي:
” أعلم أن كل نفس ذائقة الموت…
ولكن ليست كل نفس ذائقة الحياة ”
لاحظوا ثنائية الموت والحياة وتجلياتها داخل الرواية؛
والعتبة الموازية… العنوانية الأخيرة التي تلفت انتباه القارئ الناقد، هي عنوان كل محور أو فصل إذ اختارت الروائية كلمة (شذرة) و(الشذرة) هي من أنواع الكتابة الفلسفية التعبيرية القصيرة.. هي نص تعبيري يحتوي على أكبر عدد من (الأفكار) في أقل عدد من (الألفاظ).
نحن أمام فن كتابي جديد معاصر مع طروحات الأدب السيبراني الرقمي ورسائل الجوال محدودة الكلمات (التويترية) والـ (ق.ق.ج) محدودة الألفاظ قليلة الأسطر مكثفة الفكرة والعبارة.
و(الشذرة) هي اللؤلؤة الصغيرة..
وبما أن الرواية تسير في فلك (المحار) و(البحار) فهي دالة على اللآلئ الصغيرة. وفعلاً نجد فصول ومحاور الرواية (شذرات قصيرة دالة ومكثفة، وقد كتبتُ في إحدى الصفحات وأنا أقرأ الرواية: هذه قصص قصيرة نظمت في خيط واحد لتصبح رواية/ شذرات اسمها وطبيعتها ولكن موضوعها واحد/ رواية.
باختصار هذه العتبات النصِّية أو النُّصوص الموازية هي مفاتيح دالة وكاشفه لعالم الرواية الذي سندخل إليه حالاً.
ويضاف إلى هذه العتبات النصِّية والنصوص الموازية، تلك العبارات المفاتيح/ في أول كل شذرة وهي نصوص لغوية بامتياز، وكلمات شاعريه باذخة، ورسائل تضمينية/ تعبيرية داله ومهيمنة على الشذرات، وتحتاج لوحدها قراءة نقدية خاصه، ولعل أحداً يحاول أن يقف على بعضها تحليلاً وتأويلاً.
* مع جماليات الوصف والتصوير:
من أبرز وسائل السرد القصصي والروائي، هو فن (الوصف والتصوير) وهو أحد أهم الفنون الخاصة بالاتصال اللغوي، ولابد للقاص والروائي السارد عموماً امتلاك هذه المهارة لتقريب المشاهد ذهنياً، وتقديم الشخصيات، والتعريف بالأماكن، والتعبير عن المشاعر والانفعالات باللغة الإبداعية/ الشاعرية التي توصل المعنى عبر المحسنات اللفظية والأساليب البلاغية، التصورات الخيالية. وبذلك تصل الرسالة والمضمون والمقصدية من القاص/ الروائي إلى القارئ/ المتلقي.
و(الوصف والتصوير) يحتاجه السارد لثلاث مهمات رئيسية في الإبداع السردي:
– لإبطاء الزمن السردي.
– لإعطاء صورة ذهنية توضح الأمور.
– لردم الفجوة السردية في النص.
وهنا أعتقد أن الرواية/ والراوية قد أبدعت في هذا المجال فرسمت الملامح، وفتقت الأيقونات الجمالية، وامتلكت المهارة اللغوية والتشكيلية والفنية، وذلك في لغة شاعرية واصفة مذهلة وفي هذه الجماليات الوصفية تحقق ما يسمى بردم الفجوة السردية فهذا وصف للزمن ووصف للمكان، ووصف للشخوص، ووصف للكائنات المجازية/ الفانتازية مما يؤكد ما يسمية النقاد:
– الوصف الكنولوجي لوصف الزمن.
– الوصف الطبغرافي ​لوصف المكان والشواهد,.
– الوصف البروزغرافي​لوصف الشخصيات.
– الوصف اليوطوبي لوصف الكائنات والشواهد الفانتازية/ الخيالية.
وهذه بعض النماذج التي تبين الجماليات في هذه الرواية:
* ” في مجلس الدانة تمتد أيدي الرجال للسلام، وتخفي الصدور ما في النوايا، تظهر الوجوه الاستسلام، وتضمر اللعنات…. يحصون الأسماء فرداً فرداً وتساورهم الأمنيات بموت بعضهم… يكيلون الشتائم في الخفاء ثم يظهرون التسامح نفاقاً لا حقيقة..” صـ 40 الشذرة الخامسة.
نلاحظ هنا لغة الثنائيات والمتضادات في تصوير بديع يجعل القارئ كأنه يرى هؤلاء الناس في مجالسهم ويقرأ مشاعرهم الحقيقية والضمنية!!
* ” بدا وجه خضر كما عرفته دوماً شامخ الجبهة ذا أنفة، عزيزاً لا يرضخ، بالرغم من قلة ذات اليد، له فم رقيق يشبه آلة موسيقية، يبدي أسناناً ثلجية ببشرة حنطية تزيد وسامته، بملامح واضحة، بسمرة فاتنة، بجبروت حضوره، وبغموضه الشاهق، باتزانه الرجولي وشروده الطاغي…” صـ 58 الشذرة السابعة”.
نلاحظ هنا صورة فوتوغرافية لـ (خضر) في عيون (درة) ترسمها الروائية صباح بلغتها الآسرة، وكأنني أرى خضر رأي العين المجردة كأحد أبناء حارتنا ورجال مدينتنا!!
* ” ذات مساء حالك كعمري رغم اكتمال البدرـ انتظرت طويلا ولكن سيدة القمر لم تأت، سجَنَت القمر، أَطفَأت عين الشمس، بعثَرَت الورد، دَاسَت شعيرات الروح، مشت حافية القدمين، هزئت بنوحي، غرست بذور المودة ونسيت أن تسقيها، غنت أجمل الألحان…” صـ 188 الشذرة الخامسة والعشرون,
من هذه المقتبسات التصويرية/ الوصفية نلمس جماليات اللغة وجمالية الأسلوب، والصور الملموسة فعلاً.
وفي هذا السياق الجمالي تفتنك كقارئ وناقد هذه اللغة الشاعرية التي نجدها في كثير من الشذرات وكأنها قصيدة نثر.. فالروائية صباح شاعرة ولها مجموعة دواوين منها:
توسَّد روحي صدر عام 1437هـ/2016م.
شغف قلبي صدر عام 2014م.
شائك كأغنية 2022م.
وشوشة 2014م.
ومن هذه الجماليات اللغوية/ الشعرية نقتطف ما يلي:
” ستعلم يقيناً أنك تحتاج للأنثى.. الأنوثة سحر إلهي وضع في الجنة وعلى الأرض.. هي ماء القلوب .. في غيابهن أرواحنا تكابد العطش/ هن الماء الزلال.. والعطش إليهن قاتل.. قاتل” صـ 75 الشذرة التاسعة.
* ” الدقائق في البحر قصيدة موسيقية غامضة… يستمعون إليها بجل مشاعرهم.. يذوبون في ذرات الماء، يمارسون غرقاً من نوع آخر لدواخلهم.. البحر يطهرهم من شهوة الهواء والالتقاء بالسماء، يحبسهم في ثنايا عطفه خفافاً من ثقل الحياة “.
* ” رسائل الحب تطوق عنقها بالفرح/ وتشيد حول مرجها قصور السعادة ماذا لو أن الرسائل طُعْمٌ سام يبثه المحب في مضغة القلب/ ماذا لو أنه لبلاب عشوائي يتسلق جدران القلب/ .. لا يوجد ترياق لِسُمِّ المحبين ” صـ ـ164 الشذرة الثانية والعشرون.
* توجني حضورك اليوم بالنشوة/ سكنتني ضحكتك من لحظتها/ تحولت شراييني إلى جداول عشق/ أنت دمعتي/ أنت عذوبة الشهد في فرحي، سوف أخبئك في داخلي لأنبض بك/ يا عيداً لن يأتي مرتين…” صـ 139 الشذرة الثامنة عشر.
هذه اللغة الشاعرية وهذه الصور الشعرية، وهذه المفردات تجعل من الروائية صاحبة موهبة إبداعية تشكل الحروف والمعاني وتدوزن المفردات بكل جمال واحترافية.
من الزمكنة والأنسنة إلى التمثيل والأسطرة:
هنا سنتحدث عن أبرز العناصر والمكونات التي تشكل بنية الرواية المتميزة.. فالمكان والزمان من أهم العناصر.. والبطولة والشخصيات لا تقوم الرواية المميزة إلا بها، والموضوع والحبكة أُسٌّ رئيس في الرواية ثم تأتي طريقة السرد واللغة الناضجة المشوقة عبر ما نسميه الخيال والأسطرة!!
بهذه المكونات تدخل (الرواية) إلى عالمها التجنيسي كرواية تستحق القراءة والتلقي والنقد المضيء!!
في رواية (همهمة) يتجلى (المكان) منذ الاستهلال (صـ 9) الدانة مكان داخلي متخيل/ جزيرة السحر والحب، أرض الهبات واللَّعنات قوقعة كبرى تنزلت، وتصنفها الرواية صدرها صخري، ورمالها بيضاء، وشاطئها حائر.
الدانة: ذات الشبابيك الخشبية، يعيش فيها البحارة وبيوتهم بسيطة يعملون في الغوص، أزقة ضيقة، بيوتها من الطين، أسوارها متهالكة، دورها مهجورة.
(الحي التليد) مكان آخر فرعي داخل المكان الرئيس، رجالها حاصرتهم الفاقة، نساؤها يتمردن ويرضخن لثوابت هذا المكان!!
(طائر الفلامنجو) يعيش فيها، الهررة (القطط) (العصافير) (أشجار النخيل)!!
الدانة: أزقة ضيقة، دور مهجورة للأثرياء، بيوت اللبن والطين للفقراء، ساحة واسعة، بقالة وحيدة، تنور للخبز.
أبواب البيوت تشبه بوابات السجون لها مرازيب صلدة.
* الحالة الاجتماعية للمدينة وسكانها:
أثرياء يأكلون اللحم والمرق والسمك.
صيادين على باب الله.
فقراء لا يجدون القوت لأسابيع وأيام.
هذا (المكان) يلتقي فيه الخيال مع الواقع، والأسطورة مع الحقيقة، من خلال تلك الوصوف الدالة والمشيرة إلى مكان (ما) بتميزات (ما) تكشف عن كل ذلك مجريات الرواية.
كما نجد (المكان) التفصيلي والدور والساكنين وكل تلك التفاصيل المكانية تعطينا دلالة على قدرة الروائية على اختلاق الأماكن بين المنغلقة والمفتوحة، والأماكن السردية/ الخيالية/ والحقيقية/ الواقعية!!
ثم تنتقل بنا الرواية الى مكان خارجي إلى أمربكا حيث لوس أنجلوس مكان واقعي ومعروف وتصفها بأنها:
مدينة الأضواء.
مدينة الزيف (صـ 20).
وتصفها أخيراً بأنها ذات بهجة وزخرفة، رائحة دخان الحشيش وتبغ الماريجوانا (صـ213).
هذا هو (المكان) في الرواية بتشظي بين الداخل (الدانة) والخارج (لوس أنجلوس) وبينها تدور أحداث الرواية وتشكلاتها الموضوعية,
أما الزمن: فلم أجد له إشارات أو دلالات واضحة، ولكن (الرواية) تأخذنا إلى أزمنة متعددة/ مراوغة ولكن يبرز الزمن الماضوي.. والزمن الآتي/ الحاضر والزمن المستقبلي.
هناك زمن نهاري…. وزمن ليلي.. (الضحى، النهار، الليل) بزوغ الفجر، رتابة العصر، وهناك زمن الشهور والسنوات.
وهناك زمن (الدانة وبدايتها) وهناك زمن (الواتس – الانستجرام) – صور (السلفي السناب)!!
الجوالات الذكية وهذا أسميه (الزمن الرقمي)…
هناك زمن (طلال مداح) وأغنياته القديمة.
هناك زمن (وقت يشبه يوم القيامة)..
باختصار: الزمن في الرواية هلامي، متعدد، حقيقي، متخيل
​​ استباقي
زمن سردي ارتجاعي
آني/ حاضر.
كل الأزمنة تجدها، ولكل وظيفته وسياقه.
وبين الزمان والمكان (الأمكنة) تتشكل الأحداث، ويتضح دور الشخصيات، وحركتهم اللولبية تجسيداً وتشخيصاً للفعاليات، وربطاً للاحداث، وبناءاً للهياكل الروائية وهنا تبدو كل الشخصيات/ داخلية من أهل (الدانة) فالضباع هم رجالها، والطبقة الأرستقراطية المرفهة، والصيادون هم الطبقة الكادحة والمغلوبة على أمرها، والمبروكة هي الفانتازيا والأسطورة، والخيال اللاواقعي و(درة) يبدو أنها بطلة الرواية لأنها بدأت بها وانتهت معها!!
ويجيء الأبطال الثانويون أو الشخوص المكملة للرواية: محمد – خضر – لؤلؤة – جمانة – مازن، م – ط – ر (مطر).
وفي المشاهد الخلفية نجد أم خضر جدة درة، ووالدة درة، بدون أسماء ولا مسميات!!
وهنا يأتي دور (الوصف) لتجميل الصورة للأشخاص، أو بيان جماليات القبح أو إلباسها ما يجعل منها كائناً سردياً.
وبذلك فالشخوص الروائية/ عامل أساس، وأحد أعمدة الحبكة الروائية.
نعم هي شخصيات تخيلية، ولكن لها ما يقابلها في الواقع!! نعم هي من صناعة (الروائية) وهي التي تخلقهم وتجعل لكل منهم مسارها السردي، لكنها (أصلاً) اختارتهم من الواقع والتاريخ والذكريات والثقافة والمجتمع!!
هناك شخصيات رئيسة.. وهناك شخصيات ثانوية تدور عليها الأحداث ولها تمرحلاتها وتطوراتها وهناك شخصيات ثانوية وهي الشخصية المساندة والمساعدة لإبراز (البطل). وهناك شخصيات نامية ومتنامية يكتشفها القارئ بحركيتها وتمرحلاتها. وهناك شخصيات ثابتة ليس لها حراكاً/ غير متطورة ولا متحولة ولا متغيرة. هناك شخصيات عميقة وهناك شخصيات مسطحة!!
وفي حال روايتنا هذه نجد هذه الأنواع والصور من الشخصيات التي قامت عليها الحبكة الروائية والأحداث المتتالية ويمكن إفرادها بدراسة مستقلة!!
ختـــام:
من جماليات الرواية فن التراسل والمراسلات حيث يقف القارئ على كم كبير من الرسائل الواتسية (المعاصره) أما في الماضي كانت الرسائل ورقية.
رسائل عشقية تتجلى فيها المعاني والصور والمشاعر والأحاسيس.
انظر: رسالة خضر الأخيرة إلى درة (ص 212 – 213).
رسالة محمد إلى جمانه (ص 206 – 207).
رسالة مطر (م – ط – ر) إلى درة (ص 188 – 189).
رسالة مطر (م – ط – ر) إلى درة (ص 175 – 176).
رسالة مطر (م – ط – ر) إلى (درة ص 171 – 172).
وهذه كلها تجير للكاتبة/ المؤلفة فهي نصوصها التي لو جمعت وأخرجت في كتاب باسم (الرسائل الغرامية) لتنازعته أيادي القارئات/ الصغيرات والعاشقات المبتدئات!!
وأخيراً…
من الجماليات الروائية في هذه الرواية ربط النهايات بالمقدمات فيما نسمية الحلقة الدائرية للرواية…
في نهاية الرواية بعد انتحار (درة) قوقعة أخرى راحلة من رمل البحر…
في بداية الرواية حالة الدانة: قوقعه تنزلت من السماء وهبطت للأرض ومصيرها من التراب إلى التراب.. إلى الهلاك والنسيان!! وأخشى أن تكون (الرواية) (همهمة المحار) هي قوقعه أخرى تنزلت من السماء وهبطت إلى الأرض ثم غارت في التراب لتولد من جديد رواية جديدة.
والحمد الله رب العالمين.

* وكانت البداية مساء الأحد 2/4/1446هـ
وما بينهما استراحات وتواصل قرائي/ نقدي/ تحليلي

د. يوسف العارف

شاعر وناقد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى