
يعدُّ الاقتصاد رافدًا من روافد تحقيق التنمية المستدامة، إذ تتنوع مصادر اقتصاديات الدول والتي تعمل على نهضة المجتمع وتماسكه، شريطة أن يتم ذلك بشكل عادل بين أفراده. وفي ضوء أهداف التنمية المستدامة والتي حددتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ٢٠١٥، والمتمثلة في القضاء على الفقر والجوع، وتعزيز الصحة والرفاه، وتوفير التعليم الجيد، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان المياه النظيفة والنظافة الصحية، والطاقة النظيفة، وتوفير فرص العمل اللائق ونمو الاقتصاد، وتعزيز الصناعة والابتكار، وتطوير المدن والمجتمعات المحلية المستدامة، وتعزيز الاستهلاك والإنتاج المسؤولين، ومواجهة التغير المناخي، والحفاظ على الحياة تحت الماء وفي البر، وتعزيز السلام والعدل، وبناء الشراكات لتحقيق الأهداف.
ونتيجة لسوء إدارة النفايات، التي تتجلى في الرمي والحرق والدفن، وعدم الاستفادة منها، ظهرت تأثيرات سلبية على البيئة، أدت إلى استهلاك غير عادل للموارد الطبيعية وسوء في استخدامها، وإلحاق الضرر بصحة الكائنات الحية، وسوء تفشي الأمراض. وفي هذا السياق؛ برزت عدة أنماط اقتصادية، من بينها الاقتصاد الدائري، الذي يركز على إعادة تدوير النفايات للاستفادة منها في صناعات أخرى بدلاً من التخلص منها، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وقد عملت المملكة العربية السعودية على تبني و تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري، كجزء من أهداف رؤية ٢٠٣٠، من خلال مجموعة من المبادرات ومنها، تقليل الانبعاثات الكربونية، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، وتعزيز وسائل النقل الأخضر، بالإضافة إلى نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك والإنتاج، وزيادة الوعي بإدارة النفايات، وإعادة الاستخدام والتدوير.
ويعدُّ علم الاقتصاد أحد علوم مناهج الدراسات الاجتماعية. ومما لا شك فيه؛ فإن تطوير المناهج الدراسية يُعتبر من العوامل الأساسية لتحسين العملية التعليمية. لذا؛ فإن وظائف التعليم تلعب دورًا حيويًا في تعزيز السلوكيات الإيجابية لدى الطلبة، وتعديل السلوكيات السلبية، لمساعدتهم في مواجهة التحديات التي قد تعترضهم، وتحليلها، والبحث عن حلول مبتكرة لها، كل ذلك يتطلب بيئة مدرسية متكاملة، تبدأ من إعداد المعلم إعدادًا يدفعه لتقديم كل ما هو جديد ومواكب للتطورات التعليمية بما فيها من أنشطة تعليمية، وزيارات، ورحلات، وتقنيات إلكترونية، والإلمام بالنماذج والاستراتيجيات التدريسية الملائمة لمفاهيم الاقتصاد الدائري، للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تتماشى مع رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠.
وعليه؛ فإن إدراج الاقتصاد الدائري كتوجه حديث، ضمن مناهج الدراسات الاجتماعية، أمرٌ بالغ الأهمية، والذي سيسهم في تمكين الطلبة من إدارة واستثمار الموارد والمصادر الطبيعية بشكل فعّال، مما يؤدي إلى بناء مجتمع اقتصادي ناجح.
• باحثة في مجال المناهج وطرق تدريس الدراسات الاجتماعية